كشفت وسائل إعلام عبرية، اليوم الإثنين، أن المنظومة الأمنية والعسكرية في "إسرائيل"، بدأت بإعادة تحليل شخصية رئيس حركة حماس بغزة يحيى السنوار، وذلك عقب موقفه خلال العدوان الإسرائيلي على قطاع غزة في مايو الماضي.
وأشارت صحيفة "هآرتس" العبرية، إلى أنه أوكل إلى جيش الاحتلال وجهاز الشاباك، إضافة إلى متخصصين في الصحة العقلية وخبراء لغة الجسد وتحليل الكلام، مهمة إعادة تحليل شخصية السنوار.
وقال مصدر أمني إسرائيلي: "إن التحول الذي يمر به السنوار اليوم يقدمه كشخصية خطيرة بالنسبة لنا، ومن الضروري اتخاذ قرارات بشأن الاستمرار في التعامل مع حركة حماس بغزة".
وذكرت الصحيفة، أن سلوك السنوار خلال الأشهر الأخيرة يختلف عما كان متعارف عليه في "إسرائيل"، واستبدال البراغماتية بقرارات متسرعة، ولم يعد تمسك بأي حلول وسط والتواضع النسبي، منوهة إلى أنه بات وفقًا للملف الشخصي المحدث الذي يتم تحديثه حاليًا لدى المنظومة الأمنية بأن في تلك المرحلة لا يمكن التنبؤ به ببساطة.
وتابع مصدر أمني آخر: "حتى أيام قليلة كان محمد الضيف هو الشخصية الأخطر ما بينه وبين يحيى السنوار، لكن اليوم الأمر لم يعد واضحًا".
ونوهت الصحيفة، إلى أنه يتم حاليًا دراسة التغيير في مواقف السنوار ما قبل العملية الأخيرة وخلالها وبعدها، موضحة أن التهديدات التي أطلقت قبل "مسيرة الأعلام"، كان في "إسرائيل" لديهم اعتقاد أنها غير جدية قبل أن تسقط الصواريخ في القدس، إلا أن ما جرى وما تبعه من أحداث وصولًا لوقف إطلاق الناس الذي كان بالنسبة للسنوار بمثابة الانتصار، دفع باتجاه تغيير الرؤية نحو قائد حماس بغزة.
وفي صباح اليوم الذي دخل فيه وقف إطلاق النار حيز التنفيذ، لاحظوا في "إسرائيل" أن هناك شيئًا مختلفًا في سلوكه، وظهوره في شوارع غزة وهو يصافح السكان، دفع باتجاه هذه الملاحظة، حيث علق مصدر أمني على ظهوره بالقول “الطريقة التي كان يمشي بها في الشوارع ومصافحة السكان والاجتماع معهم والعشائر، والطريقة التي يسمح بها لهم بلمسه وتعليق صوره وأداء نوع من الطقوس التي تظهر الإعجاب به شيء لم يكن موجودًا من قبل”.
وأشارت الصحيفة، إلى أنه يجري فحص الكثير من الخطوات التي اتخذها السنوار ومنها ظهوره العلني وأمام وسائل الإعلام في الأيام التي سبقت العملية والتي تلتها، حيث علق المصدر الأمني بالقول “السنوار يحول نفسه إلى شخصية روحية، إنه يحاول خلق أساطير من حوله والتحدث عن نفسه وكأن الله اختاره ليقاتل من أجل المسلمين ومن أجل القدس”.
وقالت: " ترى المؤسسة الأمنية الإسرائيلية أن التغيير الذي حصل مع السنوار كان قبل شهرين من العملية العسكرية الأخيرة، ولذلك لم يكن التغيير مرتبطًا بإسرائيل إطلاقًا على الأقل ليس بشكل مباشر".
وذكرت الصحيفة: أن "التقديرات الإسرائيلية أرجعت هذا التغيير الحاصل إلى انتخابات قيادة حماس والتي جعلت السنوار يواجه بشكل مفاجئ خصمًا عنيدًا وهو نزار عوض الله الذي يوصف لدى الأمن الإسرائيلي بأنه “متطرف” وينتمي إلى الجيل المؤسس لحماس، وكاد أن يكون زعيمًا لحماس بغزة، لكن السنوار في جولة رابعة حسم الفوز لصالحه".
وتعقيبًا على ذلك، قال المسؤول الأمني الإسرائيلي “إن السنوار أدرك أنه كان سيدفع الثمن الذي اختاره بالمضي قدمًا في التسوية (التهدئة)، وفهم أن الانتقادات الموجهة إليه بذهابه للمال القطري والمساعدات المالية، وقدمته كشخص تخلى عن الخيار العسكري”.
وبحسب مصادر استخباراتية إسرائيلية، فإن السنوار لم يعتقد أبدًا أنه تخلى عن هذا الاحتمال في الصراع ضد إسرائيل، لكنه الآن يريد إثبات ذلك، وقال مصدر استخباراتي “قرر السنوار الاصطفاف إلى جانب الذراع العسكري لحماس، دخل الحرب ضد إسرائيل بوعي، وحاول كسب دعم أكبر في أوساط شعبه وشبابه في غزة .. الطريقة التي انتهت بها جولة القتال شكلت مستقبل السنوار بشكل مختلف وبدأ يتمتع بخصائص شخص يعتقد أنه اختير لقيادة العرب في العالم”.
وأشارت الصحيفة، إلى ظهور السنوار في إحدى الصور وهو يجلس على كرسي في منزله الذي دمرته الطائرات الحربية الإسرائيلية، وانتشرت تلك الصورة على وسائل التواصل الاجتماعي ما دفع سكان غزة لتقليده بصور مماثلة في منازلهم التي تعرضت للقصف، ويقول مصدر أمني إسرائيلي مشارك في تحليل شخصية زعيم حماس “كان يعرف سبب تصويره في ذلك اليوم وهو جالس على الكرسي الضخم، أراد أن يقول لكل الفلسطينيين في غزة والضفة الغربية وعرب إسرائيل، هذا منزلي قصف أيضًا وأنا واحد منكم”.
وتابعة: "إن هذه أكثر بكثير من مجرد صورة كما ترى ذلك المخابرات الإسرائيلية، وأن هناك تقدير متزايد أنه على الرغم من الضربة الشديد لحماس خلال الجولة الأخير، إلا أنه بات يُنظر للسنوار في أوساط الجمهور الفلسطيني على أنه الشخص الذي هم إسرائيل ولم يستسلم لها وتمكن من إقامة صلة بين غزة والقدس، وأنه دفع الثمن بسبب القدس، كما أنه حصل على مستوى الرأي العام الإشادة وبات ينظر إليه أنه الزعيم العربي الوحيد الذي دخل في السنوات الأخيرة عن وعي في الحرب ضد إسرائيل ولم يستسلم، وبالنسبة له حقق انتصارًا بتوقف القتال دون قيد أو شرط بقرار من الطرفين".
وذكر مصدر أمني إسرائيلي، “كان التأثير الشخصي عليه كبير جدًا، من الواضح أنه مع مرور الأيام التي أعقبت العملية بدأ يعتقد أيضًا أن هناك شيئًا آخر فيه، وأنه بات أكثر من مجرد زعيم في غزة وأنه بات له تأثير كبير على المسلمين في العالم، ولا يرى نفسه فقط على أنه الشيخ أحمد ياسين وياسر عرفات وأبو علي مصطفى، بل أنه مثل قادة كبار في الإسلام، ويتحدث بلغة الزعيم العربي الذي أمره الله بحراسة القدس والأقصى”.
وأشارت الصحيفة العبرية، إلى خطاباته بعد جولة القتال وتوجيه التحية للعرب والمسلمين وكذلك لفلسطينيي الداخل، وقوله إن لدى حماس 10 آلاف مقاتل داخل إسرائيل مستعدون للقتال.
وقال مصادر أمنية إسرائيل “هذه الهالة من الزعيم العربي الجديد، باتت تنتقل أيضًا إلى العالم الخارجي والجهات الدولية”، مشيرًا إلى اللقاء الذي جمعه مع مبعوث الأمم المتحدة ثور وينساند والذي خرج بعد محادثة قصيرة معه بإلقاء اللوم عليه وطلب إنهاء الاجتماع وطالبه بمغادرة غزة.
وترى المصادر أن تصريحاته حول استعداده لإجراء مفاوضات جادة وسريعة بشأن صفقة تبادل الأسرى، بأنها كانت موجهة لعواصم عربية مختلفة خاصةً وأنها صدرت خلال زيارة وزير الخارجية الإسرائيلي السابق غابي أشكنازي إلى مصر.
وقال مصدر أمني “لقد حاول السنوار أن يقول للمجتمعين في مصر أن كل شيء يمر من خلاله فقه، وأنه زعيم ذو أهمية دولية مثلهم تمامًا”.
وأوضح آخر، كل هذه الأمور تشير إلى أن السنوار أصبح قائدًا غير مستقر ولا يمكن التنبؤ به، وهذا يتطلب من إسرائيل دراسة الخطوات المستقبلية .. الطريقة التي يتصرف بها تتطلب منا اتخاذ القرارات بالسماح له بأن يكون الشخصية التي يمكن أن تجلس مع الوسطاء في موضوع التسوية (التهدئة)، أو فيما إذا كان هو الرقم الذي يمكن أن ندعه يستمر في حيازة الكثير من الأسلحة ويهددنا”.
وفي الختام، قالت الصحيفة: "إنه عشية مسيرة الأعلام الثانية التي أجلت بعد الأولى، كانت التقديرات في إسرائيل تشير إلى أنه لن يكون هناك إطلاق صواريخ من جديد باتجاه القدس وهو ما لم يحصل، لكن أخذ بتهديدات السنوار على محمل الجد، وتم عقد عدة تقييمات أمنية لكي تجري المسيرة بهدوء، ويعلق مصدر أمني إسرائيلي على ذلك بالقول “هذا بالضبط ما نخاف منه، لأنه زعيم أصبح غير قابل للتنبؤ”. بالإشارة إلى تهديداته.