الجودو، البوظة، ماكرون نموذجاً

رامي مهداوي.jpg
حجم الخط

بقلم: رامي مهداوي

أعلن مصارع الجودو الجزائري فتحي نورين انسحابه من منافسات اللعبة في أولمبياد طوكيو، بعدما وضعته القرعة في مواجهة مع مصارع إسرائيلي. وربط نورين انسحابه من المنافسات بالقضية الفلسطينية التي قال: إنها «أكبر من هذه الأمور، والقرار لا رجعة فيه، إن شاء الله ينتصر الفلسطينيين، أقل ما نقدمه للقضية الفلسطينية، باللي نقدروا عليه أنا مع القضية الفلسطينية، إن شاء الله يرجعوا لبلادهم وأهلهم».
كشفت تقارير صحافية تداولتها بصورة خاصة صحف «واشنطن بوست» و»الغارديان» و»لوموند»، أن برنامج «بيغاسوس» الذي طورته مجموعة «NSO» الإسرائيلية، قد استخدم للتجسس على صحافيين وناشطين سياسيين ومدافعين عن حقوق الإنسان حول العالم، إلى جانب حكومات ودبلوماسيين في دول عدة، وزعماء دول ورؤساء، وعلى رأسهم الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون، فكانت ردة فعل ماكرون وباريس بعد اكتشاف الاختراق هو: ما تفعله مع طفلك عندما يأخذ هاتفك!!
شركة Ben & Jerry’s تعلن عن وقف بيع الآيس كريم في الأراضي الفلسطينية المحتلة، وما قالته الشركة: إن المبيعات في المناطق «تتعارض مع قيمنا»، مضيفة: إن هذه الخطوة تعكس مخاوف «المشجعين والشركاء الموثوق بهم». علينا النظر له بعين أبعد من مفهوم المقاطعة كإحدى أدوات النضال السلمية والشعبية.
ما أريد قوله: إن أي فعل عالمي على صعيد الأفراد، الشركات، المؤسسات المختلفة في فضاء العولمة بمواجهة دولة الاحتلال وسياساتها العنصرية، أصبح له تأثير أقوى بكثير من أفعال و/ أو تصريحات الدول مهما كان وزنها على صعيد المجتمع الدولي.
بالتأكيد أي دولة لها موازين وأثقال متنوعة محددة في مفهوم العلاقات الدولية مع أي دولة كانت ضمن قاعدة المصلحة والربح والخسارة، فما بالكم إذا ما كانت إسرائيل هي التي ستتم مواجهتها، ما يجعل الأمور بحاجة إلى تفكير أعمق لدى الأغلبية الدولية، وهذا ما نستشعر به، نحن الفلسطينيين، بشكل مباشر مع أي دولة تواجه حقيقة إسرائيل وتنمرها على العالم.
أستطيع القول: إن الجودو والبوظة عبارة عن نموذج لفعل دبلوماسية المقاومة، وتجعل المبادرة الإنسانية حركة اجتماعية عابرة للحدود الوطنية، وتتتبع تطورها من خلال ممارسات المقاومة والمقاومة المضادة باعتبارها مقاومة للهيمنة.
أعتقد أن علينا إعادة النظر بمفهوم التحالفات الدولية في العلوم السياسية، خصوصاً نحن أصحاب القضية الفلسطينية، تحديداً بالوقت الحالي وما نراه من انتشار سرطاني إسرائيلي في العالم وعدد من الدول العربية خير نموذج.
لذلك علينا التفكير والتخطيط في كيفية تحدي هياكل القوة الدولية، وتحويلها من خلال العمل الجماعي المؤسساتي والفردي كأمر حاسم لفهم التغيير في العلاقات الدولية. وهنا أدعي أن المبادرة الإنسانية إذا ما كانت تصب في مصلحة قضيتنا فهي خير أداة جديدة يصعب السيطرة عليها من قبل دولة الاحتلال، وتوضح كيف يمكن لشبكة من الضعفاء نسبياً أن تؤثر على السياسة العالمية من خلال ممارسات المقاومة الدبلوماسية.