لطلبة التوجيهي - لا تبحثوا عن الحلول السهلة وحذاري من الاستهلاك المفرط لكل شيء

حجم الخط

بقلم ناصر اللحام

 

 

يخرج الطلبة من عباءة الاسرة جزئيا او كليا بعد انتهاء امتحانات الثانوية العامة . وفي هذا صدمة لمعظم هؤلاء . فالحماية الاسرية تتراجع والتحديات تكبر بشكل لا يمكن لأي فرد في المجتمع الانتصار عليها لوحده من دون عمل جماعي ومشاريع إنمائية بعيدة المدى .

واستنادا الى تقرير التنمية العربية 2020 فإن المواجهة الفردية قد تقود الى فشل محقق ، والجهود المجزأة لا يمكن ان تؤدي الى التحوّل المطلوب . فالمجتمعات العربية مفرطة في الاستهلاك دون انتاج ، يشتري البعض افخم السيارات والقصور ولا يعرفون كيف يتصرفون بنفايات المنزل فتلقيها في الشارع . شخص جاهل يقود السيارة الفاخرة التي يبلغ ثمنها مئات الاف الدولارات ويلقي بالنفاية من نافذة السيارة الى الشارع , وفقير معدم يشتري أشياء لا تفيده ولا تلزمه أبدا لمجرد الاستعراض والتمثيل الاجتماعي . ولا تزال ثقافة القناع تخنقنا فنقول ما لا نريد ونريد ما لا نقول . لا يزال معظم المجتمع العربي فاقد لتوازنه ويغرق أكثر وأكثر تحت حكومات تتعلم التجربة على حساب قوته ومستقبل اطفاله .

- 1 – الفقر يشكل عبئا ثقيلا على الافراد والمجتمعات ويدمر القوى العاملة ويرهق الوزارات والمؤسسات ، وجميع المحاولات السابقة لمحارية الفقر فشلت لان الجهود الفردية لا تكفي . ولا بد من إرادة سياسية عند الدول الغنية او الدول محدودة الموارد لمواجهة الفقر . ومن ناحية سوسيولوجيا ما قيمة أن تنجو انت من الفقر بينما باقي افراد عائلتك وباقي افراد المجتمع لا يزالون فقراء !ّ!
- وهنا لا بد من الإشارة الى ان هناك نوعين من الفقر : فقر بعامل موضوعي وفقر بعامل ذاتي . والنوع الأول من مسؤولية الدولة أما النوع الثاني فهو من مسؤولية الافراد ، وأي دولة في العالم لا تستطيع ان تنقذ فاشلا عاطلا لا يريد العمل .


- 2 – الجوع المزمن سببه اهمال الزراعة وعدم تشجيعها أو دعمها بشكل منظم وكاف ، والاعتماد على استيراد الغذاء . وتظن الحكومات العربية ( الجاهلة والفاسدة ) ان استيراد المأكولات هو نوع من أنواع البريستيج ، ولا يعرفون أن هذا مرتبط ارتباط كلي بباقي المشاكل . فوجود زراعة ناجحة يحل المشكلة الأولى ويحارب الفقر ويرتبط ارتباطا وثيقا بباقي التحديات كما سنلاحظ بعد قليل .
- ملاحظة ( ميزانية الامن في إسرائيل 11% وهزمت كل العرب وميزانية الامن في الدول العربية تصل الى 50% ولم ينتصروا في معركة واحدة ) .
3 – الصحة والرفاه
في المجتمعات الحضارية هناك وزارة للرفاه الاجتماعي ، وفي المجتمعات المتخلفة هناك شرطي يحمل عصا ويضرب الناس في الشارع بسبب ومن دون سبب . والصحة عماد أساسي لنهوض المجتمعات وبث الاستقرار النفسي والأمني بين الناس . ولو قمنا بحساب كيف يسافر العرب الى مشافي أوروبا لتلقي العلاج وكم يدفعون من مبالغ ، وكم تدفع السلطة الوطنية للمشافي الصهيونية تحويلات طبية لأصابنا الذهول . لان هذه المبالغ لو خصصت بناء مشافي عربية لأصبح لدينا افضل مشافي العالم .
ولكن حين ترى القادة والزعماء والمسؤولين يسافرون للعلاج عند الغرب وفي إسرائيل ، تعرف ان أصحاب القرار فشلوا واستسلموا للحول السهلة .

4 – التعليم الجيد ليس هو التعليم في مدارس نظيفة وفندقية فخمة , وانما التعليم الجيد هو الانخراط في خطة تعليمية مميزة تسمو بالإنسان علما وتربية الى مستوى الابداع والتكامل .
ولا يزال التعليم في مجمعاتنا العربية محكوم بالتفاضل ( فلان أفضل من فلان ) وليس في التكامل الشامل . كما ان اختيار التخصصات الحديثة والتشديد على التعليم وعلى احترام اللغة الام وتقديمها في طلبات التوظيف هو الضمانة لإنشاء جيل جديد يحترم مجتمعه . ولا اعلم لماذا حتى الان وبعد عشر سنين من الجدل لا يزال يوجد امتحان اسمه توجيهي !!!
5 – المساوة بين الولد والبنت
المساواة الحقيقة ليست في اللباس والجلوس الى جانب بعضهم ، وليست المساواة في وجود مدارس مختلطة والسفر معا . فهذه شكليات قام الغرب بإشغالنا بها للابتعاد عن القضايا الجوهرية . فالمساواة هي المشاركة في عملية الإنتاج نفسها وتوزيع عادل للتعليم وللوظائف والأجور .
6 – المياه
هناك جهل في استخدام المياه ، والمياه في العالم العربي تستخدم أحيانا كنوع من الضيافة للتفاخر وكأنها ليست كنزا في وسط الصحراء العربية . كما أن الحكومات تستخدمها كأنها امتياز وتعطيها لمن ترضى عنه وتقطعها عمن لا ترضى عنه .
الهدر الكبير للمياه موجود عند الفقراء قبل الأغنياء . ومن يحاول تقنين استهلاك المياه يصبح اضحوكة في المجتمع العربي او يتم اتهامه بالبخل لان السياسة العامة للحكومات غير مسؤولة وعبثية .
7 – الطاقة المهدورة
الاحتلال الإسرائيلي انشأ شركات طاقة كهربائية بعد أن سرق الفكرة من علماء الغرب . وأعطاها أسماء باللغة الإنجليزية وفتح لها أسواق الدول العربية والخليجية بجوازات سفر كندية او أمريكية او فرنسية وغيرها . في حين يملك العرب الشمس والعلماء والمال !!!
فلسطين من أولى المجتمعات العربية التي تستثمر بالطاقة الشمسية , ومصر من أكثر الدول نجاحا في ذلك من خلال مشاريع طاقة ضخمة على البحر الأحمر وفي سيناء من خلال الالواح الشمية او من خلال توربينات الرياح . وهذه فرصة للطلبة ان يبدعوا بها لان سوقها سيبقى في الخمسين سنة القادمة .
8 – العمل اللائق هو عكس الفساد
ولهذا يهاجر المواطن العربي الى الغرب فيحصل على شهادة لائقة ووظيفة لائقة وتعليم لائق لأبنائه ومواصلات لائقة وحياة لائقة \ اما في العالم العربي فيمكن لمن يحمل شهادة جيولوجيا ان يصبح مدير شركة ادوية !!
وطالما الفساد موجود ، وطالما لا يعاقب الفاسدون لا يمكن الحصول على عمل لائق .

9 - اقامة بُنى تحتية قادرة على الصمود، وتحفيز التصنيع المستدام الشامل للجميع، وتشجيع الابتكار .

10 - معالجة أنماط الاستهلاك والإنتاج وإعادة إنتاج النفايات، وانخفاض مستويات إعادة الاستخدام وإعادة التدوير، وتفاقم تلوث الهواء والماء. وقد اعتمدت دول عدة مؤخراً خططاً وطنية في خطوة على مسار الاستهلاك والإنتاج المستدامين . واني لاستغرب أشدّ الاستغراب ان اهم واجمل مدن العرب لا تستطيع ان تتخلص من نفاياتها حتى الان كما حدث في عاصمة لبنان وفي المدن الفلسطينية وغيرها . وترى الحكومات تهتم بالسفر وشراء السيارات الفارهة والفنادق التي تنافس أفضل الجزر السياحية وهي لا تعرف كيف تتخلص من نفاياتها !!.

11- العنف المتصاعد في المجتمع وسهولة القتل لا يتوقف بتنفيذ احكام الإعدام بحق المجرمين فحسب ، وانما من خلال تشجيع " إقامة مجتمعات مسالمة لا يُهمَّش فيها أحد من أجل تحقيق التنمية المستدامة، وإتاحة إمكانية وصول الجميع إلى العدالة، وبناء مؤسسات فعالة وخاضعة للمساءلة وشاملة للجميع على جميع المستويات"
وليس العنف هو القتل فقط وانما اخذ دور الاخرين والعنف اللفظي والعنف الأيديولوجي والعنف السياسي والعنف الاقتصادي حيث يقوم الكبار بسحق الصغار .

الف مبروك انتهاء الثانوية العامة .. ونعتمد عليكم في إقامة مستقبل لائق لكم ولنا ولأطفالكم , فلا تخجلوا من افكاركم ، ولا تتردوا عن المحاولة لأنها النافذة الأقرب لتحقيق الاحلام .