نحو الخروج بالاستنتاجات اللازمة والصحيحة

صلاح هنية.jpg
حجم الخط

بقلم: صلاح هنية

يجب أن نعيد فحص معايير حرية الرأي والتعبير ونعيد فحص مكونات وثيقة الاستقلال التي هتفنا ورقصنا لها ونظمنا عشرات المؤتمرات لاستخلاص القيم التربوية منها وحقوق الإنسان منها وحرية الرأي والتعبير، لم يعد هناك متسع من الوقت لممارسة رفاهية الشعر والأدب، لا يوجد متسع من الوقت لنمارس العفاف ونقول: كنا وفعلنا وسمحنا ومارسنا الديمقراطية ونسوق أدلة منذ عشرين عاما مضت، لم يعد مجديا أن نربط بين الفتن ما ظهر منها وما بطن بواقعنا.
آن أوان إعادة فحص كيف تصدر الأوامر للتنفيذ وما هي ضمانة تنفيذها بمهنية والتزاما بالتعليمات التي يجب ان تكون موافقة للقانون، ونفحص كيف يتهرب الكل من هذه التعليمات، ويجب أن يخضع الجميع للمساءلة في ملف حساس وهو الأمن، بينما يخضع موظف اتهم انه اختلس 1000 شيكل من مكتب دائرة السير أو جباية يوم من قبل موظف بلدية وتقام الدنيا ولا تقعد بينما لا نفحص ولا نقيم الأشياء الحساسة التي تمس حياة الناس وأمنهم وأمانهم.
الناس استعادوا الثقة بأنفسهم وإمكانياتهم الذاتية في هبة القدس وفي بيتا ونعلين والشيخ جراح وباب العامود، وبات الأطفال والشباب والشيوخ يخطون في صفحات التاريخ صفحة جديدة ناصعة، وشدت الجماهير همتها تجاه مقاطعة المنتجات الفلسطينية وصاغت فيها قصة نجاح بينما تراجعت الوزارات وجهات الاختصاص الرسمية، واستمرت مبادرات المقاطعة وأسست لتكون مستمرة وممأسسة، وانخرطت البلديات في المبادرات بإمكانياتها، وفجأة، تأتينا وفاة نزار بنات في خضم هذه الجاهزية الجماهيرية العالية والانطلاق صوب الميدان لتعيدنا الى مربع الانطفاء وتضخيم الخلاف الداخلي.
لم تبدأ الحكاية مع وفاة المرحوم نزار بنات ولن تنتهي معه، المشكلة أننا سنقف مشدودين للمشهد ونذهب باتجاه السؤال: هل حقا نحن من مدحنا انفسنا وقلنا إننا محصنون؟. ولن يكون السؤال مشروعا أن (الأمر الواقع في غزة سيستغلون الحدث ويصعدونه استخداما لتعميق الخلاف الداخلي) وهذا ليس مبررا لكي لا نعيد تقييم تعاملنا مع حرية الرأي والتعبير، نعم، نحن لسنا استثناء ولكن بإمكاننا أن نحسن التصرف ونكون جزءا من سيادة القانون واستقلالية القضاء ولا يجوز أن نكون جزءا من اختراقه وتدميره.
دعونا نعترف أن مؤسسات العمل الأهلي والأحزاب والقوى لم تتمكن من أن تشكل رافعة لمعالجة حالة الاحتقان وتحقيق نجاحات في إطار سيادة القانون واستقلالية القضاء، وهذا فراغ يقود لبروز ظواهر وأصوات عديدة لا يجوز التعامل معها على أنها خارجة عن القانون.
لنعترف أن حركة التحرير الوطني الفلسطيني – «فتح» صنعت فراغا غير مسبوق وغابت كحركة وتنظيم، وحضرت في الميدان وكل مكان ككوادر وعناصر دون وضوح حضور «فتح»، وما أن قررت عقد مجلسها الثوري وتوجيه خطاب للجماهير جاءت وفاة بنات. اعتقد أن «فتح» الأقدر على مواجهة تحديات هذا الواقع فورا من خلال اتخاذ قرارات حاسمة للمحاسبة وتكريس سيادة القانون.
أتمنى على الجميع أن يكتب بما يعرف وألا يخوض في النقاش دون معلومات حتى لا نقع في الفتنة من حيث لا ندري، انصح الجميع أن نكون يدا واحدة للضغط من أجل اتخاذ قرارات حاسمة واضحة سريعة.