أخطأت إسرائيل عندما لم تضرب "حزب الله" بقوة أكبر

حجم الخط

بقلم: يوآف ليمور

 


كان لحرب لبنان الثانية الكثير من الإيجابيات التي ذكرت في التقييم، ومن العيوب أكثر مما ذكر فيه.
في منظور من 15 سنة، فإن إيجابيتها الواضحة هي الهدوء التام وغير المسبوق الذي نتج عنها في الحدود الشمالية. وتمثلت عيوبها في القوة العسكرية الضخمة التي جمعها «حزب الله» اثرها وفي ميزان الردع المتبادل مقابل إسرائيل.
دخل الجيش حرب العام 2006 دون استعداد. لم يكن لدى قيادة الشمال خطط محددة للحرب في لبنان، وكان عدد المواقع المستهدفة لدى «حزب الله» قليلا. بمعنى ان إسرائيل عملت من خلال العواطف وليس من خلال التفكير، لكي تنتقم لعملية اختطاف ايهود لدفسر والدد ريغف، وذلك بعد اختطاف غلعاد شاليت في غزة قبل ثلاثة اسابيع. وكانت النتيجة مسيرة فوضوية من إصدار القرارات، تمركزت حول البحث عن صورة انتصار، لم تتحقق.
في حرب لبنان الثانية تحددت خطة العمل لدى منظمات «الارهاب»، والتي ظهرت أيضا في العملية الأخيرة في غزة، واستخدام الاماكن السكنية والسكان كسواتر لاطلاق الصواريخ على المناطق الإسرائيلية، وخلق الازمة لدى الجانب الإسرائيلي. اذا هاجم الجيش الإسرائيلي من الجو، سيقتل مدنيين كثرا، وتنشأ معارضة عالمية، واذا هاجم الجيش بالمشاة، سوف تقابله أفخاخ كثيرة، وعبوات ناسفة، وصواريخ مضادة للمدرعات، وأنفاق وغيرها لقتل الجنود واختطافهم.
دفع نمط العمل البسيط هذا الطرفين، حزب الله والمنظمات «الارهابية» في غزة، إلى سباق تسلح، بدءا من تخزين كميات كبيرة من الصواريخ، بداية صواريخ اعتباطية، وأخيرا، ذات دقة عالية، وذلك لضرب أهداف مهمة في قلب إسرائيل. تزودت المنظمة كذلك بوسائل قتالية عديدة، طائرات بدون طيار وغيرها، وصواريخ ضد السفن، وكذلك قدرات تحت مائية، وقدرات السايبر والفضاء الالكتروني والتي من شأنها التشويش على عمليات الجيش. والهدف جباية ثمن مرتفع من إسرائيل. واذا اضفنا لذلك خطة الحزب «لاحتلال الجليل» – الدخول الى المناطق الإسرائيلية والاستيلاء على مستوطنة او موقع كامل – فإننا نفهم كم كانت عملية افشال خطط الأنفاق خاصته دراماتيكية، وكذلك كم ستكون الحرب القادمة في الشمال معقدة.
اجتاز الجيش الإسرائيلي هو الآخر طريقا طويلة فيما توجب عليه ان يفعل منذ العام 2006. بعد تلك الحرب ظهرت إلى العلن «القبة الحديدية»، وبعد ذلك جاءت المنظومة التي تستهدف الصواريخ متوسطة المدى، بما فيها الصواريخ الملاحية ذات الاجنحة، والتي شكلت بمجملها النجم غير المتوج للعمليات الاربع الاخيرة في غزة.
تزود الجيش كذلك بمنظومة «بساط الريح» للدفاع في مواجهة الصواريخ المضادة للدروع، وقد حسن بشكل اساسي قدراته الهجومية، مع التركيز على تجميع عشوائي لآلاف الأهداف حتى تتمكن الحرب القادمة من جباية ثمن مرتفع من «حزب الله» تدفعه للتفكير من الأساس فيما اذا اراد الدخول فيها.
يعمل ميزان الردع على كلا الطرفين كما هو واضح، إسرائيل لا تريد ان تعرض جبهتها الداخلية لتجربة غير مسبوقة في حجم الدمار وعدد الاصابات. و»حزب الله» لا يريد ان يرى مجددا المباني تنهار في الضاحية الجنوبية وتدفق سكان الجنوب نحو الشمال في محاولة للحصول على ملجأ، وان يرى في ذاته مِن حامٍ للبنان الى المسبب في خراب لبنان.
وعلى الرغم من الهدوء المبارك، على إسرائيل أن تصوب أخطاءها كونها لم تستغل حرب لبنان الثانية كي تجبي من «حزب الله» ثمناً أعلى بكثير، وكونها مكنت الحزب من التسلح المتفوق في السنوات التي اعقبت الحرب.
هذا ليس معناه كف يدها عن العمل مستقبلا، اذا ما شخصت مستقبلا تشكل قوة ذات تهديد استراتيجي على أمنها، مع التأكيد على خطة مواجهة الصواريخ.
في حالة كهذه، نأمل ان الاخطاء التي حدثت في ادارة المعركة واتخاذ القرارات لن تتكرر مرة اخرى، فمن الضروري استدعاء الاحتياط بسرعة وتشغيل خطة الاقتصاد اوقات الطوارئ، من خلال التحول الفوري الى الهجوم، بما في ذلك الهجوم البري، وجباية ثمن ليس فقط من «حزب الله»، ولكن ايضا من دولة لبنان التي يعمل تحت حمايتها، ومع التنسيق الكامل مع الجبهة الداخلية وادارة معركة إعلامية توضح من هو المنتصر في النهاية ومن هو الخاسر.

عن «إسرائيل اليوم»