أدانت منظات حقوقية، اليوم الخميس، جريمة اغتيال الناشط الفلسطيني نزار بنات على أيدي الأجهزة الأمنية عقب اعتقاله فجر اليوم من بيته جنوب الخليل.
ونظرت الهيئة المستقلة لحقوق الإنسان "ديوان المظالم" بخطورة بالغة لحادثة وفاة الناشط نزار بنات المرشح السابق عن قائمة الحرية والكرامة لانتخابات المجلس التشريعي (44 عاماً) والذي تم إعلان وفاته بعد وقت قصير من اعتقاله من قبل قوة أمنية كبيرة عند الساعة الثالثة فجراً.
وشرعت الهيئة بالتحقيق وجمع المعلومات حول حادثة الوفاة وستشارك في تشريح الجثمان من خلال طبيب شرعي منتدب من قبل الهيئة، وستعلن نتائج التحقيق التي تتوصل اليها فوراً.
من جانبه، أعربت المرصد الأورومتوسطي لحقوق الإنسان عن صدمته البالغة من ملابسات مقتل الناشط السياسي الفلسطيني المعارض "نزار بنات"، بعد تعرضه للاعتقال والاعتداء المباشر من قبل الأجهزة الأمنية الفلسطينية.
ودعت المرصد الأورومتوسطي إلى فتح تحقيق جدي وعاجل ومستقل فيما حدث، سّيما وأن كل ملابسات الحادثة تشير إلى عملية تصفية متعمدة لإخماد صوت معارض بقوة لسياسات السلطة الفلسطينية.
وبحسب متابعة الأورومتوسطي، وما أفادت به عائلة "بنات"، ففي حوالي الساعة 3:30 فجر اليوم الخميس الموافق 24 يونيو/حزيران 2021، اقتحمت قوة أمنية مشتركة مكونة من 25 عنصرًا من جهاز المخابرات والأمن الوقائي الفلسطينيين المنطقة الجنوبية في الخليل، وداهمت منزلًا كان يقيم فيه المعارض السياسي "نزار خليل محمد بنات"، واعتدت عليه بالضرب المبرح بالهراوات على رأسه أثناء نومه وأقدمت على رشّه بغاز الفلفل فور استيقاظه. وتسبب الاعتداء بفقدانه وعيه، وبعد استيقاظه، اعتدت عليه القوة الأمنية واعتقلته عاريًا ونقلته إلى جهة غير معلومة. وفي حوالي الساعة 6:45 صباحًا نقل إلى مستشفى الخليل وأعلن هناك وفاته متأثرًا بما تعرض له من تعذيب وضرب وحشي، يرقى إلى عملية تصفية متعمدة.
بدوره، أعلن محافظ الخليل "جبرين البكري" فيما بعد عن وفاة "نزار بنات" خلال اعتقاله من الأمن الفلسطيني، وقال المحافظ خلال بيان صحفي إنه "على إثر مذكرة إحضار من النيابة العامة لاعتقال المواطن نزار خليل محمد بنات قامت فجر اليوم قوة من الأجهزة الأمنية باعتقاله، وخلال ذلك تدهورت حالته الصحية وفوراً تم تحويله الى مشفى الخليل الحكومي وتم معاينته من قبل الأطباء حيث تبين أن المواطن المذكور متوفي وعلى الفور تم ابلاغ النيابة العامة التي حضرت وباشرت بإجراءاتها وفق الأصول".
فيما نفت عائلة بنات، رواية محافظ الخليل، وأكدت على تعرض نزار للضرب والعنف، موجهة الاتهام لعناصر الأمن الفلسطيني بتصفيته.
وأكّدت الأورومتوسطي على أن منزل المعارض السياسي "نزار بنات"، والذي كان مرشحًا ضمن قائمة "الحرية والكرامة" في انتخابات المجلس التشريعي الفلسطيني -التي أُجلّت بقرار من الرئيس الفلسطيني "محمود عباس"- كان قد تعرض في 1 مايو/أيار الماضي لإطلاق نار وقنابل غاز مباشرة في ذروة عملية التحضيرات لانتخابات المجلس التشريعي، ولكن نجت أسرته من الحادث.
وجاء هذا الاعتداء في ذروة تحريض وتهديد ضده عقب قيام القائمة المرشح ضمنها بتوجيه رسالة لممثلي الاتحاد الأوروبي في فلسطين، تعلن فيها اعتزامها التوجه إلى المحاكم الأوروبية لطلب وقف الدعم المالي عن السلطة بسبب تأجيل الانتخابات.
تعرض الناشط "بنات" للاعتقال السياسي عدة مرات بما في ذلك تحريك دعاوى قانونية مسيسة ضده على خلفية معارضته الشديدة لسياسات السلطة الفلسطينية وانتهاكات الأجهزة الأمنية في الضفة الغربية.
واعتبرت الأورومتوسطي أن ما حدث تطورًا خطيرًا على صعيد الانتهاكات التي تمارسها الأجهزة الأمنية الفلسطينية، والتي شهدت تصاعدًا ملحوظًا منذ وقف الهجوم العسكري "الإسرائيلي" على غزة في 21 مايو/أيار الماضي، حيث سجل نحو 150 حالة اعتقال واستدعاء على خلفيات سياسة تتعلق بالنشر وحرية الرأي والتعبير، فيما تعرض العديد من الناشطين لعمليات تعذيب ممنهجة خاصة في سجن أريحا.
وأعربت عن خشيتها على حياة بعض المعتقلين نتيجة تعرضهم لتعذيب مستمر، بمن في ذلك "محمد أمين البشتاوي" المعتقل منذ أربعة أيام لدى جهاز الأمن الوقائي في نابلس.
وأشارت الأورومتوسطي إلى أن هذه الانتهاكات تأتي في سياق واضح متعلق بتكميم الأفواه وتوجيه رسالة تهديد لإرهاب وإسكات الناشطين والمعارضين، سيّما بعد تأجيل الانتخابات الفلسطينية التي كان يتطلع الفلسطينيون أن تكون بوابة للتغيير الديمقراطي وتجديد الشرعيات الفلسطينية.
وأوضحت أن العشرات من الناشطين وأعضاء الحملات الانتخابية تعرضوا للاعتقال أو الاستدعاء أو التهديد في الأسابيع الأخيرة من الأجهزة الأمنية الفلسطينية.
وأدانت الأورومتوسطي مقتل "نزار بنات"، مطالبة بفتح تحقيق جدي ومستقل، يُحاسب فيه كل المتورطين في مقتله، وكذلك الإفراج عن جميع المعتقلين على خلفية سياسية أو حرية الرأي والتعبير.