تشهد الليرة اللبنانية تدهورا جنونيا وسريعا، فالدولار الأميركي تضخم مقابلها متجاوزا نسبة الألف بالمئة، وهي نسبة خيالية في بلد يعتمد على الدولار بنسبة 75 بالمئة، ويعيش على استيراد معظم حاجياته الأساسية والكمالية.
وأحدث تغير سعر الصرف بين ساعة وأخرى ارتباكا لدى التجار، مما دفع الكثير منهم لإغلاق محالهم، وسط ضياع تام بشأن كيفية تعاطي القطاعات والمؤسسات مع زبائنها.
فمعظم المعاملات والمبادلات التجارية والخدماتية تسعّر بالدولار الأميركي، ومع تذبذب سعر الصرف بين ارتفاع ملحوظ وانخفاض طفيف، أصبح لا بد من التركيز على العوامل التي تتحكم بسعر الصرف.
ويقول الأكاديمي والخبير الاقتصادي، بيار الخوري، إن "أي انخفاض للدولار حاليا لا يعتد به"، لافتا الى أن العوامل التي تتحكم بسعر الصرف تعطيه منحى تصاعديا.
ويتابع: "لبنان في قلب أزمة مالية كبرى، تتجسد بعجزه عن تأمين دخول الدولارات إلى البلاد بالطرق التي يعمل بها كل اقتصاد في العالم، أي من خلال التبادلات الخارجية أو بحركة رأس المال".
ويوضح: "فإيرادات التصدير اليوم لا تكفي لتلبية حاجة البلد من العملة الصعبة، كما أن أصحاب رأس المال فقدوا ثقتهم بلبنان ولم يعودوا يرسلون أموالهم. إضافة إلى ذلك، فإن هناك العامل النفسي الذي يدفع بالناس إلى الاحتفاظ بالعملات ذات القيمة كالدولار وحتى البيتكوين، واستعمال العملة الوطنية فقط بمبادلاتهم اليومية".
ويرى خوري أن لبنان "سيتجه إلى (الدولرة) الشاملة، أي أن المبادلات ستتم بالدولار بسبب انعدام الثقة بالعملة الوطنية"، مؤكدا أن أي انخفاض اليوم لسعر صرف الدولار لا يعول عليه، لأن التدفقات المالية وتشكيل حكومة والبدء بالإصلاحات وإعادة التوازن للاقتصاد الوطني، هي العوامل الحقيقة التي ستؤدي لانخفاض سعر صرف الدولار، وعودة التعافي لليرة الوطنية".
من جانبها، تعتبر الباحثة في العلوم النقدية، ليال منصور، أن السعر الحقيقي لصرف الدولار "أعلى مما هو عليه اليوم بكثير، وهو أمر يناقض مبدأ العرض والطلب الذي يعتبره الكثيرون العنصر الأساسي في تحديد سعر صرف الدولار".
وتعلل الباحثة السبب في أن "اقتصاد لبنان مدولر بنسبة تتجاوز الـ 75 بالمئة، مما يعني أن أية سلعة مهما كان حجمها، أساسية أم كمالية، تستورد من الخارج بالدولار، وتباع بالدولار أيضا. والناس تلجأ لادخار الدولار كما الذهب تحوطا لأي طارئ تتعرض له، أو حفاظا على ما تجنيه من أموال".
وبحسب منصور، فإن ما يمنع سعر صرف الدولار من الوصول إلى "سعره الحقيقي المرتفع"، يعود إلى عدة عوامل، "أولها تحديد سقف السحوبات من قبل المصارف بالليرة، إضافة إلى أن مصرف لبنان لا يزال يدعم السلع الأساسية من خلال تأمينه الدولار على سعر الصرف 1500 ليرة أو 3900 ليرة، مما يخفف الطلب على الدولار بالسوق الموازي".
المصدر : سكاي نيوز عربية