تغيير قواعد اللعب مع غزة

حجم الخط

بقلم: اليكس فيشمان



النتيجة السياسية الأهم لحملة «حارس الأسوار» هي أن مصر بدأت تأخذ بالتدريج أكثر فأكثر المسؤولية عن اقتصاد غزة. كلما تمنع إسرائيل عبور البضائع والمال لاعمار القطاع تجد مصر نفسها - بخلاف إرادتها – تتدخل بشكل اعمق في ادارته. على مدى السنين هرب المصريون من هذه المسؤولية كما يهرب المرء من النار، وثبتوا مكانتهم كوسطاء اقليميين، ولكن الزخم الذي نشأ نتيجة لقصر نظر سياسي من زعيم «حماس»، يحيى السنوار، يمكن أن يؤدي الآن الى تخلي حكومة إسرائيل، أخيرا، عن المسؤولية عن رفاه سكان غزة.
الوزراء المسؤولون عن إدارة الاقتصاد في القطاع يعرضون على السنوار كل يوم الثمن الذي يدفعه المواطن الغزي بسبب هذا الخطأ. فكمية البضائع التي تمر اليوم من مصر الى غزة قفزت اربعة اضعاف، مقارنة بالفترة التي كانت قبل الحملة، فيما إسرائيل، من جهتها، تنقل اليوم بالاساس بضائع تعد انسانية ووقودا بحجم محدود جدا. الف قارب صيد يعيل 35 الف نسمة في القطاع، وان كانت تلقت الإذن بالعمل ولكن ضمن القيود، والى جانب ذلك يوجد تصدير زراعي قليل الى الضفة. المصريون، بشكل لا مفر منه، يملأون الثقب: تعهد الرئيس السيسي بمساعدة بمقدار نصف مليار دولار، ولكن في غزة لم يروا من هذا قرشا. نعم، عشرات الشاحنات المحملة بالبضائع تصل في كل يوم من مصر.
في 10 ايار، عندما اصدر السنوار الامر باطلاق النار على القدس لم يتصور انه يتخذ قرارا تاريخيا سيسمح لإسرائيل بان تنزع عنها المسؤولية عن مستوى معيشة سكان غزة. في الايام التي سبقت النار كان لا يزال منسق اعمال الحكومة في «المناطق»، اللواء غسان عليان، يجري اتصالات متقدمة مع غزة حول سلسلة طويلة من المشاريع الاقتصادية. وفقط قبل يومين من اطلاق النار اتفق على آلية تسهل دخول البضائع الى القطاع وزيادة كمية مياه الشرب في خط مياه اضافي من إسرائيل الى القطاع، الذي بقي جافا على مدى السنين. كما جرت هناك مباحثات متقدمة حول اعطاء الاذن لاقامة أحواض لتربية الاسماك على شواطئ القطاع، وعلى اقامة خزان وقود كبير في القطاع يمنع النقص في المستقبل، وعلى منطقة صناعية مشتركة في معبر كرم أبو سالم. أعمال التخطيط لكل هذه كانت في مرحلة متقدمة جدا، ولم يتصور السنوار ان تتجرأ إسرائيل على أن تلغيها. ولكن من اللحظة التي أطلقت فيها الصواريخ توقف كل شيء، ورفع جهاز الامن توصية للقيادة السياسية لتغيير الاتجاه. ما كان لن يكون. كل ما اتفق عليه الغي. البوابات مغلقة.
في الاتصالات التي جرت، الاسبوع الماضي، في القاهرة، حددت إسرائيل في رأس جدول الاولويات موضوع الاسرى والمفقودين، مع علم واضح بأن «حماس» ستعارض. كانت هذه ذريعة. إسرائيل في واقع الامر أوضحت في ذلك لـ»حماس»: لا مزيد من التسوية. فضلا عن ذلك يمكن لإسرائيل اليوم ان تنفذ خطة أعدتها مسبقا عشية الحملة، ولم تخرجها الى حيز التنفيذ كي لا تكسر القواعد: منع ادخال المال النقدي الى القطاع، ونقل المساعدة القطرية بشكل قسائم شراء توزعها الأمم المتحدة. بعد أسبوعين عيد الاضحى، ويخاف التجار في غزة شراء البضائع؛ لانه ليس واضحا اذا ما سيكون مال مع المواطنين ام ستكون جولة اخرى من القتال. احتفالات النصر لـ»حماس» انطفأت بسرعة.
باستثناء الرافعة العسكرية لنار الصواريخ، ليس لـ»حماس» أي رافعة ضغط حيال إسرائيل تعيدها الى قوانين اللعب القديمة – وفي الجيش الإسرائيلي ينتظرون فقط الصاروخ الاول كي يشرعوا في حملة جديدة تؤدي الى تدمير منظومات الصواريخ التي بقيت لدى «حماس».
قبيل بداية السنة القادمة ستنهي إسرائيل بناء الجدار العلوي الجديد حول القطاع. الجدار التحت ارضي، الذي يمنع العبور من الانفاق، سبق أن انتهى. وعندها ستكون غزة منقطعة ماديا تماما عن إسرائيل. الى هذه النقطة ينبغي لإسرائيل أن تأتي وهي جاهزة مع قرار: هل تواصل اخذ المسؤولية، وان كانت جزئية، عن رفاه سكان القطاع حتى في وضع تواصل فيه قيادة «حماس» المواجهة العسكرية أم تغلق الباب وتلقي بالمفتاح.

عن «يديعوت»