مفتاح «حل الدولتين» في يد أوباما

معاريف
حجم الخط

 

 

بقلم: جلعاد شير
عقد الرئيس الأميركي، جورج بوش الاب، في العام 1991 مؤتمر مدريد الذي شاركت فيه اسرائيل، الاردن، سورية، لبنان ومصر وكذا وفد اردني – فلسطيني ومندوبو الولايات المتحدة، الاتحاد السوفييتي والاتحاد الاوروبي. بدأت بعد المؤتمر في واشنطن محادثات في ثلاث قنوات: اسرائيل – الاردن/الفلسطينيين، اسرائيل – سورية، واسرائيل – لبنان. وفتحت هذه الطريق لمحادثات غير رسمية بين اسرائيل وم.ت.ف .
قاد الرئيس بيل كلينتون الامور نحو اتفاقات اوسلو: اعلان المبادئ عن الاعتراف المتبادل بين اسرائيل وم.ت.ف في العام 1993، واتفاق أوسلو الانتقالي في 1995. وبين هذا وذاك دفع كلينتون في 1994 للتوقيع على اتفاق السلام بين اسرائيل والاردن. في كانون الاول 2000، بعد مؤتمر كامب ديفيد وضع "مبادئ كلينتون" كأساس لمواصلة المفاوضات على التسوية الدائمة.
بادر الرئيس جورج بوش الابن الى خريطة الطريق للسلام في 2002، رسالة الرئيس في 2004 حول تغييرات الحدود التي ستكون مطلوبة كي تعكس الواقع على الارض ومؤتمر انابوليس في 2007. ورافق عملية المفاوضات المكثفة الاسرائيلية – الفلسطينية، التي بدأت في اعقاب المؤتمر واستمرت نحو سنة. حصل الرئيس براك اوباما على جائزة نوبل للسلام في 2009، قبل ان تكتمل سنته الأولى في ولايته الاولى. حتى هنا، خلافا لاسلافه الثلاثة، لم يخلف أي مرسى سياسي لمفاوضات اسرائيلية – فلسطينية أو لحوار اسرائيلي – عربي في سياق اقليمي. زيارة وزير الخارجية الأميركي الى اسرائيل والى السلطة الفلسطينية كانت الفرصة، ربما الاخيرة، لعمل ذلك: قبل سنة من الانتخابات الئاسية في الولايات المتحدة، قبل 14 شهرا من ترك اوباما البيت الابيض في نهاية ثماني سنوات ولايته. المفاوضات بين اسرائيل والفلسطينيين بوساطة كيري بدأت في حينه بصوت صخب عال، مع تحديد هدف طموح في شكل تسوية دائمة في غضون تسعة اشهر. وقد تقلص هذا الهدف، ولاحقا اكتفت واشنطن بامكانية صياغة ورقة أميركية. تفجير المحادثات في نيسان 2014، بدء معركة فلسطينية دبلوماسية – قانونية – اقتصادية ضد اسرائيل واشتعال العنف في "الجرف الصامد" لم تخلف ذكرا من جولة المفاوضات. 
مع بدء المحادثات في الجولة التي قادها كيري، بمباركة الرئيس اوباما وبرعايته في تموز 2013، اوصيناه، السفير السابق دان كيرتسر وأنا، بالكف عن محاولة "تربيع الدائرة" ووضع صيغة أميركية مفصلة على الطاولة لمبادىء بموجبها تتبلور تسوية كاملة في المستقبل. على مثل هذه الصيغة أن تقدم صورة شاملة عن المواضيع الجوهرية ومعالجتها بشكل يقلص نقاط الخلاف، ويرسم رؤيا لتصميم مواصلة مسيرة المواصلات. كيري – هكذا كتبنا – لا ينبغي أن يطلب موافقة الطرفين على هذه الصيغة، بل ان يتوقع منهما ان تخدمهما المبادىء كنقطة انطلاق في المفاوضات.
رغم حقيقة انه لم يتحقق اي اتفاق في السنتين اللتين مرتا منذئذ،  فان هذه الدعوة لكيري ل يعرض علنا الورقة الأميركية وفيها المبادئ التي بحثت في المحادثات التي قادها، لا تزال سارية المفعول. وسواء تحفظ عليها الطرفان أم أعرب أي منهما عن موافقته على بعضها، سيكون هذا علامة طريق سياسية للرئيس اوباما. واذا كان ثمة خطوة يمكن للرئيس الأميركي ان يقوم بها كي يدفع الى الامام واقعا مرغوبا فيه لدولتين للقوميتين بين النهر والبحر، فهذه هي الخطوة.
في غياب خطوة رئاسية كهذه، ولما كانت حكومة اسرائيل لا تتخذ اي مبادرة مستقلة لتصميم حدودها حول دولة ديمقراطية وفيها اغلبية يهودية، فمحكوم على اسرائيل استمرار الجمود السياسي، الارهاب والتدهور الى واقع الدولة ثنائية القومية. من ناحية إسرائيل، ينبغي أيضا الافتراض ان مثل هذه الوثيقة الأميركية ستكون جيدة لها بما لا يقاس اكثر من كل مبادرة دولية اخرى، وعلى أي حال أفضل من أي مشروع قرار في مجلس الامن في الامم المتحدة، كالمسودتين الاردنية او الفرنسية. ولعله هناك بالذات يختبىء الحل الذي سيخدم كل الاطراف: لماذا لا تقدم وثيقة مبادئ اوباما لاتفاق اسرائيلي – فلسطيني كمقترح بقرار من مجلس الامن في الامم المتحدة.

عن "معاريف"