نشرت لجنة تقصي الحقائق في صفقة اللقاحات، اليوم الثلاثاء، تقريرها النهائي بشأن متابعة تبادل لقاحات "فايزر" مع "إسرائيل".
وأكّدت اللجنة في تقريرها، على أنّه كان يجب أنّ يتم تحميل "إسرائيل" بصفتها السلطة القائمة بالاحتلال مسؤولية توفير لقاح مضاد لفيروس "كورونا" لجميع الفلسطينيين في الضفة وغزّة، مُشيرةً إلى أنّ الجانب "الإسرائيلي" تجاهل مسؤولياته القانونية والإنسانية تجاه المواطنين الفلسطينيين، ومارست الأبرتهايد الصحي ضدهم.
وقالت: "فكرة التبادل عندما طرحت في شهر نيسان وبداية أيار 2021، كانت فلسطين بحاجة إلى تسريع عملية توريد اللقاحات نظرًا لعدم التيقن من إمكانية شركة "فايزر" من توفير لقاحات في شهري تموز، وأب 2021"، لافتًا إلى أنّ المستوى السياسي كان على علم بموضوع التبادل، وكذلك دخلت أطراف دوليّة على الخط لتشجيع الفكرة لما اعتبرته بادرة لإعادة بناء الثقة بين الفلسطينيين و"الإسرائيليين".
وأوضحت أنّ جميع التفاصيل الفنية والإدارية والقانونية تركت لوزارة الصحة تُديرها بشكلٍ منفرد، وهذا يشكل خللاً جوهريًا في إدارة ملف من هذا الحجم والحساسية والتعقيد من الناحية الفنية والسياسية والقانونية.
ورأت اللجنة أنّه كان من الأجدر أنّ الجهات السياسية خاصةً مجلس الوزراء وهيئة الشؤون المدنية استمرار متابعة الموضوع وعمل المراجعات اللازمة لمسودات الاتفاقيات، خاصةً الاتفاقية مع الصحة "الإسرائيلية" وتدقيقها من الناحية القانونية والسياسية.
وتابعت: "الجانب الإسرائيلي ماطل في المفاوضات ولم يبد أيّ حساسية أو اهتمام لاحتياجات الفلسطينيين الصحية، وتجاهل خطورة الحالة الوبائية في الضفة الغربية وقطاع غزّة في شهري نيسان وأيار 2021"، ولم يعطِ موافقته النهائية على التبادل إلا في منتصف شهر حزيران عندما أصبح هو بحاجة إلى التخلص من اللقاحات التي شارف تاريخ صلاحيتها على الانتهاء".
وذكرت اللجنة أنّه لا يوجد أيّ مبرر أو حاجة سواء من حيث الحالة الوبائية في فلسطين، أو من حيث توفر عدد كافٍ من الجرعات في مخازن وزارة الصحة، لتوقيع الاتفاقية مع الجانب "الإسرائيلي" بالشكل المستعجل الذي تم به أو قبول جرعات تنتهي صلاحيتها خلال اقل من أسبوعين.
وشدّدت على أنّ التوقيع على اتفاقيات التبادل، خاصةً اتفاقية الصحة الفلسطينية مع الصحة "الإسرائيلية"، اتسم بالاستعجال وعدم الأخذ بعددٍ كبير من الملاحظات الفنية الجوهرية التي قدمها مدير عام الصحة العامة وأوصى بعدم التوقيع عليها بشكلها الحالي.
وأضافت: "الاتفاقية تضمنت شروطًا مجحفة بحق الفلسطينيين وغير متكافئة وتعفي الجانب الإسرائيلي من المسؤولية عن الجرعات، ولا تتضمن إدراج ملاحق توضح جدول التوريد، وتتضمن إشكاليات قانونية وسياسية أخرى أشار اليها التقرير".
ونوّهت إلى أنّه تم إدخال تعديلات على مسودة الاتفاقية بناءً على طلب وزارة الصحة في مسألتين: الأولى أنّ الصحة الفلسطينية مسؤولة عن توزيع اللقاح في الضفة الغربية وقطاع غزّة دون أيّ تدخل من الجانب "الإسرائيلي"، في حين أنّ الجانب "الإسرائيلي" كان يصر على استثناء قطاع غزّة من الاتفاقية.
وذكرت أنّ المسألة الثانية أنّ الاتفاقية مع الجانب "الإسرائيلي" لا تلزم الوزارة بكامل الكمية المنصوص عليها، وإنما اعتبرت العدد هو الحد الأقصى الذي يمكن تبادله.
وأوضحت اللجنة أنّ عملية تسليم اللقاح من الجانب "الإسرائيلي" يوم 18 حزيران 2021، لم تراع البروتوكولات الفنية والدوائية المتعارف عليها، والمتبعة لدى وزارة الصحة الفلسطينية أو "الإسرائيلية"، وخالفت بشكلٍ جوهري أحكام الاتفاقية الموقعة بينهما، واتفاقيات الصحة الفلسطينية مع شركة "فايزر"، وفيها استهتار وعدم شفافية من الجانب "الإسرائيلي" في التعامل مع موضوع نقل اللقاحات.
وشدّدت على أنّ عملية الاستلام من قبل الصحة الفلسطينية لم تكن حسب البروتكولات الفنية المعمول بها في استلام المواد الطبية الحساسة، وتم تكليف شخص بالاستلام وهو غير مختص وليست لديه الخبرة أو التأهيل اللازم، ولم يتم طلب التوثيقات الضرورية التي تضمن سلامة وأمان الجرعات.
ولفتت إلى أنّ جميع الجرعات التي استلمت من "إسرائيل" بتاريخ 18/6/2021 تم إرجاعها كاملة بتاريخ 21/6/2021 ولم يتم استخدامها في الأرض الفلسطينية، مُضيفةً: "بسبب مخالفة إسرائيل لشروط الاتفاقية يجب التأكد من عدم قيام شركة فايزر بتوريد أيّ جرعات من حصة فلسطين إلى الصحة الإسرائيلية مقابل الجرعات التي تم استلامها ومن ثم ارجاعها".
ورأت اللجنة أنّ الإدارة الإعلامية لموضوع نقل اللقاحات اعتراها العديد من الإشكاليات والتناقضات، ولم يتم إعلام المواطنين الفلسطينيين عن اتفاق التبادل بشكلٍ مسبق، وكانت الردود الرسمية مرتبكة وقدمت معلومات غير دقيقة ومتضاربة بعد صدور بيان رسمي "إسرائيلي".
وأردفت: "لم تتضمن اتفاقيات التبادل، أيّ تعاملات مالية مباشرة بين حكومة فلسطين والطرف "الإسرائيلي"، مُشيرةً إلى أنّه لن يكون فجوة في توريد التطعيمات، وشركة فايزر باشرت بتوريد الدفعة الثانية من الجرعات منذ بداية شهر تموز الجاري، وبالتالي لن يكون هناك خطر على الصحة العامة بسبب نقص اللقاحات.
وأكّدت اللجنة على ضرورة عدم استكمال عملية التبادل وعدم استلام أيّ لقاحات إضافية من الجانب "الإسرائيلي" لاعتبارات فنية تتعلق بالصحة العامة، إضافةً الى اعتبارات سياسية وقانونية تم توضيحها في التقرير.
وبيّنت أنّ العديد من المخالفات والتقصير وضعف المتابعة والتنسيق من قبل مستويات عدة سياسية وإدارية، وعليه توصي بضرورة أنّ تكون هناك مساءلة ومحاسبة لجميع من قصر او أهمل أو لم يقم بما تتطلبه مهامه الوظيفية، ويتم استخلاص العبر من أجل تلافي الأخطاء التي حصلت والتي أشار اليها التقرير.
وشدّدت اللجنة على أنّ هذا التقرير ليس بديلاً عن أيّ تحقيقات جنائية أو قضائية أو أيّ تحقيقات إدارية داخلية قد تقوم بها الجهات الرسمية المختصة.
يُشار إلى أنّ لجنة تقصي الحقائق برئاسة مدير عام الهيئة المستقلة لحقوق الانسان عمار الدويك، وتضم ممثل عن اتحاد المستشفيات والمراكز الاهلية والخاصة نظام نجيب، وممثل عن مؤسسات المجتمع المدني في القطاع الصحي سلوى النجاب، وممثل عن الصناعات الدوائية في فلسطين باسم خوري.