لافاش كي - ري؟!

حسن البطل
حجم الخط

لا أعرف نسبة الدسم في جبنة المثلثات الفرنسية ماركة «البقرة الضاحكة - لافاش كي - ري» لكن سناتور ولاية ماساتشوستس - سابقاً، ورئيس لجنة العلاقات الخارجية في الكونغرس - سابقاً، ووزير الخارجية حالياً، السيد جون كيري، قدّم للفلسطينيين جبنة منزوعة الدسم، او «اولترا - لايت»! في جولة اليوم الواحد، او اليومين، التقى أولاً رئيس حكومتهم. هذا يعني في البرتوكول انه يريد معرفة ماذا ستقدم اسرائيل، لينقله الى رئيس سلطتنا. جولة كيري جاءت بعد أسبوعين من قمة التصافي بين اوباما - نتنياهو، واجتماع الأخير بالمستر كيري، حيث لوّح نتنياهو برزمة من بوادر حُسن النية إزاء الفلسطينيين. في لقائه نتنياهو افصح هذا عن صفقة بين البوادر الإسرائيلية وبين ما يقابلها من مطالب إسرائيلية من أميركا، وفحواها: جغرافيا لإسرائيل مقابل الاقتصاد لفلسطين؟ يعني؟ أن تعترف واشنطن بالكتل والمستوطنات الكبرى، شرطاً لتسهيلات اقتصادية، قد تشمل السماح للسلطة بالبناء في المنطقة (C). كان الرئيس بوش - الابن قد كافأ شارون على الانسحاب من غزة بإعلانه ان «الخط الأخضر» لم يعد واقعياً، اي خاضعاً للتفاوض على ترسيم حدود جديدة بين إسرائيل وفلسطين. الفلسطينيون وافقوا على تعديلات جغرافية طفيفة، متبادلة ومتكافئة في المساحة والقيمة، وأميركا سبق لها وقالت: ستكون مساحة فلسطين مساوية لمساحة الاراضي الفلسطينية المحتلة ١٩٦٧. الاستيطان اليهودي يبدو، ظاهرياً ثلاثة انواع: في نطاق القدس الموحدة والموسعة، في الكتل الاستيطانية، في «المستوطنات الكبرى» خارجها، ومجموعها ينفي الفكرة الأميركية عن دولة فلسطينية «متواصلة ومترابطة». حسناً، كان نتنياهو قد تملّص من صفقة رزمة في جولة كيري المكوكية التي طالت تسعة شهور، كانت فيها الضفة الغربية هادئة. أيضاً، تملّص نتنياهو من اتفاقية واي ريفر مع عرفات، وبدلاً من مفاوضات حول الوضع النهائي، قبل عرفات نبضة ثالثة في انسحاب إسرائيل من ١٣،١٪ من الضفة وكان كلينتون حاضراً. كان اعتراف بوش - الابن بالكتل الاستيطانية مشروطاً بمفاوضات فلسطينية - إسرائيلية. لكن صار مطلب الاعتراف الأميركي بالكتل والمستوطنات الكبرى مقايضة إسرائيلية بين التوسع والضم الجغرافي وبين تقديمات اقتصادية للسلطة مشروطة بالهدوء. اذا اعترفت واشنطن بالكتل والمستوطنات الكبرى، تكون قد اعترفت بمستوطنات القدس الشرقية، اي اعترفت بالقدس الموحدة والموسعة الإسرائيلية. لاحظوا ما يلي: بعد قمة المهادنة بين اوباما - نتنياهو، وافق الأخير على توسيع مستوطنة «رامات شلومو» في القدس الشرقية، لصق مخيم شعفاط، وكانت باشرت البناء فيها عام ٢٠١١، مع زيارة جون بايدن، ما أثار أزمة في علاقات اميركا مع اسرائيل. اذا اعترفت اميركا بالكتل والمستوطنات الكبرى، مثل معاليه ادوميم، قد تطالب، لاحقاً، بربط المستوطنة بمستوطنات القدس الشرقية، اي مشروع E2، بما يفصل الضفة تماما عن القدس الشرقية. في الأمر ما يذكرّ بوعد بلفور، حيث «أعطى من لا يملك وعداً لمن لا يستحق» وكان هذا «وعداً» وليس «أرضاً» جغرافية تجعل «حل الدولتين» غير واقعي، وكذا موضوعة القدس عاصمتين لدولتين. نتنياهو لم يعط كيري جواباً على سؤال اوباما له: هل الحل بدولتين، او دولة ثنائية القومية، ولا حتى تنفيذ نبضة انسحاب ثالثة كما في اتفاق قمة واي ريفر ١٩٩٨. ماذا إذن؟ في لقائه نتنياهو كرّر كيري معزوفة «حق إسرائيل في الدفاع عن نفسها» وليس حق فلسطين في تقرير مصيرها. في لقائه رئيس السلطة، قال: «عقدنا محادثة طويلة وبناءة جداً وجادة مع الرئيس عباس» وفسرها بـ «استعادة ثقة الناس في قدرة حل الدولتين لأن يبقى قابلاً للحياة، وان يتحقق في مرحلة ما» و«سنواصل العمل قدر الإمكان ليتحقق في مرحلة ما». كان نتنياهو قال: لا دولة فلسطينية في ولايته الثالثة، وكان اوباما نفض يده من دولة فلسطينية في ولايته الثانية .. لكن حل الدولتين قد يتحقق «في مرحلة ما»، بما يعني «نسقيك بالوعد يا كموّن». في اميركا يقولون ان كيري هو انجح رئيس للجنة العلاقات الخارجية في الكونغرس، منذ ترأسها وليم فولبرايت، صاحب برنامج المنح الأكاديمية الأميركية لطلاب العام الثالث، وهو برنامج مستمر حتى الآن. الآن، يهدّد الكونغرس بتجميد المساعدات الأميركية لفلسطين، أي قبل ان تهدّد إسرائيل بحجب أموال المقاصة عن السلطة، بينما تفكر واشنطن بزيادة المساعدة العسكرية السنوية لإسرائيل؟ لا يوجد ماء (حل سياسي) في حارة السقائين.. فلماذا جاء جون كيري بلا ماء وبلا حل.. وطرح جبنة لافاش كي - ري منزوعة الدسم؟!

حسن البطل