"الكيرن كييمت" يشتري أراضي فلسطينية خاصّة في الضفة الغربية: تفاصيل 4 صفقات سرية (2-2)

حجم الخط

بقلم: هاجر شيزاف


الصفقة الثالثة: منزل البكري في الخليل
تنظيم السوق هو مفهوم يتكرر مرة تلو الاخرى. ايضاً في حالة المبنى المعروف باسم «بيت البكري»، الذي يقع في حي تل الرميدة في الخليل، والذي يوجد في مركز الصفقة المختلف عليها جداً والتي عقدتها هيمنوتا في هذه الفترة. صفقة لا يوجد حولها أي شك بأنها لا تلبي «تنظيم السوق»، كما كتب في تقرير ياهف.  تتدحرج قضية بيت البكري منذ سنوات كثيرة. وقد حظيت بالاهتمام منذ العام 2005 حيث في حينه اقتحم مستوطنون المبنى الذي تملكه عائلة البكري. وقد قالوا في حينه بأنهم اشتروا الحقوق على البيت من فلسطيني، ولكن تحقيقاً للشرطة اظهر أن وثائق الصفقة مزورة.  تدحرجت القصة سنوات كثيرة في الجهاز القضائي الى حين قضت محكمة الصلح في القدس، في آذار 2019، بأنه يجب على المستوطنين إخلاء المبنى.
مثلما في حالة حقل النخيل، ايضاً هنا تم القيام بعمليات من وراء الكواليس. فقبل شهرين على اصدار الحكم، حسب تقرير ياهف، وضعت هيمنوتا يدها على جزء من المبنى. كما يبدو الشركة التابعة للكيرن كييمت وقعت على اتفاق مع فلسطيني عرف نفسه كصاحب حقوق على القسيمة. وحسب اقواله، مثلما كتب في تقرير ياهف، فانه قام بشراء هذا الجزء من أحد أبناء العائلة. في الاتفاق كتب أن البائع سيحصل على 2.8 مليون شيكل مقابل الطابق السفلي ومساحة تبلغ 1.7 دونم. كان يمكن أن تشمل المرحلة الثانية الطابق الثاني والسطح و980 مترا آخر مقابل 2.8 مليون شيكل اخرى.
في حالة بيت البكري، الملكية غير منظمة في الطابو، بل فقط في سجلات ضريبة الاملاك. تناقض هذه الحقيقة مسألة الملكية وتحولها الى صورة معقدة اكثر، وتحويل الصفقة الى معارضة لسياسة الشراء المتبعة في هيمنوتا. حسب تقرير لامبرغر، ومن اجل وجود الصفقة، تمت المصادقة على تعديل في سياسة هيمنوتا، يمكن من الشراء في منطقة «اتش 2» في الخليل دون أن يمر هذا الامر عبر مؤسسات الكيرن كييمت ذات الصلاحية.
ذُكر في تقرير ياهف أن اتفاق التقسيم بين ورثة البيت والذي يفصل ملكيتهم، مليء بالعيوب القانونية. اشارت ياهف الى أنه لم يتم عرض أمر حصر ارث، وأنه لا توجد توقيعات كثيرة في الوثيقة بما في ذلك توقيعات أبناء العائلة، الذين كما يبدو شاركوا في اللقاء الذي وقعت فيه؛ الوثيقة خالية من تشخيص للعقارات المختلفة التي كما يبدو يقسمها، والاتفاق لم يتم تسجيله في سجل ضريبة الاملاك. «هناك احتمالية معقولة بأن تثور مشكلات قانونية بشأن صحة هذه الوثيقة»، كتبت ياهف. كان هناك ايضا المزيد من الرايات الحمراء، مثلاً، حقيقة أن البائع لم يكن جزءاً من الإجراءات القانونية لاعادة ملكية عائلة البكري على المبنى. بشكل عام، كتبت ياهف، استمرار نضال العائلة «يطرح تساؤلات حول مجرد وجود صفقة بيع. لكن الوثائق الاشكالية لم توقف دولاب الصفقة. وفي حزيران 2019، بعد ثلاثة اشهر على قرار أنه يجب على المستوطنين ترك البيت، وقعت هيمنوتا مع جمعية مستوطنين باسم «مُجددي الاستيطان اليهودي في الخليل» على اتفاق تفويض باستخدام المبنى وصيانته. وحسب اقوال ياهف، فان مدة العقد هي خمس سنوات والمقابل هو 5400 شيكل في السنة.
كما يبدو من عقد استخدام المبنى وصيانته، كانوا في  وزارة الدفاع يعرفون عن الصفقة، حسب مراسلات في البريد الالكتروني في ايلول 2019، والتي ذكرت في الرأي الذي قدمته ياهف. الطرفان في هذه المراسلات، هما مساعد وزير الدفاع لشؤون الاستيطان، آفي روءا، والمحامي آفي سيغل الذي مثل هيمنوتا. تبين من المكتوب أن وزارة الدفاع اعتقدت أنه لا يمكن السماح بالسكن في هذا المكان. «المصادقة على الدفع قدما بالإجراءات لا تشكل مصادقة على السكن في العقار»، كتب روءا، كما هو مذكور في تقرير ياهف. قال سيغل من ناحيته إن رسالة روءا مليئة بالاخطاء وأنه يجب إجراء نقاش مستعجل لأن «سيف الإخلاء» يحوم فوق اليهود الذين يسكنون في العقار.
في لقاء رجال هيمنوتا في أواخر العام 2019 سجلت ملاحظة في وثيقة الاجمال، وبحسبها «في اعقاب أمر إخلاء آخر صدر في بداية 2019، طلب منا تنفيذ عملية الشراء». حغيت عوفران، من طاقم متابعة المستوطنات في حركة «السلام الآن»، والتي تتابع تسلسل الاحداث فيما يتعلق بالعقار، كل هذه الامور لا تفاجئها. «واجهنا خلال السنوات اكثر من مرة، بما في ذلك في بيت البكري، صفقات تم فيها استخدام اشخاص وهميين كجزء من سلسلة الشراء، التي لا تتم بشكل مباشر مع المالكين الاصليين»، قالت للصحيفة. «الادعاء في مرات كثيرة هو أن هذا الامر يتم من اجل أن لا يعرف الاصحاب الاصليون بأن المشترين هم فعلياً إسرائيليون. ولكن عملياً، على الاغلب يتم استخدام ذلك من اجل تزوير جزء من الصفقة والادعاء في الوقت نفسه بحسن النية».
في العام 2020 بدأ إجراء تنفيذ إخلاء بيت البكري من المستوطنين الذين سكنوا فيه. وفي نيسان 2021 قدّم احد المستوطنين الذين يسكنون في الطابق السفلي (عن طريق الاستئجار من جمعية «مجددي الاستيطان»)، طلبا لاصدار أمر منع إخلاء. الذريعة هي أن هيمنوتا اشترت الشقة التي يعيش فيها ووقعت على عقد مع الجمعية، التي بدورها قامت بتأجير العقار له. حسب العقد الذي عرضه، هو يدفع 250 شيكلاً أجرة في الشهر. في اطار النقاش ايضاً عرضت هيمنوتا إجراءات اولية قامت بها تمهيداً لتسجيل الأرض. حتى الآن صدر أمر مؤقت لمنع إخلاء المستوطنين.

الصفقة الرابعة: 218 دونماً في غور الأردن
الرايات الحمراء تظهر مرة تلو الاخرى في تقرير ياهف في اماكن مختلفة على خارطة الضفة. تم غرس بعضها في منطقة تبلغ مساحتها 218 دونماً في غور الاردن، ليست بعيدة عن مستوطنة ارغمان. في آذار 2019، كتب في التقرير، تم التوقيع على اتفاق بين هيمنوتا وبائع فلسطيني على بيع الأرض. الثمن هو 9.8 مليون شيكل، سيتم ايداعها في حساب ائتمان. وحسب وثيقة لجنة التدقيق الخارجية، التي تم تحويلها مؤخراً الى مجلس الامناء، فان مبلغ هذه الصفقة لم يتم تحويله للبائع حتى الآن. وهو قدم دعوى بمبلغ 11 مليون شيكل ضد هيمنوتا.
لم يكن بائع الأرض صاحب الأرض الأصلي. فقط نصف الأرض كان مسجلاً باسمه في الطابو عند التوقيع على الاتفاق، حسب تقرير ياهف. وحسب اقواله، مثلما ورد عن المحامية ياهف، فانه كان يحق له تسجيل النصف الثاني. التفويض الذي عرضه لهذه الغاية تمت المصادقة عليه من قبل المحامي ارزي، المستشار القانوني لجمعية رغافيم والذي لعب دور كاتب العدل في جزء من صفقات هيمنوتا. ولكن حسب التقرير، البائع سجل نفسه كمالك قبل اقل من شهر على تنفيذ الصفقة. ولم يكن معروف لهيمنوتا متى قام بشراء الأرض من اصحابها الاصليين. قبل شرائه للأرض كانت حقوق الملكية عليها هي من نوع «المشاع»، أي أنه كان يملكها شركاء آخرون، في الوقت الذي فيه تقسيم المساحات فيما بينهم غير محدد.
حسب ياهف، البائع هو فلسطيني يعمل في مستوطنة في المنطقة. واستعان لغرض الصفقة بوسطاء إسرائيليين مجهولي الأسماء، قاموا بإقراضه ملايين الشواكل من اجل شراء الأرض من البداية. حسب رأيها، كان الوسطاء فعلياً اكثر من مقرضين، وحصلوا في المقابل على مبلغ محترم على مشاركتهم في الصفقة. مع ذلك، لا يظهر من الوثيقة اذا كانوا قد حصلوا على المقابل الذي يدور الحديث عنه من هيمنوتا أم من البائع الفلسطيني.
في ايلول 2019 استكمل الفلسطيني تسجيل ملكيته. في ملخص لقاء هيمنوتا في تلك السنة كتب أنه لم يتم دفع أي اموال بعد عن الصفقة، لكن الشركة اصبحت حائزة على جزء من القطعة، وحتى أنها بدأت بفلاحتها. «اذا لم ندفع فهذا سيتم عرضه وكأننا لصوص»، كتب في اسفل الوثيقة.
إن عدم معرفة هيمنوتا لمن حاز واستخدم الأرض قبل الصفقة، كتبت ياهف، استند الى موقف منفذي الصفقة الذي يقول إن فحص الحقائق قبل خروجها الى حيز التنفيذ سيضر بـ «حسن نية» الشركة. بعد ذلك اضافت ياهف ملاحظة عامة ظهر فيها ما يقلقهم في الشركة: العيوب والقصورات الشائعة في الصفقات في يهودا والسامرة هي عيب في تشخيص الموقع، الذي يتظاهر بأنه مالك. أي «تزوير وتقمص شخصية آخرين». ولكن رغم أن معظم المشكلات التي يطرحها تقرير ياهف، والتي كانت توجد عند عقد الصفقات، إلا أنها جميعا خرجت الى حيز التنفيذ و100 مليون شيكل استثمرت فيها. الآن تقف الشركة امام اتخاذ قرار حاسم، هل تستكملها وماذا ستكون التداعيات تجاه من كان متورطا فيها. وفوق كل ذلك، هل سيواصلون عقد صفقات في الضفة الغربية.

ردود
من الكيرن كييمت ورد: «الحديث يدور عن مسودة تقرير، لم يستكمل العمل عليها ولم يتم اعطاء اجابة عليها من قبل الجهات المذكورة فيها. ونشرها في هذه المرحلة لا توجد له أهمية. على أي حال، عدد من الصفقات المذكورة استكمل، وحتى أنه تم تسجيلها في عمليات تسجيل، وعدد منها ما زال قيد الإجراءات القانونية. والكيرن كييمت ستعمل بالطبع حسب كل قرار قضائي ملزم سيتم اتخاذه».
من مكتب وزير الدفاع ورد: «ليست وزارة الدفاع طرفا في أي صفقة تتعلق بالاراضي المذكورة في المقال. في الحقيقة، كما اشارت الدولة في اطار مناقشة الالتماس المذكور في المقال، فان الاراضي الزراعية المذكورة تتم فلاحتها من قبل سكان موشافات في غور الاردن، على اساس اذن اعطي لهم بشكل قانوني في ثمانينيات القرن الماضي.
«طالما يتم شراء هذه الاراضي من اصحابها بما يضمن استمرار فلاحة الأرض من قبل سكان الموشافات التي يقومون بفلاحتها الآن، فان هذا يمكن أن يحل الصعوبات التي تم طرحها في الالتماس. ووزارة الدفاع سترحب بذلك».
من مكتب منسق اعمال الحكومة في المناطق ورد: «صيغة التسجيل التي تشمل ملاحظة التحذير واضحة تماما لجميع اصحاب الحقوق على الأرض، حسب تعريفهم في التشريع المتعلق بالمنطقة. لذلك، تفاصيل صيغة التسجيل، بما في ذلك ملاحظة التحذير، متاحة لاطلاع اصحاب الحقوق على الأرض حسب الطلب. نحن لا نتطرق الى الإجراءات المتعلقة بالحفاظ على المعلومات وتخزينها، التي توجد في الوحدة. وفي الاصل، هذا الأمر لا يؤثر على حق أصحاب الحقوق على الأرض في الاطلاع على تسجيل الأراضي».

عن «هآرتس»