التقيت مع كوخافي واعجبت به، لكني اخطأت!

0A4A0983-323E-4040-98A0-60987A26316C-e1608481804606.jpeg
حجم الخط

هآرتس بقلم – جدعون ليفي –

    رئيس الاركان، افيف كوخافي، هو من متخذي القرارات الذين يثيرون الاعجاب. فمع تاريخ عسكري يوجد في المجلات ومع قبعة حمراء وحذاء بني وبسبب أنه نباتي منذ المرحلة الثانوية ويتمتع بخطابات بليغة وصوت واثق وحديث عن القيم ومظهر لممثل سينمائي ولد لتجسيد شخصية جيمس بوند، وشقيقه وشقيقته هما من المثقفين وبالتأكيد هو ايضا. كوخافي هو الوجه الجميل لاسرائيل، الوجه الذي يرغب الاسرائيليون في حبه. هو ما كانته اسرائيل ذات يوم، ملح الارض، افضل الابناء لدينا. هو يتحدث عن خطط متعددة السنوات، لا يكره ولا يهتاج، قائد وجنتلمان. وقد أسس قسم للابداع في الجيش الاسرائيلي، وحتى أسس وحدة متعددة الابعاد، ودفع قدما بوثيقة نظرية أمام التحديات.

          أنا التقيت معه قبل سنوات في محادثة خلفية واحدة. وقد تولد لدي الانطباع بأنه قائد مفكر، اهود باراك القادم. ايضا الآن هو مرشح ليكون بني غانتس القادم، بعد غادي آيزنكوت. بكلمات اخرى، هو شخص واعد جدا. كوخافي أعد للامور العظيمة. وقد فرحت قليلا بتعيينه رئيسا للاركان. ربما أخيرا سيحرف شخص معين مسار هذه السفينة الثقيلة والمتعالية، التي اصابها العفن منذ زمن. بعد سنتين ونصف في المنصب اصبح يمكننا القول بأن كوخافي يدير جيش لم يتعلم أي شيء ولم ينس أي شيء. التقديرات العسكرية حوله يجب تركها للمحللين، الذين لديهم في الاصل كل ضابط هو “ضابط مهم”. ولكن في مجالين يتعلق أحدهما بالآخر، يبدو كوخافي أنه لا يختلف عن سابقيه، وربما حتى هو اسوأ منهم.

          كوخافي يدير جيش طماع وجشع، بالنسبة له لا توجد دولة أو احتياجات اجتماعية، لا توجد مستشفيات منهارة أو وباء متفشي، ولا توجد اختناقات مرورية لا تحتمل، ولا يوجد معاقون جائعون للخبز أو متسولون ومشردون. يوجد فقط جيش وميزانية دفاع، ومخصصات تقاعد فضائحية. وكل ما تبقى ليذهب الى الجحيم. صحيح أن المجتمع ووسائل الاعلام هي التي بنت لنفسها هذا العجل الذهبي، وهي تكذب على نفسها عندما تقول اذا مسه  أي أحد بسوء فان الدولة ستتدمر بين عشية وضحاها. صحيح أن جميع حكومات اسرائيل ساهمت في هذه الكذبة، أنه مسموح التوفير في كل المجالات عدا عن مجال واحد، في الامن لا توجد حدود للاموال التي تسكب، وأن من الذي يريد المس بالأمن؟ ومن الذي يخدم في الجيش بدون مخصصات التقاعد المتضخمة؟.

          هذا التجاهل الوقح لاحتياجات الدولة لا يقتصر فقط على الاموال. فهو خط التفكير الاعمق في الجيش الاسرائيلي الذي لم يغيره كوخافي الواعد. نفس خط التفكير يوجه ايضا سلوك الجيش في أداء مهماته، بالضبط مثلما لا توجد دولة ولا توجد احتياجات اخرى في الميزانية، فانه لا يوجد ايضا لبنان أو سوريا أو ايران. مسموح للجيش الاسرائيلي أن يستخدمها كما يريد. لا يوجد قانون دولي أو مجتمع دولي. لا يوجد شعب فلسطيني ولا توجد له حقوق. هذه هي نفس روح الغطرسة في النقاشات حول الميزانية ولا يوجد من يقف امامها.

          هذه الامور تسري ايضا مؤخرا،  مع اعمال الشغب الجديدة للجيش الاسرائيلي في المناطق. أول أمس مرة اخرى قتل الجنود متظاهر فلسطيني في قرية بيتا. لا يوجد أي يوم جمعة يمر دون قتل فلسطيني على أيدي الجيش الاسرائيلي. عندما كنت في الاسبوع الماضي في بيتا كان حداد على القتيل السابق، سباك القرية الذي نزل لاصلاح محبس وقتله الجيش وخطف جثمانه ولم يقم باعادته حتى الآن. بيتا الآن تقوم بالحداد على أب لخمسة اولاد تظاهر احتجاجا على سرقة اراضي قريته لصالح بؤرة افيتار المجرمة. قبل بضعة ايام قتل مظليو كوخافي فتى في النبي صالح، واصدقاءهم قتلوا طفل في بيت أمر.

          مقابل كل ذلك صمت كوخافي ولم ينبس ببنت شفة. سلفه في المنصب، آيزنكوت، تنكر في كل مرة من افعال جنوده: “لا يجب تفريغ مخزن على فتاة تحمل مقص”، قال. وريثه حتى لم يقل ذلك. من ناحيته، ليفرغ الجنود ما يريدون من مخازن على أكبر عدد من الفلسطينيين. ليقتلوا فتى وسباك ومتظاهر وراعي، لا يوجد لكوخافي ما يقوله عن ذلك. القائد العسكري الذي لا يوجد لديه ما يقوله عن القتل الممنهج يساهم في افساد الجيش اكثر.