إسرائيل أمام لحظة الحقيقة الحاسمة: يهودية أم ديمقراطية؟

حجم الخط

بقلم: جدعون ليفي


يوم الأربعاء القادم، سنعرف هل يريد كنيست إسرائيل دولة يهودية أم دولة ديمقراطية. لا يوجد للكنيست خيار آخر عدا الاختيار بين هذين الخيارين. لا يوجد لإسرائيل أي احتمالية اخرى سوى اختيار أحدهما، واحد فقط من هذين الخيارين.
التصويت على تمديد تعديل قانون المواطنة سيكون لحظة الحقيقة. صحيح أن القانون نفسه غير مهم من ناحية عملية، فإسرائيل ستعرف دائما كيف تتجاوزه، لكن أهميته التصريحية هي المهمة. صحيح ايضا أن إسرائيل اختارت، منذ فترة طويلة، أن تكون يهودية منذ تأسيسها عند سن قانون العودة. منذ ذلك الحين لم تكن هناك أي لحظة لم تكن فيها وفية لهذا الاختيار. جميع قوانينها ونشاطاتها تحددت على ضوء هذا المبدأ، وهو أن تكون دولة يهودية قبل كل شيء. وبعد ذلك، إذا كان بالإمكان، أيضا ديمقراطية. اذا كان بالإمكان فلم لا؟ هذا غير ممكن. الإسرائيليون الذين يعترفون بأنهم الأفضل، ديمقراطيون متشددون أو قوميون متطرفون بشكل علني، يجب تقديرهم على استقامتهم. الخطر يكمن في توجه المضللين، الاغلبية الساحقة التي تقول، إنها تريد أن تكون يهودية وديمقراطية ايضا. وهم على قناعة بأن هذا الامر ممكن. إن افضلية قانون المواطنة، مثل قانون القومية، هي أنه يقتضي الاختيار. هو يثبت أنه لا يمكن أن ترقص في العرسين.
لا يوجد شيء كهذا، ديمقراطية ويهودية. لأنه، يوم الاربعاء، سيكون الكنيست ملزما بالاختيار بين أحدهما. من يفضل دولة يهودية سيصوت مع تمديد التعديل المميز والمثير للغضب لقانون المواطنة، الذي يرسم فجوة واضحة بين حقوق اليهودي وحقوق العربي، مع تفوق واضح لليهودي في كتاب القوانين. ومن يفضل دولة ديمقراطية سيرفع يده بالطبع ضد القانون. الاكثر نفاقا هي الاغلبية الساحقة في الكنيست التي ستقول إنها مع القانون ومع الديمقراطية ايضا؛ والتي ستقول، إن القانون هو قانون مؤقت، فقط سنة اخرى وسينتهي، وأن احتياجات الامن تقتضيه. هؤلاء هم وكلاء المبيعات المخادعون جدا للصهيونية. لا تشتروا منهم سيارة مستعملة. هم سيخدعونكم.
لا أحد يستطيع أن يتعامل بجدية مع ذرائع الاخطار الامنية التي يوجدها كما يبدو الغاء القانون. هل تخيلت إسرائيل ذات يوم منع يهود الاتحاد السوفييتي، الذين هم يهود وأنصاف يهود وأحفاد يهود، من الحصول على الجنسية بشكل تلقائي في إسرائيل بسبب الامكانية الاجرامية الكامنة الضئيلة للاقلية من بينهم؟ الخطر الوحيد الذي تخشى منه إسرائيل في القانون هو الخطر الديمغرافي، حتى لو اعترف القلائل بذلك. ومجرد ذكره - ليس خطرا يكمن من جانب مهاجرين اجانب أو طالبي لجوء، بل من جانب من هم ابناء هذه البلاد، على الاقل مثل اليهود – هو قومية متطرفة غير محتملة. مجرد وجود هذا الخطر في الخطاب يثبت الاختيار الذي قامت به إسرائيل بين اليهودية والديمقراطية. الصهيونية، التي كذبت في البداية حول شعب بدون ارض وصل الى ارض بلا شعب، تريد ايضا أن يكون هنا شعب متفوق في بلاد لم تكن في أي يوم بدون شعب. إسرائيل اختارت أن تكون دولة يهودية مع ضريبة كلامية للديمقراطية. كلما كان هناك تعارض بينهما يكون التفضيل واضحا تحت غطاء الاعتبارات الامنية التي تغطي على كل شيء.
خلال الحرب الاهلية في سورية أراد الرسام من حيفا، عبد عابدي، انقاذ شقيقته التي كانت محاصرة في مخيم اليرموك للاجئين. شقيقته كانت من مواليد هذه البلاد، حيفاوية، من ملح الارض. جميع جهود عابدي لم تساعده، ورغم أنه من مواطني الدولة لم يسمح له بإعادة شقيقته الى مسقط رأسها، حتى عندما كانت حياتها معرضة للخطر. لطفية الكبيرة في السن توفيت قبل نحو سنة في سورية دون النجاح في تحقيق حلمها والعودة الى الوطن الذي طردت منه. شقيقها، أحد مواطني الدولة، لم ينجح في إنقاذها لأنه غير يهودي. ماذا ستقولون لعابدي؟ سموا هذا ما شئتم، لكن هذا ليس ديمقراطية مساواتية. لطفية توفيت في سورية ومعها وهم الديمقراطية الإسرائيلية. يوم الاربعاء القادم، سيتم دق مسمار آخر في هذا التابوت القديم.

عن «هآرتس»