معاريف: متى تتعلم إيران اللاسامية من الدرس الإقليمي الإماراتي؟

حجم الخط

بقلم: يوسي احيمئير – معاريف 

 

جائحة كورونا المتعاظمة لن تشوش جدول أعمالهم العدواني، فالفقر المستشري والجوع ونقص المياه الكهرباء والمنتجات الأساسية وبؤس الحياة… كلها لن تحيدهم عن هدفهم الأساس، لا في غزة ولا لبنان، ولا في بلادهم إيران.
طهران، التي رسمت للرئاسة إبراهيم رئيسي المضرجة يداه بالدماء، تطور النووي لتصل إلى سلاح بري، وتنشغل في هذه الأثناء بالإرهاب البحري وتشدد تهديداتها تجاه إسرائيل والعالم. وتعتقد بأن قيادات ضعيفة تقف اليوم على رأس إسرائيل وأمريكا وأوروبا، خصوصاً بعد أن بعث الاتحاد الأوروبي بمندوب عنه إلى احتفال تنصيب الرئيس الجلاد، وعليه فيمكن تشديد حرب السايبر والعدوان.
وبينما تسرع تقدمها نحو السلاح النووي، تعمل إيران اللاسامية بشكل مباشر ضد إسرائيل من خلال فرعيها: قطاع غزة من الجنوب وقطاع جنوب لبنان من الشمال. منطقتان إقليميتان تسيطران عليهما حماس وحزب الله. منظمتا إرهاب عديمة الكوابح. منطقتان هما كالشوكة في جسمنا، ومصدر إزعاج دائم، ومصدر لإطلاق الصواريخ والبالونات الحارقة.
“هكذا عبثاً”، كما تقول القصيدة الشهيرة، في ذروة الصيف الحار، يقرر من هم في جنوب لبنان أو في قطاع غزة، تسخين الجبهتين، إقلاق إسرائيل ولا سيما البلدات المحيطة بالحدود، والمس بالمدنيين المطمئنين، وإحراق الحقول وتشويش الحياة. لماذا؟ هكذا. هذه هي عادتهم منذ مئة ونيف من السنين، منذ بداية الصهيونية، أن يحطموا الرأس على حائط الدولة اليهودية الحديدي.
هي وسيلة لصرف الانتباه عن المشاكل المحلية، وعن انهيار أجهزة الحكم ولا سيما في لبنان. وفوق كل شيء، هو أمر حاكم طهران. تجربة أدوات؟ إشارة لما هو بانتظارنا وقوعه؟ صرف الانتباه عن الهجوم على السفن في الخليج الفارسي؟ تلميح للهجوم الكبير الذي يخطط ضدنا؟ لو كان روني دانييل معنا الآن لقال في تحليله العسكري إن كل الأجوبة صحيحة.
في نهاية الأسبوع فتحت نار في الجبهتين بالتوازي. اطلقت رشقات صاروخية من لبنان مرتين واستؤنف إطلاق البالونات من غزة. رد الجيش الإسرائيلي بقوة على الهجوم الأول، بإطلاق طائرات سلاح الجو لضرب أهداف لبنانية. كانت هذه إشارة، هذه المرة من جانب إسرائيل، بأنها لن تحتوي النار من لبنان إلى أراضينا. كائناً من كان مصدر العدوان، فإنه فتح من أرض جارنا السيادي، الذي يلتف من حوله تنظيم إرهابي شيعي. “حزب الله” ليس مشكلة إسرائيل فحسب، بل مشكلة لبنان أيضاً، والمسؤول عن هبوطه من دولة تؤدي مهامها إلى دولة متفككة.
في أعقاب النار الأشد، الثانية، عاد الرد الإسرائيلي ليكون طفيفاً، احتوائياً. عملياً، إنجازات الرد الأول والإشارة التي رافقته ضاعا هباء. عملياً، كنا شهوداً على ظاهرة مشجعة: قرويون لبنانيون اصطدموا مع مطلقي الصواريخ.
إن حكومة لبنان -وثمة شيء كهذا- التي لا تحرص على رفاهية مواطنيها، أطلقت على الفور شكوى إلى مجلس الأمن ضد “العدوان الإسرائيلي”. “حزب الله”، الحاكم الحقيقي في بلاد الأرز المنهارة، اعترف بإطلاق رشقات الصواريخ إلى شمال الجولان. ادعى بأن هذا “انتقام” على هجوم طائرات سلاح الجو. هاكم مثالاً آخر على أكاذيبهم وبؤسهم. هم، حزب الله وحماس، ينتقمون، يطلقون بالونات حارقة وصواريخ عبثاً، ثم يواصلون انتقامهم في الجولة التالية رداً على الجيش الإسرائيلي؛ من بلدات الشمال، التي يتلقون هذه الأيام ضربتين أخريين إضافة إلى ضربة كورونا، الأولى من إنتاج حكومتنا، والثانية من إنتاج جارنا: الإصلاح الذي ينكل بالمزارعين من جانب وزير المالية افيغدور ليبرمان، والذي يمس بالمزارعين ومربي الدواجن في الحدود الشمالية، والصواريخ والتسللات من حدود لبنان، وتشوش سير الحياة. ثلاث ضربات يقف أمامها سكان الحدود الشمالية بسمو روحي، ويعتمدون على الجيش الإسرائيلي في وضع حد للتهديد الإرهابي، ولكنهم يعتمدون أقل على الحكومة التي تنكل بمصدر رزقهم، وفلاحة الأرض وإدارة المزارع، ويتظاهرون ضدها.
كم هو مشجع أن جموع الإسرائيليين يصِلون، حتى في هذه الأيام الحارة، إلى الشمال والجنوب، فلا يخافون الصواريخ، ويستعرضون بحضورهم الفرق الهائل بين إسرائيل وجنوب لبنان وقطاع غزة. هناك، في الأراضي الإقليمية التي تسيطر عليها بجهاز التحكم من قبل طهران- فقر، وعطش، وظلام، وفوضى. أما هنا فبلدات مزدهرة، وعائلات تتنزه في حضن الطبيعة، وتستمتع بالينابيع وتقضي إجازاتها في الأكواخ السياحية، باحتساء الخمور الباردة في مخامر رائعة. الحياة الجميلة.
فهل ستكون حاجة إلى ضربة ساحقة لمنظمات الإرهاب وسيدهم الإيراني كي يفهموا بأنهم لن ينجحوا في تغيير الوضع الجغرافي السياسي في الشرق الأوسط، وأنه من الأفضل الاستثمار في رفاه رعاياهم المنهارين وليس في الوسائل القتالية؟
هل سيتعلمون من مثال الإمارات العربية المزدهرة التي وقعت على اتفاق سلام مع إسرائيل؟ ثمة شك في ذلك طالما بقيت إيران تمارس تطرفها، وتتحول نووياً.