كشف خبراء في قطاع الطاقة والأمن القومي أن أحد الأهداف الاستراتيجية لقاعدة "3 يوليو" البحرية التي تعد الأكبر في الشرق الأوسط هو حماية ثروات مصر الطبيعية من البترول والغاز الطبيعي في تلك المنطقة على ساحل البحر المتوسط.
وكان الرئيس المصري، عبدالفتاح السيسي، أكد قبل أيام، خلال توقيع وثيقة افتتاح قاعدة "3 يوليو" أن من بين أبرز أهدافها "تأمين مقدرات مصر الاقتصادية".
وتكامل ذلك مع ما قاله الفريق أحمد خالد حسن قائد القوات البحرية المصري في المناسبة نفسها بأن الدولة المصرية تولي اهتماما ملموس بالبحر بعد أن "فتح الله علينا بخيراته"، فما المغزي من ذلك؟
وأكد الخبراء أن اختيار موقع القاعدة غرباً قرب حدود ليبيا، يجعلها قريبة من حقول الغاز الطبيعي المكتشفة حديثا على ساحل المتوسط، لتُضاف إلى إلى 3 قواعد بحرية أخرى قريبة من حقل "ظُهر" المصري، شرق المتوسط.
وافتتح الرئيس المصري قاعدة "3 يوليو" البحرية بمنطقة جرجوب، على بُعد 70 كيلو متر من حدود ليبيا، الأسبوع الماضي.
بحوث أميركية
ويقول أستاذ هندسة البترول والطاقة المصري رمضان أبو العلا إن الاكتشافات الغازية والبترولية لا تتوقف في منطقة البحر المتوسط، ووفق أبحاث تم إجراؤها بواسطة هيئة المساحة الجيولوجية الأمريكية؛ فإن مساحة 83 ألف كيلو متر مربع تقريباً يوجد بها قرابة 220 تريليون قدم مكعب من الغاز الطبيعي في تلك المنطقة الواعدة.
ويضيف أبو العلا، بأن المنطقة التي ثبت تواجد كميات من الغاز والبترول فيها تبدأ من "جنوب القوس القبرصي" وأن مناطق وجود الاحتياطات المحتملة معروفة للمتخصصين، وتغطي المناطق الاقتصادية لعدة دول، بينها قبرص ومصر وفلسطين وإسرائيل ولبنان، وسوريا.
وسبق الإعلان عن إنشاء القاعدة البحرية على ساحل المتوسط قرب ليبيا طرح مصر للعديد من المزايدات لاستكشاف الغاز الطبيعي والبترول في البحرين الأبيض المتوسط والأحمر، كما ظهرت اكتشافات بترولية في منطقة الصحراء الغربية المصرية، قرب موقع القاعدة الجديدة.
اكتشافات واعدة
ويقول رئيس المؤسسة العربية للدراسات الاستراتيجية والتنمية سمير راغب إن المنطقة الموجودة أعلى موقع القاعدة البحرية الجديدة في جرجوب، ينتظرها مستقبل واعد فيما يتعلق بالاكتشافات الغازية والبترولية، وكان من الواجب تأمينها وحمايتها مبكرا، باعتبارها ثروة مضافة لمصر بعد اكتشافات الغاز في شرق المتوسط، وأبرزها حقل "ظُهر".
ويوضح راغب في حديثه، أن المهام الرئيسية للقاعدة، بخلاف تأمين الاكتشافات البترولية الجديدة، هي تأمين الحدود الغربية للدولة لمكافحة تهريب الأسلحة أو السلع عبر البحر، وكذا مجابهة الهجرة غير الشرعية.
ويشير إلى أن تنفيذ القوات المسلحة المصرية للمناورة "قادر 2021" التي أظهرت تكاملا في الأسلحة المستخدمة من مختلف أفرع القوات المسلحة، يؤكد قدرة مصر على حماية أمنها براً أو بحراً أو جواً، خصوصا على الحدود الغربية ومن اتجاه ليبيا التي لازالت تعاني من تدخلات إقليمية وانتشار ميليشيات إرهابية ومرتزقة في بعض مناطقها.
ويزيد من أهمية قاعدة "3 يوليو" البحرية الجديدة أنه يوجد بالقرب منها، داخل الأراضي الليبية منطقة غنية بالبترول والغاز تُعرف باسم "الهلال النفطي".
صراع الطاقة
ويقول الخبير العسكري والاستراتيجي اللواء محمد سلامة الجوهري إن اكتشافات الغاز والبترول الحالية أو المستقبلية تشهد حالة من النزاع الإقليمي المستمر، مما يؤكد ضرورة الوجود العسكري القوي لتأمين حقوق الدولة الاقتصادية في البحر، لاسيما إذا كان هذا الوجود بالقرب من مناطق الاكتشافات.
ولفت الجوهري في حديثه أن هناك نزاعات مستمرة منذ سنوات في منطقة شرق المتوسط على آبار غاز مكتشفة، وكل طرف يزعم وقوعها داخل نطاق المياه الاقتصادية له، وفي ظل "صراع الطاقة" شرق المتوسط، لم يحسم أى طرف الأزمة لصالحه.
ويتابع الخبير العسكري أن امتلاك القدرات والقوة العسكرية لا يعني التهديد بها، لكنه يؤكد وجود حصن وسند للأمن القومي المصري والعربي وحماية مباشرة للثروات المكتشفة والقائمة بالفعل على امتداد ساحل البحر المتوسط، سواء الثروات المصرية أو العربية أو ثروات الدول الحليفة لمصر وتربطها بها علاقات استراتيجية.
وتسعى الدولة المصرية إلى الاكتفاء الذاتي من المنتجات البترولية خلال العامين المقبلين.
ويُقدر حجم الاحتياطات المُؤكدة من الغاز الطبيعي في حقل "ظُهر" ببحو 30 تريليون قدم مكعب من الغاز الطبيعي، حسب تقارير حكومية مصرية، بمعدل انتاج 2.7 مليار قدم غاز يومياً، ما دفع مصر لتحقيق الاكتفاء الذاتي من الغاز الطبيعي، وتصدير كميات منه للخارج.
المصدر : سكاي نيوز عربية