سقوط قانون منع لم الشمل لا يغير من واقع الحال كثيراً

حجم الخط

بقلم: راسم عبيدات

 

صوتت الكنيست يوم الثلاثاء الماضي 6/7/2021، على تمديد قانون المواطنة الذي يشمل منع لم شمل العائلات الفلسطينية، ورغم جولات المفاوضات والحوارات والمداولات التي امتدت حتى فجر الثلاثاء 6/7/2021 بين أحزاب الحكومة الإسرائيلية برئاسة نفتالي بينت، والتي بموجبها تم التوصل الى ” تسوية” مع القائمة الموحدة التي وافقت على تمديد القانون لمدة 6 أشهر، الا ان هذه التسوية سقطت بسبب التعادل في الأصوات المؤيدة والمعارضة.اذ ايد ” التسوية” 59 عضو كنيست وعارضها 59 عضو كنيست، فيما امتنع عضوا الكنيست مازن غنايم وسعيد الخرومي من القائمة الموحدة عن التصويت، ولعب الدور الحاسم في إسقاط القانون، عضو الكنيست عن حزب “يمينا” عميحاي شيكلي،الذي صوت ضد القانون،وضد توجهات حزبه،ومما تجدر الإشارة اليه أنه بالإمكان المصادقة على القانون بالأغلبية العادية ،وليس بالنصف زائد واحد.

وفي التصويت طلب رئيس الحكومة الإسرائيلية، نفتالي بينت، أن يشكل التصويت منح ثقة للحكومة، وبالمقابل طلب رئيس حزب شاس من المعارضة اليمينية ،أرييه درعي أن يشكل التصويت حجب ثقة عن الحكومة. ولم تسقط الحكومة لأن حجب الثقة عنها يحتاج الى اغلبية 61 عضو كنيست.

وقبل الغوص في التفاصيل والحجج والتبريرات من قبل المؤيدين والمعارضين لهذا القانون،لا بد من التطرق بالتعريف لهذا القانون العنصري، حيث يُعرف في الأدبيات الإسرائيلية بقانون “المُواطَنة”، وهو عبارة عن قانون مؤقّت (قانون طوارئ) يحرم العائلات الفلسطينية، التي أحد الوالدين فيها من الضفة الغربية وقطاع غزة أو من دول عربية تعتبر “عدوة” سوريا،العراق ،لبنان وايران، من “لم الشمل” والعيش معاً في “إسرائيل” مع حقوق أساسية. وهو القانون الذي سنّه الكنيست للمرة الأولى في العام 2003، كقانون مؤقت لعام واحد، ومنذ ذلك العام يجري تمديده سنوياً لعام إضافي، ولم يكن هناك مشكلة في تمديد القانون لأن اليمين -قبل أن ينقسم- كان يملك أغلبية فورية مطلقة، في كل واحدة من ولايات الكنيست، وفي ظل كلّ الحكومات في السنوات الـ18 الأخيرة.

من الواضح بأن فشل إقرار القانون كشف بشكل جلي عن هشاشة ائتلاف حكومة بينت- لبيد، حيث نجحت المعارضة التي يقودها ” الليكود” برئاسة نتنياهو في عرقلة تمريره،ونتنياهو لم يصوت هو وكتلة المعارضة من اليمين الديني التي يقودها ضد إقرار القانون،من منطلقات فكرية وايديولوجية وسياسية يؤمنون بها،فنتنياهو كان يحرص دوماً على التجديد السنوي لمثل هذا القانون،الذي يعتبره حق عودة بطريقة غير مباشرة للفلسطينيين،ولكن معارضة نتنياهو وكتلته اليمنية الدينية نبعت من قضايا مصلحية بحتة، الهدف منها إسقاط حكومة بينت بأي ثمن.
قانون منع لمّ الشمل المُقر في العام 2003، ويهدف إلى منع عائلات فلسطينية من طرفيْ “الخط الأخضر” من لمّ شملها والعيش معاً في إسرائيل في ظروف حياة طبيعية وحقوق أساسية يصفه المعارضون للقانون بأنه عنصري وغير أخلاقي ويتنافى مع القوانين الدولية، يتذرع المؤيدون له بأمرين: “إعاقته يمس بأمن الدولة، ويخل بهوية الدولة اليهودية”.

لاشك بان سقوط القانون شكل صفعة قوية لحكومة بينت- لبيد،وفشل لتلك الحكومة في اختبارها الأول،والصفعة الأشد كانت لحزب ” يمينا” الذي يقوده بينت،فقد رفض عضو الحزب “عميحاي شيكلي” التصويت لصالح تمديد القانون،وصوت ضده وضد توجهات حزبه،وهذا يعني بأن حكومة بينت قد تنهار بأسرع مما نتصور.
حسب التقارير الإسرائيلية فإن هذا القانون الذي جرى تمريره،بعد دخول 130ألف فلسطيني الى ” اسرائيل” – 48 – عن طريق لم شمل عائلات بين عامي 1993 و2003،بما في ذلك خلال الإنتفاضة الثانية.


وتوضح تلك التقارير أن مصدر القلق الرئيس المُعلن في ذلك الوقت كان الخطر الأمني الذي يشكله انخراط بعض الفلسطينيين المُجنَسين في عمليات داخل الخط الأخضر – 48 -، ولكن كان هناك أيضاً هدف ديموغرافي، وهو هدف أساسي: وفقاً لتقييمات المؤسسة الأمنية فإن نحو 200 ألف فلسطيني كانوا سيحصلون على “الجنسية الإسرائيلية” أو الإقامة كل عقد لولا هذا القانون.

عدم مصادقة الكنيست، الثلاثاء الماضي، على منع لم شمل العائلات الفلسطينية كبند في قانون المواطنة يتم تمديده سنويا، وبالتالي إسقاطه لأول مرة منذ العام 2003، لن يخفف بشكل كبير على العائلات التي فيها أحد الزوجين مواطن في “إسرائيل” والآخر مواطن في الضفة الغربية أو قطاع غزة، ويقدمان طلبا من أجل لم شمل العائلة.

ويعني إسقاط بند منع لم الشمل أنه لا يوجد حاليا منع شامل للم شمل العائلات. لكن وزيرة الداخلية الإسرائيلية، المتطرفة أييليت شاكيد، ستسعى منذ الآن إلى رفض أي طلب لم الشمل على حدة، رغم عدم وجود قانون يمنع لم الشمل، من خلال التذرع بحجج أمنية خلال انتفاضة القدس والأقصى، بداية سنوات الألفين.

وحسب المحللة القانونية في موقع “واينت” الألكتروني، طوفا تسيموكي إلى انه بغياب القانون،ستضطر شاكيد الى النظر في كل طلب على حده،ودراسة ما اذا كان يستوفي الحالات الإستثنائية بلم شمل العائلات
وأضافت انه”من اجل رفض طلب لم شمل عائلة معينة،ستضطر وزيرة الداخلية الإسرائيلية إلى الإستعانة بالشاباك لإثبات ان مقدم الطلب يشكل خطراً امنياً. وليس بإمكان الشاباك ،كجهاز حكومي،ان يوصي برفض الطلب بشكل تعسفي، من دون ادلة جنائية او اجرائية.فالشاباك ووزيرة الداخلية يخضعان لقرارات المحكمة العليا ،وهكذا فإنه اذا كان الرد على الطلب سلبياً،بإمكان مقدمه الإلتماس الى ” المحكمة العليا وستضطر شاكيد الى ان تفسر للمحكمة أسباب رفض الطلب ومنع الزوجين من حياة عادية.”


وتابعت تسيموكي ان ” هذا القانون يعتبر إشكالياً بسبب مسّه بحقوق المتزوجين بحياة عائلية عادية ،مثلما ينص عليه قانون أساس: كرامة الإنسان وحريته، الذي يعترف بحق أي ” اسرائيلي” بإقامة عائلة كحق أساسي. وكانت المحكمة العليا قد نظرت مرتين في قانونية القانون (منع لم الشمل) في هيئة قضاة موسعة. وصادقت عليه بأغلبية صوت واحد.

والتذرع بالحجة الأمنية من اجل تمرير وتمديد الأمر احترازي في ما يسمى بقانون المواطنة،ليس هو السبب بإستمرار تمديد سريان هذا القانون،بل السبب له علاقة بالجانب الديمغرافي وحسب زعمهم المس بهوية الدولة اليهودية،فدولة الإحتلال لن تغرق بطلبات الفلسطينيين بالحصول على لم الشمل ” الجنسية الإسرائيلية” أو ” الإقامة المؤقتة،إستناداً الى الزواج من فلسطيني/ة من الداخل الفلسطيني -48- او مدينة القدس.

عدم التمديد لسريان هذا القانون،سيسبب الزيادة في طلبات لم الشمل،وزيادة الأعباء البيروقراطية على وزارة الداخلية وجهاز الشاباك،من حيث زيادة أعداد الموظفين والطواقم التي ستنظر في هذه الطلبات،ناهيك عن التوجه لما يسمى بمحكمة العدل العليا من قبل الذين يجري رفض طلباتهم من قبل جهاز ” الشاباك”.

ومما تجدر الإشارة إليه أن إنتهاء فترة سريان منع لم الشمل لن يكون له أثر رجعي على الطلبات التي قُدمت في السنوات الماضية، وإنما سيؤثر على الطلبات التي ستقدم منذ اليوم الأربعاء. إلى جانب ذلك انه بإمكان المواطنين الفلسطينيين من الضفة والقطاع،الذين رفضت طلباتهم في السابق تقديم طلبات جديدة، سيتم النظر فيها من جديد،علماً أن الطلبات التي قدمت في السابق كانت ترفض بشكل أوتوماتيكي بسبب القانون الإحترازي الذي تم تمديده سنوياً.


جيد سقوط مثل هذا القانون العنصري،والذي لعب خلاف قوى الصهيونية من اليمينين العلماني والديني دوراً بارزاً فيه،والذي يفتح طاقات أمل لأبناء شعبنا في الضفة الغربية وقطاع غزة المتزوجين /ات من أبناء وبنات شعبنا في الداخل الفلسطيني- 48 – والقدس من أجل العيش سوية ومعاً في حياة طبيعية وحقوق أساسية،والجيد كذلك ان هذا التصويت على هذا القانون،كشف عن وجود متصهينين عرب في احزاب عربية واسرائيلية ممثلين في ” الكنيست” البرلمان الصهيوني،اكثر صهيونية من الصهاينة أنفسهم،بتصويتهم لصالح تمديد القانون .