يجب علينا الوقوف الى جانب الفلسطينيين

حجم الخط

هآرتس – بقلم يئير اسولن

قبل اسبوع ونصف شخص معروف بانتقاده للفساد العميق في السلطة في المكان الذي يعيش فيه، سلطة لم تقم منذ فترة طويلة باجراء انتخابات ديمقراطية، وهي في الواقع تحكم كسلطة وحيدة كليا، اعتقل وتوفي بسبب الضرب. نفس هذا الشخص كان ضمن قائمة سياسية ارادت المشاركة في الانتخابات التي كان يجب أن يتم اجراءها بعد سنوات كثيرة، لكنه تم الغاءها بذريعة ضعيفة مغلفة بالوطنية الجوفاء. هذه الحادثة لم تحدث في روسيا أو في روسيا البيضاء أو في تركيا أو في غزة.

​هذه الحادثة وقعت هنا، تحت سلطة محمود عباس، وفي ظل السلطة الفلسطينية التي ما تزال، عندما يتحدثون عن الرغبة في انهاء الاحتلال وعن اقامة الدولة الفلسطينية، تعتبر العنوان المعتدل والوحيد لليسار الاسرائيلي للحل. هكذا مات نزار بنات: “لقد اتهم قادة السلطة بالفساد والاتجار بالمباديء الوطنية مقابل مصالحهم الشخصية وغناهم والتخلي عن مصالح أبناء شعبهم”، كتب جاكي خوري (“هآرتس”، 24/6).

​اذا أردنا التفكير بصدق وجدية في المسألة الفلسطينية، والفلسطينيين انفسهم، يجب الاعتراف بالفم المليان أن السلطة الفلسطينية ومحمود عباس هم ديكتاتوريون بكل معنى الكلمة. سلطة فردية، طويلة، فوضوية بشكل فظيع، تثري المقربين منها وتسحق مواطنيها. الوطنية الفلسطينية للسلطة الفلسطينية، مثل المصالحة الوطنية بشكل عام، هي منذ فترة طويلة فأس صدئة يتم بواسطتها تحقيق القوة وتجميع الاموال والسيطرة. وحادثة بنات هي فقط اثبات آخر يجب أن يفهمه كل من ينظر قليلا الى السلطة وسلوكها وتعاملها مع مواطنيها، وينظر الى حقوقهم وحريتهم.

​كان من الجدير كتابة هذا المقال عندما تم تأجيل الانتخابات للمجلس التشريعي الفلسطيني، وكأن هذا جاء خشية من فوز حماس. ولكن فعليا، هكذا يبدو للناظر اليهودي – جاء من خلال الخوف من بروز اصوات اخرى في فتح، التي ستهدد القيادة (مثل مروان البرغوثي). وللحقيقة، منذ سنوات كان يجب كتابة هذا المقال، بالذات من وجهة نظر يسارية، وجهة نظر الحرية، النضال من اجل الاستقلال، والتطلع الى سلطة جماهيرية تأتي من قبل الجمهور وتخدم الجمهور. من يؤمن بسلطة شعب حقيقية وتضامن البشر، وليس كأفكار فارغة، ويؤمن بحقوق الانسان، يجب عليه الانضمام الآن الى احتجاج الجمهور الفلسطيني ضد السلطة الفلسطينية.

​كان يجب على “هآرتس” أن تكرس لمقتل بنات مقال لهيئة التحرير. حزب حداش لو كان صادقا مع نفسه وشجاع بما فيه الكفاية، لكان نظم على الاقل مسيرة تضامن وعالم الثقافة في اسرائيل كان يجب عليه الصراخ. مرة اخرى هذا الصراخ والاحتجاج يجب أن يأتي بالتحديد ممن يتطلعون الى حل المسألة الفلسطينية والذين يؤمنون بحقوق الانسان ويعترفون بمظالم الاحتلال والثمن الباهظ الذي يدفعه المجتمع الاسرائيلي مقابله. بالذات من هؤلاء الذين يقولون صبح مساء، مع بعض الثبات المتعالي والمروع، بأنه يجب تقوية عباس.

​يجب الادراك بأن من يواصل اللعب وكأن محمود عباس هو الممثل الشرعي للشعب الفلسطيني، والذي يستمد قوته من الشعب وليس من الاجهزة، من المشكوك فيه أنه يوجد له تفويض اخلاقي لانتقاد الاحتلال نفسه. وأن المستفيدين الاساسيين منه، اكثر بكثير من الاسرائيليين، هم المقربون من السلطة والذين بمساعدة هذا الاحتلال يحافظون على قوتهم ورؤوس اموالهم.

​هكذا، من الواضح أن هذا موضوع معقد وحساس. ومن الواضح أنه توجد اعتبارات استراتيجية وتكتيكية وأمنية – كارثة هذا الاحتلال هي أنه يضم الى داخله كل الكلمات. مع ذلك، يوجد مبدأ واحد وبسيط واساسي على مدى التاريخ: من يغمضون العيون عن الديكتاتورية، بالتأكيد عندما تكون تحت نافذتهم، وعندما يكون لهم دور فيها، ومن غير المهم ما هي المبررات العقلية لذلك، فان نهايتهم هي أن يجدوا هذه الديكتاتورية في عقر دارهم.