أيليت شاكيد تقدّم درساً في التاريخ!

حجم الخط

بقلم: شلومو زاند


في الخامس من تموز، وخلال مناقشة قانون منع لمّ شمل العائلات، توجهت وزيرة الداخلية، أييلت شاكيد، إلى أعضاء الكنيست العرب الذين رفضوا تأييد القانون قائلة: «أنا فخورة بأن حزبي بنى مستوطنات في أرض إسرائيل.. درس قصير في التاريخ. أنتم بدأتم حرب الاستقلال واعتقدتم أنكم ستنتصرون، وهُزمتم. هذه مشكلتكم وعليكم تحمّل النتائج».
لطالما اعتقدت أن في استطاعة أي شخص إعطاء درس في التاريخ، وليس فقط مَن حصل على شهادة جامعية. لكن إذا لم يكن التاريخ علماً قط، فإن التاريخ اليهودي يشبه علم النجوم أكثر مما يشبه علم الفلك. «أرض إسرائيل» موجودة منذ العصر الحجري، وشعب إسرائيل منذ الألفية الثانية قبل الميلاد. لذلك «أرض إسرائيل» هي مُلك «الشعب»، وكل ما يفعله في أراضيها مشروع – مصادرة أراض، عمل عبري، فصل إثني للجماعات، استيطان، وقوانين ضد المساواة بين المواطنين وغيرها.
كل مَن يقرأ الكتاب المقدس يفاجأ بالاستخدام النادر لمصطلح «أرض إسرائيل» الذي ليس واضحاً ما إذا كان يطبَّق فقط على أراضي مملكة إسرائيل الشمالية [مملكة «السامرة»] مقابل الاستخدام الشائع لـ»أرض كنعان»، المطبَّق على الأراضي الواقعة بين نهر الأردن والبحر. «شعب إسرائيل» تماماً مثل «الشعب اليهودي» لا يظهر أبداً في سِفر الأسفار. قبل أن تشق الصهيونية طريقها، كان تعبير «أرض إسرائيل الكاملة» يشمل فلسطين والأردن (حتى خط سكة الحديد في الحجاز). وبينما وافق اليسار الصهيوني على التنازل بألم عن «وحدة الأرض»، ظل اليمين، الذي تعتبر شاكيد نفسها وريثة له، متمسكاً بـ «ضفتي الأردن». أما فيما يتعلق بالانتماء إلى «شعب إسرائيل»، قبِل اليسار واليمين المعايير الإثنية -الدينية: أن تكون مولوداً من أم يهودية، أو التهود بصورة دينية وقانونية، الأرض مُلك لعرق بشري، تقريباً بصورة «جينية» إلى الأبد، وليس لأي أحد آخر.
لكن من الأفضل العودة إلى درس شاكيد في التاريخ. ليس العرب وحدهم مَن رفض خطة التقسيم بحسب القرار 181 الصادر عن الأمم المتحدة، فقد رفضها أيضاً اليمين الصهيوني. تقسيم الوطن بدا له جريمة تاريخية يجب الوقوف ضدها بقوة، ولذلك نشبت الأعمال العدائية على الرغم من المخاوف واعتُبرت في نهاية الأمر عملاً تحريرياً. لكن لماذا رفض العرب الخطة؟
في سنة 1947 كان يعيش في فلسطين الانتدابية مليون و250 ألف عربي و600 ألف يهودي، أغلبيتهم الساحقة من المهاجرين. كان من المفترض أن تضم الدولة العربية 38% من الأراضي، والدولة اليهودية 62% (بما فيها النقب). هذا التقسيم كان يتعارض مع أي منطق جيو - سياسي. فقد كان من المفترض أن تضم أراضي الدولة اليهودية 497 ألفاً من العرب إلى جانب 598 ألفاً من اليهود. في سنة 1947، وقبل وقت قليل من انتهاء الفترة الاستعمارية الكبيرة كانت الأمم المتحدة لا تزال تستخف بسكان الكرة الأرضية من غير البيض، لذلك قررت ما قررته. بالإضافة إلى أن أغلبية الدول الغربية، وعلى رأسها الولايات المتحدة، رفضت استقبال لاجئين يهود وفضلت إلقاءهم على العرب.
اعتقد العرب أن هذا التقسيم لأرضهم وإخضاعهم لحكم يهودي غير محق، لذلك رفضوا تقبّله وبدأوا الحرب. هل كانت شاكيد ستقبل حكم التقسيم لو كانت عربية؟
من البديهي أن وزيرة الداخلية لا يمكن أن تتخيل نفسها عربية ولو لحظة واحدة. ولا تملك أي نظرة مقارنة عالمية. هي تشبه إلى حد بعيد الفرنسيين والألمان والبولنديين الذين لم يستطيعوا أن يتخيلوا أنفسهم يهوداً، ولذلك في نهاية الأمر كان لهم دور في نشوء الكوارث في التاريخ المعاصر.
هذا ليس درساً في التاريخ بل هو درس في الأخلاق.

عن «هآرتس»