ما هي فرص نجاحها؟

تحليل: تسهيلات اقتصادية للفلسطينيين.. بوابة استئناف مسار المفاوضات برعاية أمريكية

عباس وبايدن
حجم الخط

رام الله - خاص وكالة خبر - مي أبو حسنين

عودة من جديدة للمباحثات الاقتصادية "الفلسطينية - الإسرائيلية"، كما كشفت صحفية " هارتس" الإسرائيلية، استنادًا لبروتوكول باريس الاقتصادي؛ لإزالة ما يُسمى بالحواجز والعوائق الاقتصادية مع الحديث عن طلب السلطة تسهيلات اقتصادية تتمثل بالسماح لما يقارب من 17 ألف عامل من الضفة الغربية للعمل في قطاع البناء والصناعة داخل الأراضي المحتلة عام 1948، وكذلك تنظيم سلطة الوقود للسلطة الفلسطينية.

الصحفية "الإسرائيلية" كشفت أنّ وزير التعاون الإقليمي عن حزب ميرتس، عيساوي فريح، سيقود اللجنة الاقتصادية عن الجانب "الإسرائيلي"، دون الكشف عن المسؤول الفلسطيني الذي سيرأس اللجنة الفلسطينية.

خطوة الحكومة "الإسرائيلية" الجديدة، هي الأولي من نوعها تجاه السلطة الفلسطينية، في ظل الوضع السياسي المشتعل جراء الهجمة الشرسة لدولة الاحتلال ومستوطنيها تجاه المقدسات في مدينة القدس المحتلة وأحياء المدينة التي تنتظر قرارات الإخلاء والهدم بالإضافة للاستيطان الزاحف في الضفة والاعتقالات والاقتحامات اليومية لمدن الضفة، بالإضافة للحصار المحكم ضد غزّة مُنذ العدوان الأخير عليها في الـ11 مايو الماضي، الأمر الذي يطرح تساؤلات عن توقيت المباحثات وانعكاساتها على الاقتصاد الفلسطيني؟

تجديد المسار السياسي

الخبير الاقتصادي، نصر عبد الكريم، قال: "إنّه لا يعلم مدى دقة الخبر؛ ولكنّ هذه اللجنة الاقتصادية الفلسطينية -الإسرائيلية المشتركة منصوص عليها في "بروتوكول باريس الاقتصادي"، ومن المفترض أنّ تُشرف على تنفيذه وتجتمع كل ثلاثة شهور لمراجعة وتقييم التنفيذ والالتزام بالبنود وتعديل بعضها؛ بحسب اتفاق الطرفين".

وأضاف عبد الكريم في حديثٍ خاص بوكالة "خبر": "مٌنذ أكثر من 17 عاماً لم تجتمع هذه اللجنة"، لافتًا إلى أنّ هذه المباحثات قد تكون في إطار سعي الإدارة الأمريكية الجديدة بزعامة جو بايدن، بوسطاء من المجتمع الدولي والإقليم العربي؛ لتجديد مسار المفاوضات.

وأردف: "يُمكن ربط هذا الموضوع بالرسالة التي سُربت للإعلام ولا أحد يعلم مدى دقتها، والتي ذهبت من القيادة الفلسطينية للإدارة الأمريكية، وتنص على بعض المطالب وجزء كبير منها اقتصادية؛ لتحسين الأوضاع ولتطوير العلاقة مع الجانب الإسرائيلي".

الانعكاسات على الاقتصاد الفلسطيني

وأكمل: " بالتالي إذا تم تشكيل هذه اللجنة لن تكون بمعزل عن مسار التفاوض"، مُستدركًا: "انعكاساتها على الاقتصاد الفلسطيني تعتمد على نتائج أعمالها".

وتابع: "إذا كانت ستأتي في سياق العودة للمفاوضات ذات جدوى وبداية جديدة بشروط مقبولة وبسقف زمني وتفتح الأفق لعملية سلام عادلة وشامل، فقد يكون لها انعاكسات، لأنّ اللجنة ستعمل في إطار سياسي محدد ومعروف".

واستدرك: "لكنّ إذا كانت ستعمل في نفس الظروف الراهنة القائمة على هيمنة اقتصادية وأمنية واقتصادية إسرائيلية، عندها يكون الموضوع فني ولا ينعكس على الوضع الفلسطيني إيجاباً".

ولفت إلى أنّ اللجنة قد تنجح في تعديل نصوص اتفاق باريس أو تحسين شروط تطبيقه؛ ولكنّ رغم التطبيق يبقى الاقتصاد الفلسطيني رهينة للمزاج "الإسرائيلي"؛ لأنّ المطلوب هو تعديل اتفاق باريس في إطار سياسي اقتصادي مختلف.

السلام الاقتصادي كارثة

وبالحديث إذا ما كان الجانب "الإسرائيلي" يريد الذهاب نحو ما يُسمي " بالسلام الاقتصادي" من وراء هذه المباحثات، قال عبد الكريم: "ستكون أمام كارثة كبيرة؛ لأنّ مقايضة الاقتصاد بالحقوق والاستحقاقات الاقتصادية أمرٌ مرفوض من الفلسطينيين في السابق".

وأضاف: "إذا كان يأتي في إطار قبول تدريجي وطوعي لمتطلبات الاقتصاد يقود لتسوية سيكون مؤذي؛ لأنّ السلام الاقتصادي قائم على اقتصاد مقابل الأمن بكل بساطة؛ بمعنى إسرائيل مستعدة لتسهيل حياة الفلسطينيين بمساحة أوسع وبدرجة من الرفاهية؛ ولكن مقابل ذلك أنّ تضمن أمنها وعودة الفلسطينيين عن المطالبة بحقوقهم التاريخية الوطنية الثابتة أو جزء منها والقبول بحل سلمي يكون دون سقف الفلسطينيين، وبالتالي إذا كان في هذا السياق يكون كارثياً وتذهب كل سنوات الرفض هباءً".

وبشأن احتمالية نجاح المباحثات بمعزل عن قطاع غزّة الذي يُعاني إغلاقًا مُحكمًا مُنذ العدوان الأخير، قال عبد الكريم: "إذا كان في  السياق السياسي الاقتصادي القائم بما فيه سيطرة إسرائيل على الموارد والمعابر وتقسيم مناطق سي، بما يشمل حصارها لقطاع غزّة وفصل القطاع عن الضفة الغربية واستمرار الانقسام الداخلي، وبقاء هذا السياق السياسي الأمني سابق الذكر على حاله، فإنّه بكل تأكيد لن يُجدي نفعًا".

وشدّد على الحاجة إلى مفاوضات مع الجانب الإسرائيلي للوصول إلى صيغة جديدة في العلاقة الندية المتكافئة في إطار تفاوض سياسي ذا جدوى يقود إلى دولة فلسطينية ذات سيادة، تتواصل بها الضفة الغربية مع قطاع غزة، باقتصاد موحد وسلطة واحدة وسيطرة على المعابر وتعود بها حقوقنا في المياه والفضاء، مع خلوها من المستوطنات.

نجاح مؤقت لعمل اللجنة 

من جهته، قال الخبير الاقتصادي البرفسور أنور أبو الرب: "إنّ المعوقات الإسرائيلية تحول دون تقدم الاقتصاد الفلسطيني"، مُؤكّداً على أنّ عملية إعاقة حرية التنقل مُنافيةً لكل المواثيق والأعراف الدولية والاتفاقات الموقعة بين السلطة الفلسطينية وإسرائيل.

وأضاف أبو الرب في حديثٍ خاص بوكالة "خبر": "يوجد تنسيق بين السلطة الفلسطينية وإسرائيل واللقاءات المباشرة وغير المباشرة مستمرة؛ لكنّ من الممكن أنّ يتحقق ذلك بالتزامن مع قدوم الحكومة الجديدة مع الإدارة الأمريكية الجديدة برئاسة جو بايدون، والتوجه الجديد للاتحاد الأوروبي لرفع مستوى الحياة الاقتصادية".

وأوضح أنّ "إسرائيل" تُريد إظهار الجانب الإنساني الأخلاقي؛ للتغطية على جرائمها التي تقوم بها في الأراضي الفلسطينية، خاصةً في القدس الشريف، وعلى وجه التحديد في حي الشيخ جراح وسلوان وبيتا في الضفة ومناطق أخرى.

ورجَّح أنّ تكون هذه المباحثات جزء من السلام الاقتصادي، حيث إنّ "إسرائيل" لا تُؤمن بالحل السياسي القائم على حل الدولتين، وبالتالي تريد التغطية على جرائمها، مُشدّداً على أحقية الفلسطينيين في الحصول على الحقوق الاقتصادية ولكن ليس بعيدًا عن الحق السياسي في إقامة دولتهم.

ورأى أبو الرب، أنّه لا يمكن أنّ يكون هناك استقرار إلا بإيجاد حل كامل للقضية الفلسطينية على أراضي 67؛ لأنّ غزّة مُحاصرة وتعيش تحت حصار ولا يُمكن ترك الشعب يعيش فيها بهذه الطريقة، مُضيفاً: "لا يُمكن لمليوني إنسان أنّ يعيشوا في ظل الحصار المفروض مُنذ سنوات طويلة تحت حجج واهية، وبالتالي نجاح عمل اللجنة في ظل الظروف الراهنة سيكون مُؤقتاً".