فلسطين ونيكاراغوا واستخلاص العبر

صلاح هنية.jpg
حجم الخط

بقلم: صلاح هنية

احتلت العلاقات الثنائية والمتعددة (فلسطين ونيكاراغوا) أهمية خاصة على مدار هذا الشهر بمناسبة الذكرى 42 لاتصار الثورة الساندينية ومرور 41 عاما على إقامة العلاقات منذ زيارة الرئيس المؤسس ياسر عرفات لنيكاراغوا في العام 1980.
كان التعبير الاول هو ما وصفه السفير عمر عوض الله من وزارة الخارجية وشؤون المغتربين (تدويل المقاومة الشعبية وصوت مكون من المجتمع الدولي يقر بحقك بالمقاومة الشعبية)، حيث ذهبت نيكاراغوا للاحتفال بذكرى انتصار ثورتها في (بيتا) كنموذج حي للمقاومة الشعبية على الارض التي دعمت الدبلوماسي الفلسطيني ليوصل الصوت الفلسطيني الفاعل على الارض وسهلت عليه مهمته، بنظري لا يجوز ان نمر مر الكرام عن هذا التوجه من نيكاراغوا ورغبتهم برفع اعلام الدولة واعلام الجبهة الساندينية التي تمتلك هذا الموقف، ورغم تأجيل الاحتفال جراء سقوط الشهيد يومها (ساقي المياه) الذي لم يكن يحمل الا عدة صيانة المياه.
واستمرت تجليات العلاقات الثنائية والمتعددة على قاعدة اعتبار نيكاراغوا واميركا اللاتينية مخزوناً استراتيجياً سياسياً وغيره يقف مع الشعب الفلسطيني، الا أن هناك ضغوطات من الكنيسة المسيحية الصهيونية داخل هذه الدول عموما وداخل دول اميركا اللاتينية عموما لنفي حق الشعب الفلسطيني بتقرير المصير واقامة دولته الفلسطينية وتتماهى مع الرواية الصهيونية، وهذا ما يضع هذا المخزون الاستراتيجي ليظل لصالح الشعب الفلسطيني وقضيته السياسية الوطنية وتصعيد هذه العلاقات ببراعة، وخطوات نيكاراغوا صوب شعبنا وقضيتنا.
ووجه السؤال لسفير نيكاراغوا لدى فلسطين روبرتوا موراليس في الطاولة المستديرة عن العلاقة الثنائية: انتصرت ثورتكم، ماذا تقول لنا ونحن لا زلنا تحت الاحتلال؟ فأجاب بالكلمة السحرية: الوحدة الوحدة توحدنا وناضلنا فانتصرنا، وتلك خلاصة مهمة عبرنا عنها في فلسطين مراراً وتكرارا (الوحدة الوطنية) ولا زال الجهد يتطلب المزيد من التركيز تجاهها كوسيلة نضالية كفاحية مهمة.
ولعل المشترك بيننا أن نيكاراغوا تتعرض لحرب اعلامية كما وصفها سفيرها، ونحن نتعرض لحرب اعلامية لبث الفرقة والانقسام وضرب الروح المعنوية لشعبنا، ونتعرض لحرب مستمرة لنهب ارضنا واستمرار سرقة مياهنا وضرب صمودنا، وتواجهها نيكاراغوا على ابواب الانتخابات القادمة بعد ثلاثة اشهر لتقويض الانجازات التي حققتها الجبهة الساندينية في الحكم، بدءاً من محو الامية والبنية التحتية ومسعى تجسيد مبادئ الثورة (العدل والمساواة والحرية)، تقود الجهة المضادة الكنيسة المسيحية الصهيونية التي قوضت وجود الكنيسة الكاثوليكية الاصلية في نيكاراغوا وباتت تتدخل في السياسة والحرب الاعلامية.
وكان التركيز خلال ذكرى انتصار الثورة الساندينية على اهمية تعزيز الى جانب المجالات السياسية (الاقتصادية والتجارية وتوثيق العلاقات بين الوزارات والمجتمع الاهلي والقطاع الخاص) بحيث نرفع نسبة التبادل التجاري بين البلدين وزيادة تصديرنا لنيكاراغوا وتعزيزها بالخبرات الفلسطينية المتاحة وتبادل الخبرات والاستيراد من نيكاراغوا، نعم هي دولة فقيرة ولكنها غنية بإمكانياتها الزراعية وبعض المنتجات التي تمنحها ميزة تنافسية، وهذا يستدعي ترجمة الاتفاقيات الثنائية التي وقعت سابقاً وحديثاً واستثمارها، والاستفادة من رفع هذه النسب وزيادة حضور المنتجات الفلسطينية في نيكاراغوا والخبرات البشرية صحيح اننا لسنا دولة مانحة، ولكننا نستطيع ان نفتح نافذة علاقات اقتصادية تجارية ممكنة ولا نترك الساحة لآخرين.
شكراً لـ (بيتا) رمز المقاومة الشعبية التي أتاحت لنيكاراغوا ان تذهب صوبها للاحتفال بانتصارها، ما فتح ملف تعزيز العلاقات وجعلنا نعقد طاولة مستديرة لنستنير بتلك العلاقة وتقاسم الادوار لتعزيز تلك العلاقة، وتعزيز العلاقات الحزبية مع الجبهة الساندينية، واحتفاء (بيتا) بالتوجه النيكاراغوي، بصورة عبرت عن عمق العلاقة بين الشعوب وفتحت بوابة امام السلك الدبلوماسي العالمي ان يذهب صوب بيتا وبقية مواقع المقاومة الشعبية، ودون ذلك تظل حليفتنا نيكاراغوا وحدها في هذا التوجه وقد تقود العربة الدبلوماسية تجاه هذا الهدف.