اجتمع مجلس حقوق الإنسان اليوم الجمعة، لمناقشة تقرير المقرر الخاص المعني بحالة حقوق الإنسان في أرض دولة فلسطين مايكل لينك، والذي ركز في تقريره أمام المجلس على الاستيطان من منظور القانون الدولي واعتباره مخالفة صارخة لميثاق روما.
وأكد لينك خلال الاجتماع المنعقد في مقر المجلس بمدينة جنيف، على أن استمرار الاستيطان سيقوض إمكانية حل الدولتين، وهو اعتداء على حقوق الشعب الفلسطيني، كما قدم عددا من التوصيات والاستنتاجات، مطالبًا المجتمع الدولي بتحمل مسؤولياته.
وتحدث في الحوار التفاعلي مجموعة التعاون الإسلامي، والمجموعة العربية، والاتحاد الإفريقي، والاتحاد الأوروبي، ودول مجلس التعاون الخليجي، وعدد من الدول بصفتها الوطنية، وعدد من منظمات المجتمع المدني.
وأدانت الكلمات، في مجملها، سياسة الاستيطان والتهديد بطرد العائلات من أحياء القدس وهدم البيوت، وأكدت ضرورة السماح بإعادة الإعمار في قطاع غزة.
ومن جانبه، أعرب المراقب الدائم لدولة فلسطين السفير إبراهيم خريشي، في كلمة فلسطين، عن الشكر والتقدير للجهد الكبير والمميز لمايكل لينك في إعداده لهذا التقرير قيد الاعتبار، كما شكر المجموعات كافة والدول المنخرطة في الحوار التفاعلي مع المقرر الخاص المعني في حالة حقوق الإنسان في أرض دولة فلسطين المحتلة.
وأشار إلى أن عدم مشاركة عديد من الدول في هذا البند الذي يركز على انتهاكات الاحتلال منذ أكثر من 54 عاما لا يؤهلها للحديث عن أي انتهاكات أخرى للقانون الإنساني الدولي والقانون الدولي لحقوق الإنسان في أي مكان في العالم، الأمر الذي يفضح ازدواجية المعايير ويشجع القوة القائمة بالاحتلال بالاستمرار في انتهاكاتها اليومية، "والتي تابعتم بعضا منها أثناء انعقاد الجلسة الخاصة يوم 27 أيار/مايو الماضي، والتي أظهرت بشاعة العدوان المستمر والمتكرر على شعبنا، خاصة بمدينة القدس ومحاولة تهويدها والترحيل والتهديد بالترحيل القسري لسكانها، خاصة في أحياء الشيخ جراح ومنطقة سلوان وبطن الهوا، والذي يشكل جريمة حرب، إضافة لهدم البيوت والقرى في مناطق الضفة الغربية، عدا عن الاعتداء على دور العبادة المسيحية والإسلامية واستهداف وقتل الأطفال والنساء والشيوخ وتدمير البنى التحتية من شبكات المياه والكهرباء كما حصل في قطاع غزة، واستهداف وتدمير المؤسسات الصحية والتعليمية والإعلامية، بالإضافة للحصار المفروض على القطاع منذ 14 عاما".
وأضاف أن حملات الاعتقال اليومية التي تقوم بها قوات الاحتلال زادت من عدد المعتقلين إلى أكثر من 5 آلاف معتقل، منهم قد مضى على اعتقاله أكثر من عشرين عاما ومنهم المئات من المرضى والمعتقلين الإداريين منهم الأسير غضنفر أبو عطوان، الذي أنهى يوم أمس إضرابه المفتوح عن الطعام والذي استمر لمدة 65 يوما بعد أن أجبر سلطات الاحتلال بصموده على إطلاق سراحه.
وقال خريشي: "هناك معاناة كبيرة لعدد من الموقوفين الإداريين نذكر منهم الأسير محمد الحلبي الناشط في مجال العمل الإنساني الذي مضى على اعتقاله 6 أعوام خضع خلالها إلى 162 جلسة أمام المحاكم الإسرائيلية دون تقديم أي اتهام، الأمر الذي يستدعي من المجتمع الدولي وكافة المؤسسات الدولية المختلفة العمل لإنهاء معاناة الأسرى وإطلاق سراحهم وإيلاء الأولوية للمرضى، وكبار السن، والأطفال، والنساء، والمعتقلين الإداريين".
وتابع: "لقد ركز التقرير الحالي على منظومة الاستيطان الاستعماري المخالف للقانون الدولي بما فيها لوائح لاهاي واتفاقية جنيف الرابعة والرأي الاستشاري لمحكمة العدل الدولية، وقرارات مجلس الأمن، والجمعية العامة، ومجلس حقوق الإنسان، والذي يشكل جريمة حرب حسب ميثاق روما، الأمر الذي يستدعي- كما جاء في توصية المقرر الخاص من دول المجتمع الدولي- اتخاذ ما يلزم لمعاقبة هذه المنظومة الاستعمارية ومحاسبتها وعزلها ومقاطعة منتجاتها وفرض عقوبات اقتصادية وسياسية، وعدم التعامل مع أي حكومة إسرائيلية ترسخ الفصل العنصري وعدم تقديم أي مساعدة لها، وضرورة تنفيذ قرارات الأمم المتحدة وخاصة قرار مجلس الأمن 2334 وتأمين الحماية الدولية للشعب الفلسطيني".
وأشار إلى توصية المقرر الخاص بضرورة الإسراع في تحديث قاعدة البيانات للشركات العاملة بالمستوطنات والالتزام بالولاية التي أقرت بمجلس حقوق الإنسان في القرار 36/31، "مع التذكير أن هناك رسائل ومطالبات من دول التعاون الإسلامي والمجموعة العربية وأكثر من 130 عضوا من البرلمان الأوروبي وعديد من الدول ومؤسسات المجتمع المدني المختلفة بهذا الخصوص".
كما أشاد خريشي بموقف أكبر صندوق تقاعد في النرويج المتمثل بوقف استثماراته مع 16 شركة بسبب صلتها بالمستوطنات الاستعمارية في الضفة الغربية، "مع الإشارة هنا إلى دعمنا للتوصيات والاستنتاجات الواردة في التقرير وضرورة إعمالها".
وختم بالقول، إن "شعبنا يتطلع إلى التخلص من الاستعمار ومنظومة الابارتايد، لذا فإننا نطالب المجتمع الدولي بأن يتحمل مسؤولياته القانونية والحقوقية والأخلاقية واتخاذ الإجراءات العملية الكفيلة بمعالجة الأسباب الجذرية لمعاناة شعبنا من أجل إنهاء أطول احتلال في التاريخ المعاصر، لنمارس حقنا الطبيعي في تقرير المصير على أرض دولة فلسطين وعاصمتها القدس الشرقية، وحل قضية اللاجئين على أساس قرارات الشرعية الدولية".