لا يقتصر الدور السياسي / الاجتماعي السلبي الذي تقوم به الجماعات السلفية، خاصة بعد أن تحول كثير منها إلى السلفية الجهادية، التي انتقلت من مجال الدعوة الحسنة إلى حالة فرض الفكر بالقوة، والقوة العسكرية المسلحة، منذ أن نجحت الثورة الإسلامية في إيران بإسقاط نظام الشاه قبل أكثر من 35 سنة، حيث بدأ شيئا فشيئا تحول في صفوف تلك الجماعات نحو تكفير المجتمع ومحاولة الانقلاب على أنظمة الحكم القائمة بالقوة، لا يقتصر دورها بالارتداد عن كل ارث حركة التحرر العربية على الصعيد السياسي، أي إسقاط الأنظمة التي أتت بها، دون محاربة الاستعمار الغربي الحديث، متمثلا بإسرائيل أولا، ومن ثم بالوجود العسكري الغربي / الأميركي ثانيا، والقائم بشكل صريح من خلال القواعد العسكرية، بل والذهاب للتحالف مع قوات الغرب / الأميركي إن كان في ليبيا أو العراق في فترات متباعدة، أو حتى في سورية، بل إنه ذهب أبعد من ذلك بكثير من خلال نجاح بعض هذه الجماعات في السيطرة على بعض المناطق وإعلان «دولها» فيها، ومن ثم محاولة العودة بالمجتمع إلى الوراء بعيدا، وصولا للعصور الوسطى، بكل ما يتخللها من مظاهر العبودية والاضطهاد والقمع.
أول وأهم نموذج للدولة المستبدة / المتخلفة كان نموذج طالبان في أفغانستان، حيث فرضت قيوداً على المجتمع بكافة شرائحه وفئاته، ولم يسلم من هذه القيود المتزمتة، لا شاب، رجل، امرأة، كهل أو فتاة، وكان بالطبع القمع الواقع على النساء هو الأشد، لدرجة منعهن من التحصيل المدرسي إضافة بالطبع إلى فرض الحجاب والنقاب، وإطالة اللحى وعدم السماح بإعمال العقل أو إشهار أي أفكار ليبرالية أو علمانية، ووصلت الأمور إلى حد تزويج الفتيات القاصرات، والتعامل معهن كسلعة تباع وتشترى، ولعل وصول «داعش» إلى درجة «بيع» النساء اللواتي ينتمين للطوائف الأخرى غير المسلمة / السنية، ممن تتم هزيمتها في المعارك، مثل الأيزيدية والأكراد، كسبايا، دليل على أن الانحطاط قد وصل بهذه الحالة إلى أبعد مدى.
الفصل بين الرجال والنساء، عمليا يضع المرأة إما في البيت أو في الصفوف الخلفية، فليس هناك من جماعة إسلامية سياسية، بما في ذلك الإخوان، التحرير، وحتى الجهاد، سبق لها أن شهدت مشاركة نسوية في أي مستوى قيادي (مكتب سياسي مثلا) ولا كناطق إعلامي أو مسؤول موقعي أو ميداني، باستثناء احتلال المرأة لبعض المواقع البرلمانية لأن نظام الانتخابات (الفلسطيني كمثال) كان يشترط تمكين الموقع الثالث للنساء على القوائم، ورغم ذلك وما أن بدا الصراع على السلطة محموما، حتى تلاشى ظهور نائبات حماس بالتشريعي عن الفعل السياسي، ولا احد يكاد يتذكر اسم واحدة منهن!
إن نظام حكم الجماعات الإسلامية المتشددة إنما يعيد النساء إلى عصر الحريم، والشواهد عديدة، رغم أن حكم هذه الجماعات لم يدم طويلا، فبعد أن حققت النساء تقدما مهما وملحوظا، إن كان على صعيد التعليم والعمل، أو على صعيد المشاركة السياسية، الاجتماعية، الثقافية والاقتصادية خلال نحو نصف قرن من قيادة حركة التحرر العربية للمجتمعات العربية، فإن سيطرة الإسلام السياسي (بما في ذلك الإخوان المسلمون في مصر والنهضة في تونس) على مقاليد الحكم والتحكم في أكثر من بلد عربي، دفع بمكانة المرأة إلى الوراء والتراجع بما حققته وأنجزته، ويكفي للتدليل على ذلك الإشارة إلى أن مكانة المرأة المصرية تتذيل ترتيب الدول العربية الاثنتين والعشرين، بعد نحو قرن من كفاح المرأة المصرية من اجل المساواة.
ويكفي هنا الاكتفاء بالقول إن تسع نساء فقط نجحن في انتخابات العام 2012 في مصر من أصل نحو ألف امرأة مرشحة، فيما كانت محاولة «النهضة» إسقاط قانون الأحوال الشخصية التونسي والذي يعتبر مفخرة المجتمع التونسي والمنجز خلال فترة ما بعد الاستقلال، أحد أسباب انتفاض المرأة التونسية، ومن ثم احد أسباب سقوط نظام النهضة بعد ذلك.
نظام حكم حماس في غزة، لم يختلف عن تلك التجارب الممتدة من إيران إلى داعش، مرورا بالسودان وطالبان وأنبار الزرقاوي وتجربتي إخوان مصر ونهضة تونس، فمنذ العام 2009 وأسلمة المجتمع قائمة على قدم وساق، ولها عنوان رئيس وهو فرض ما يسمى الزي الشرعي أي الحجاب والنقاب في المحاكم والمدارس وحتى على المذيعات في التلفزيون! والفصل بين الذكور والنساء في المدارس وأماكن العمل، وتابعت هذا النهج العام 2012 بما سمي حملة الفضيلة، ومن ثم عبر سياسة تأنيث التعليم العام 2013.
وقد رافق هذه السياسة تزايد حالات القتل على خلفية الشرف، وزيادة نسبة البطالة في صفوف النساء، وتفشي ظاهرة تعدد الزوجات (شجعت حماس على هذه الظاهرة من خلال جمعية تسيير الزواج في غزة)، ونشر ثقافة التعذير والعنف المفرط ضد النساء، وانتشار زواج القاصرات (51% من نساء غزة تعرضن للعنف العام 2011)
حقوق الإنسان إضافة إلى الأعباء الاقتصادية الناجمة عن سباق التسلح كانت من أهم أسباب سقوط وتفكك الاتحاد السوفييتي والمنظومة الاشتراكية قبل نحو ربع قرن من الآن، وكانت حقوق المواطنة والرغبة في إقامة الدولة المدنية، سببا في سقوط حكم المرشد في مصر، بعد أن تجند الأعلام، الفن، الثقافة، الأقليات، الشباب والنساء ضده، كذلك لعبت النساء اللواتي دافعن عن قانون الأحوال الشخصية دورا في تغلب قائد نداء تونس، الباجي قايد السبسي على مرشح الإسلاميين المنصف المرزوقي في انتخابات الرئاسة التونسية، كذلك كانت «طلبنة» المجتمع الأفغاني رغم الغزو الأميركي أحد أسباب خروج نظام طالبان من أفغانستان، وكان سلوك العنف للزرقاوي سببا في الصحوة، كذلك ممارسة العنف والقتل والذبح والسبي من قبل داعش، سببا في الحملة الدولية / الإقليمية عليها، لذا فإنه يمكن القول إن محاولة كل جماعات الإسلام السياسي، كبت المجتمع ومنع تحرره وتقدمه ستبوء بالفشل، فسرعان ما تتحول معركة هؤلاء من كونها صراعا مع قوى أو نظم سياسية إلى محاربة المجتمع نفسه، وحيث يستحيل عليها أن تلوي عنق التاريخ، فان التاريخ والمجتمع سرعان ما يلفظانها، طال الزمان أو قصر، وإن غدا لناظره قريب !
أول وأهم نموذج للدولة المستبدة / المتخلفة كان نموذج طالبان في أفغانستان، حيث فرضت قيوداً على المجتمع بكافة شرائحه وفئاته، ولم يسلم من هذه القيود المتزمتة، لا شاب، رجل، امرأة، كهل أو فتاة، وكان بالطبع القمع الواقع على النساء هو الأشد، لدرجة منعهن من التحصيل المدرسي إضافة بالطبع إلى فرض الحجاب والنقاب، وإطالة اللحى وعدم السماح بإعمال العقل أو إشهار أي أفكار ليبرالية أو علمانية، ووصلت الأمور إلى حد تزويج الفتيات القاصرات، والتعامل معهن كسلعة تباع وتشترى، ولعل وصول «داعش» إلى درجة «بيع» النساء اللواتي ينتمين للطوائف الأخرى غير المسلمة / السنية، ممن تتم هزيمتها في المعارك، مثل الأيزيدية والأكراد، كسبايا، دليل على أن الانحطاط قد وصل بهذه الحالة إلى أبعد مدى.
الفصل بين الرجال والنساء، عمليا يضع المرأة إما في البيت أو في الصفوف الخلفية، فليس هناك من جماعة إسلامية سياسية، بما في ذلك الإخوان، التحرير، وحتى الجهاد، سبق لها أن شهدت مشاركة نسوية في أي مستوى قيادي (مكتب سياسي مثلا) ولا كناطق إعلامي أو مسؤول موقعي أو ميداني، باستثناء احتلال المرأة لبعض المواقع البرلمانية لأن نظام الانتخابات (الفلسطيني كمثال) كان يشترط تمكين الموقع الثالث للنساء على القوائم، ورغم ذلك وما أن بدا الصراع على السلطة محموما، حتى تلاشى ظهور نائبات حماس بالتشريعي عن الفعل السياسي، ولا احد يكاد يتذكر اسم واحدة منهن!
إن نظام حكم الجماعات الإسلامية المتشددة إنما يعيد النساء إلى عصر الحريم، والشواهد عديدة، رغم أن حكم هذه الجماعات لم يدم طويلا، فبعد أن حققت النساء تقدما مهما وملحوظا، إن كان على صعيد التعليم والعمل، أو على صعيد المشاركة السياسية، الاجتماعية، الثقافية والاقتصادية خلال نحو نصف قرن من قيادة حركة التحرر العربية للمجتمعات العربية، فإن سيطرة الإسلام السياسي (بما في ذلك الإخوان المسلمون في مصر والنهضة في تونس) على مقاليد الحكم والتحكم في أكثر من بلد عربي، دفع بمكانة المرأة إلى الوراء والتراجع بما حققته وأنجزته، ويكفي للتدليل على ذلك الإشارة إلى أن مكانة المرأة المصرية تتذيل ترتيب الدول العربية الاثنتين والعشرين، بعد نحو قرن من كفاح المرأة المصرية من اجل المساواة.
ويكفي هنا الاكتفاء بالقول إن تسع نساء فقط نجحن في انتخابات العام 2012 في مصر من أصل نحو ألف امرأة مرشحة، فيما كانت محاولة «النهضة» إسقاط قانون الأحوال الشخصية التونسي والذي يعتبر مفخرة المجتمع التونسي والمنجز خلال فترة ما بعد الاستقلال، أحد أسباب انتفاض المرأة التونسية، ومن ثم احد أسباب سقوط نظام النهضة بعد ذلك.
نظام حكم حماس في غزة، لم يختلف عن تلك التجارب الممتدة من إيران إلى داعش، مرورا بالسودان وطالبان وأنبار الزرقاوي وتجربتي إخوان مصر ونهضة تونس، فمنذ العام 2009 وأسلمة المجتمع قائمة على قدم وساق، ولها عنوان رئيس وهو فرض ما يسمى الزي الشرعي أي الحجاب والنقاب في المحاكم والمدارس وحتى على المذيعات في التلفزيون! والفصل بين الذكور والنساء في المدارس وأماكن العمل، وتابعت هذا النهج العام 2012 بما سمي حملة الفضيلة، ومن ثم عبر سياسة تأنيث التعليم العام 2013.
وقد رافق هذه السياسة تزايد حالات القتل على خلفية الشرف، وزيادة نسبة البطالة في صفوف النساء، وتفشي ظاهرة تعدد الزوجات (شجعت حماس على هذه الظاهرة من خلال جمعية تسيير الزواج في غزة)، ونشر ثقافة التعذير والعنف المفرط ضد النساء، وانتشار زواج القاصرات (51% من نساء غزة تعرضن للعنف العام 2011)
حقوق الإنسان إضافة إلى الأعباء الاقتصادية الناجمة عن سباق التسلح كانت من أهم أسباب سقوط وتفكك الاتحاد السوفييتي والمنظومة الاشتراكية قبل نحو ربع قرن من الآن، وكانت حقوق المواطنة والرغبة في إقامة الدولة المدنية، سببا في سقوط حكم المرشد في مصر، بعد أن تجند الأعلام، الفن، الثقافة، الأقليات، الشباب والنساء ضده، كذلك لعبت النساء اللواتي دافعن عن قانون الأحوال الشخصية دورا في تغلب قائد نداء تونس، الباجي قايد السبسي على مرشح الإسلاميين المنصف المرزوقي في انتخابات الرئاسة التونسية، كذلك كانت «طلبنة» المجتمع الأفغاني رغم الغزو الأميركي أحد أسباب خروج نظام طالبان من أفغانستان، وكان سلوك العنف للزرقاوي سببا في الصحوة، كذلك ممارسة العنف والقتل والذبح والسبي من قبل داعش، سببا في الحملة الدولية / الإقليمية عليها، لذا فإنه يمكن القول إن محاولة كل جماعات الإسلام السياسي، كبت المجتمع ومنع تحرره وتقدمه ستبوء بالفشل، فسرعان ما تتحول معركة هؤلاء من كونها صراعا مع قوى أو نظم سياسية إلى محاربة المجتمع نفسه، وحيث يستحيل عليها أن تلوي عنق التاريخ، فان التاريخ والمجتمع سرعان ما يلفظانها، طال الزمان أو قصر، وإن غدا لناظره قريب !