بعد رحلة إبحار انطلقت من مصر واستغرقت نحو 16 يوما، وصلت سفينة الحاويات العملاقة "إيفر غيفن" إلى محطتها قبل الأخيرة بميناء روتردام الهولندي.
وقبل خروجها من مصر، خضعت السفينة للفحص لعدة أيام في ميناء بورسعيد، ثم بدأت رحلتها بالبحر المتوسط إلى وجهتها النهائية لميناء فيليكسستو ببريطانيا، مرورا بهولندا.
وكانت قناة السويس قد أفرجت عن السفينة بعد توقيع اتفاق تسوية ودية مع الشركة اليابانية المالكة لها، والتزم الطرفان بعدم الإفصاح عن المبلغ الذي دفعته الشركة للقناة، لتعويضها عن خسائر توقف الملاحة وتكلفة تعويم السفينة، بعد جنوحها 6 أيام ثم احتجازها قرابة 3 شهور.
تكلفة التعويم
وكشفت مصادر مسؤولة في مصر عن ميزانية تعويم سفينة إيفر غيفن، موضحة أنها تخطت حاجز الربع مليار دولار أميركي.
وأوضحت المصادر، أن تكلفة التعويم بلغت 272 مليونا و33 ألفا و621 دولارا، وتوزعت على أعمال "إنقاذ وتكريك وتعويم"، تلبية لطلب شركة الخليج العربي للأعمال البحرية، وكيل السفينة الجانحة من قناة السويس، في 23 مارس 2021، بتوفير القاطرات اللازمة للمساعدة في تعويم وقطر السفينة.
4 فئات لأعمال التعويم
وقُسمت تكلفة الإنقاذ والتعويم، بحسب قائمة مالية، على نسخة منها، إلى 4 فئات، الأول بقيمة 95 مليون و931 ألف و253 دولار، تكلفة تنفيذ أعمال رفع مساحي في منطقة الجنوح وأعمال التكريك بواسطة كراكتين، وتكلفة إلغاء تعاقدات خاصة بالكراكات لاشتراكها في التعويم، وتكلفة أضرار لحقت بالكراكات.
وتضمنت أعمال الفئة الأولى تكاليف إعادة الشيء لأصله وإزالة التربة الملقاة على الجانب الشرقي لقناة السويس، وإزالة تكيسات وبلوكات أسمنتية وستائر حديدية بضفتي قناة السويس، وأعمال إعادة بناء الضفتين.
أما الفئة الثانية في تكلفة التعويم؛ فكانت، حسب القائمة، بقيمة 176 مليون دولار، وهي تكلفة مشاركة 15 قاطرة و21 لنش من قاطرات بحرية وقاطرات إنقاذ، وتكلفة قاطرات مصاحبة للسفينة بعد التعويم، وتكلفة الإيجار الطارئ لقاطرات خارجية تم استقدامها على نفقة قناة السويس، وغرامات تأخير تحملتها هيئة قناة السويس جراء إلغاء تعاقدات وحدتها البحرية مع جهات خارجية.
وشملت الفئة الثالثة في تكاليف التعويم مبلغا قيمته 382 ألفا و279 دولارا، وخُصصت لأعمال قسم الإنقاذ البحري في قناة السويس وشملت أعمال غطس، ومعاينات، وتصوير تحت الماء.
وفي الفئة الأخيرة للتكاليف، بلغت قيمة الخدمات اللوجستية المُقدمة للعاملين بالموقع لدى تعطل حركة الملاحة وتنفيذ أعمال التعويم، 20 ألف دولار.
"احترافية" الإنقاذ
ويقول الخبير البحري والنائب السابق لرئيس الهيئة العامة للمنطقة الاقتصادية بقناة السويس، اللواء بحري محفوظ مرزوق، إن قناة السويس لم تدخر جهدا في تسخير إمكاناتها المتاحة لتحقيق إنجاز كبير في 6 أيام، وتحريك السفينة وعودة حركة الملاحة، في ظل توقعات عالمية بأن تستغرق أعمال التعويم 3 أشهر.
ويوضح مرزوق، في حديثه ، أن قناة السويس "تعاملت باحترافية شديدة في الأزمة"، وأن هناك نحو 5 سفن أكبر من السفينة الجانحة سبق ومرت في قناة السويس في نفس اليوم الذي حدث به الجنوح، وهناك آلاف السفن التي عبرت القناة قبل الحادث وآلاف تعبر بعده، مشددا على أن مسؤولية الحادث تقع على قبطان السفينة.
ويلفت الخبير البحري إلى أن الحادث "أدى إلى إسراع الدولة في تنفيذ مخطط تطوير القطاع الجنوبي للقناة، بهدف تعميقه وزيادة عرضه لمواجهة أي حوادث قد تطرأ في القناة".
خلافات التعويض
وشهد الاتفاق حول مبلغ التعويض الذي تستحقه هيئة قناة السويس عن تعويم السفينة وتعطل الملاحة، خلافا بين الهيئة من جهة والشركة اليابانية وجهات التأمين عليها من جهة أخرى، فيما خضعت السفينة للاحتجاز قرابة 3 شهور بموجب أمر قضائي.
وكان موقع "سكاي نيوز عربية" قد انفرد بنشر تفاصيل الاتفاق الذي وقعته لاحقا قناة السويس والشركة اليابانية المالكة للسفينة إيفر غيفن وجهات التأمين عليها.
وتضمن الاتفاق دفع مبلغ تعويض لقناة السويس، وقالت مصادر خاصة إنه يدور حول 550 مليون دولار، لكن الطرفين يلتزمان بعدم الإعلان عنه.
التعاون كلمة السر
وكشفت مصادر ملاحية مصرية، فضلت عدم ذكر اسمها، أن الوصول لاتفاق التسوية كان وراءه "توجيهات سياسية رفيعة المستوى" أثناء المفاوضات، بـ"الحفاظ على العلاقة المتميزة مع اليابان والشركة المالكة للسفينة، وأن يراعي الاتفاق مصلحة البلدين بعيدا عن النزاع القضائي أو الاحتكام لمبدأ المكسب والخسارة وحده".
وعن مبلغ التعويض، تابعت المصادر قائلة إن التقدير المبدئي لقناة السويس لم يحظ بموافقة الشركة اليابانية لتعارضه ـ حسب ما توفر لها من معلومات ـ مع تقديرها المبدئي لتكاليف التعويم وخسائر توقف الملاحة، وكان تقييم الخسائر والتعويض أقل مما طلبته قناة السويس.
وخلال جلسات التفاوض، حسب المصادر، تم تقريب وجهات النظر والتوصل لمبلغ يرضى الطرفين، بحيث تعوض القناة المصرية خسائرها، وتدفع الشركة اليابانية مبلغا عادلا.
سرية التعويض
وعن سرية مبلغ التعويض، قالت المصادر إنه "طلب مشترك لطرفي الأزمة، تعزيزا لفكرة الاتفاق الودي، وحتى لا يؤثر على مصالح أي منهما في التعامل مع شركائهما الدوليين، خاصة أن الشركة اليابانية أمامها مشوار آخر للتسوية مع شركات التأمين وأصحاب الحاويات، وقد يعرضها الإفصاح عن مبلغ التعويض لأزمات جديدة".
وشرحت المصادر الملاحية أن هناك "تاريخا مشرفا من التعاون بين قناة السويس واليابان والشركة اليابانية، ساعد في إنهاء الأزمة، ففي الخمسينيات شاركت في توسعة القناة وفي الثمانينيات أنشأ اليابانيون إدارة البحوث والتخطيط بقناة السويس، فضلا عن تقديم اليابان منح تدريبية وخدمات عديدة للهيئة دون مقابل".
وتابعت المصادر أن "إيفر غرين" من شركات الخطوط الملاحية القوية وتحتل المركز الرابع عالميا، وتسيّر نحو 200 سفينة سنويا في قناة السويس، مشيرة إلى أنه "كان من الضروري الحفاظ على علاقات طيبة مع هذا العميل المهم".
المصدر : سكاي نيوز عربية