أكد الرئيس الفلسطيني محمود عباس، على أن السلام والأمن لن يتحققا إلا بنهاية الاحتلال الإسرائيلي ونيل شعبنا حقوقه المشروعة.
وجاء ذلك في كلمة مسجلة أمام افتتاح المؤتمر العلمي المحكم الأول "الرواية الصهيونية ما بين النقض والتفكيك"، اليوم الثلاثاء، في مدنية رام الله، عبر تقنية "الفيديو كونفرس"، مع مكتب رئاسة جامعة القدس المفتوحة بقطاع غزة، بحضور رئيس الوزراء محمد اشتية، وعدد من أعضاء اللجنتين التنفيذية لمنظمة التحرير والمركزية لحركة "فتح"، ومسؤولين، ومفوض المنظمات الأهلية وغير الحكومية دلال سلامة، ورئيس الجامعة يونس عمرو.
وجاءت كلمة الرئيس كما يلي:
الأخواتُ والإخوة، الباحثونَ والمشاركون،،،
يَنعقدُ مؤتمرُكُم هذا، في الوقت الذي يَشهدُ الرأيُ العامُ الدوليُ تحولاً تدريجياً للإقرارِ بالروايةِ الفلسطينية، وبخاصةٍ في الولاياتِ المتحدةِ وأوروبا، وهي الدولُ التي أنشأتْ وساهمتْ ومولتْ دولةِ إسرائيل، بل ودافعتْ عن وجودِها وتفوقِها بشكلٍ دائمٍ ولا زالت تتهمُ كلَ من ينتقدُ إسرائيلَ بمعاداةِ السامية، ومن أجلِ ذلكَ قامتْ هذه الدولُ بسنِ القوانينِ لضمانِ ذلك.
أما اليومَ فتشهدُ غالبيةُ المدنِ الأمريكيةِ والأوروبيةِ نشاطاً جماهيرياً واسعاً، بمشاركةِ جالياتِنا الفلسطينيةِ المدعومةِ من المنظماتِ الشعبيةِ المناهضةِ للاحتلالِ والعنصريةِ والتطهيرِ العرقي في تلك البلاد، وبالذات بعد هبّةِ القدسِ وفعالياتِ المقاومةِ الشعبيةِ السلميةِ التي يواصلُها شعبُنا لحمايةِ المقدساتِ الإسلاميةِ والمسيحية، وبخاصةٍ المسجد الأقصى المبارك وكنيسة القيامة.
وكذلكَ عندَ التصدي لمحاولاتِ تهجيرِ أهلِنا من مدينةِ القدسِ وطردِهم من أحيائِها وبخاصةٍ الشيخ جراح وسلوان وغيرها، من خلالِ الاعتداءاتِ الإجراميةِ للمستوطنينَ الذين يُنادون بقتلِ العرب، وبحمايةِ قواتِ الاحتلالِ الإسرائيلي، وما جاءَ بعدَها من اعتداءاتٍ وحشيةٍ على قطاعِ غزة، وسقوطِ المئاتِ من الشهداءِ غالبيتُهم من الأطفالِ والنساءِ والشيوخِ العزل، وتدميرِ آلافِ المنازلِ وتشريدِ ساكنيها إلى المجهول.
لقد أصبحتْ هناكَ قناعاتٌ وتحولاتٌ في الرأيِ العامِ الشعبيِ العالميِ وعلى صعيدِ البرلماناتِ نحوَ إعادةِ الاعتبارِ للروايةِ الفلسطينية، وهذا الأمرُ يَحتاجُ إلى مواصلةِ العملِ والحشدِ للوصول لصناعِ القرارِ في جميعِ هذه العواصمِ للتأكيدِ على أصالة شعبِنا الفلسطيني وحقهِ في أرضهِ وأرضِ أجدادهِ وتحقيقِ الاستقلالِ في دولتِه ذاتِ السيادةِ بعاصمتِها القدس.
إنني أُحيي الجهودَ المبذولةَ لعقدِ هذا المؤتمِر الذي يُفندُ وينقضُ الروايةَ الصهيونيةَ التي تزيفُ الحقيقةَ والتاريخ، والتي تؤكدُ جميعُ الوثائقِ والأبحاثِ أنها صناعةٌ استعمارية.
لقد خَطَّطوا ونَفذّوا وموَّلوا لزرعِ إسرائيلَ كجسمٍ غريبٍ في هذهِ المنطقةِ لتفتيتِها وإبقائِها ضعيفة، وقامتْ قوى الاستعمارِ في القرنينِ التاسعِ عشر والعشرين، بتنظيمِ هجرةِ اليهودِ إلى فلسطينَ بعدَ إصدارِ وعدِ بلفور، الذي صاغته كل من أمريكا وبريطانيا، وفرضته في صكِ الانتدابِ البريطاني وميثاق عصبة الأمم، وصولاً لإصدارِهم قرارِ التقسيمِ رقم 181 عام 1947، واعترافِهم بدولةِ إسرائيل، ومواصلةِ العملِ على حمايتِها، الأمرُ الذي تسببَ بتهجير أكثرَ من نصفِ أصحابِ الأرضِ الأصليينَ منَ الفلَسطينيين، والذينَ أصبحوا أكثر من 6.5 مليون لاجئ.
وعلى الرُغمِ من قبولنِا بتسويةٍ تاريخيةٍ مؤلمةٍ بالاعترافِ بدولةِ إسرائيل على حدودِ العام 1967، وفقَ قراراتِ الأممِ المتحدة 242، 338، وتوقيعِ اتفاقِ أوسلو في العامِ 1993، فقدْ نقضتْ إسرائيلُ هذهِ الاتفاقيات، واستمرتْ في عملياتِ سرقةِ الأراضي وإنشاءِ المستوطناتِ وخلقِ نظامِ فصلٍ عنصريٍ وتطهيرٍ عرقيٍ بالقوةِ العسكرية.
الأخوات والإخوة،،،
لقد أثبتتْ الأحداثُ وهبّةُ القدسِ الأخيرةُ أنَّ الشعبَ الفلسطينيَ في جميعِ أماكنِ تواجدهِ هو شعبٌ أصيلٌ يعتزُ بانتمائهِ وهويتهِ الفلسطينية.
وكما يعلمُ الجميعُ فإننا أفشلْنا ما يُعرفُ بصفقةِ القرن، وظهرَ جلياً للجميعِ أنّ ما يُسمى باتفاقياتِ أبراهام التطبيعيةِ هي وهمٌ لَنْ يُكتبَ له النجاح، وأن السلامَ والأمنَ لن يتحققَا إلا بنهايةِ الاحتلالِ ونيلِ الشعبِ الفلسطيني حقوقه بالحريةِ والاستقلالِ والدولةِ بعاصِمتها القدس.
الأخواتُ والإخوة،،،
لقد بدأَ العالمُ يرى إسرائيلَ على حقيقتِها، دولةَ احتلالٍ وفصلٍ عنصري، وأنا على ثقةٍ أنّ مساهمةَ الباحثينَ والمشاركينَ في هذا المؤتمرِ سيكونُ لها أثرٌ هامٌ لتوضيحِ وشرحِ حقيقةِ الأساطير والرواياتِ الكاذبةِ لهذا المشروعِ الصهيوني، الذي صنعتْهُ دولُ الغربِ لأهدافٍ استعماريةٍ بحته.
وبهذه المناسبةِ، أُؤكدُ لكمْ بأنّنا نفتخرُ بشعبِنا الفلسطينيِ الصامدِ على أرضهِ وفي مخيمات اللجوء، وبكلِ شعبنا الفلسطينيِ وجالياتِنا في الشتاتِ الذين يقومونَ بعملٍ تاريخيٍ وكبيرٍ لتأكيد الحقائق وكشف الأكاذيب ولدعمِ شعبهمِ وحقهمِ في دولتِهم المستقلِة بعاصمتِها القدس.
تحية تقديرٍ واعتزاز للشعوبِ والمنظماتِ والبرلماناتِ والدولِ التي تقف إلى جانبِنا لتثبيتِ حقنا، تحية لأهلنا المرابطين في القدس، تحية لأهلنا الصامدين في مخيماتِ اللجوءِ في الوطنِ والشتات، تحية إكبارٍ لشهدائِنا ولأسرانا وجرحانا البواسل، والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته.