«حزب الله» تعلّم الدرس: بضعة صواريخ على إسرائيل تجلب مئات ملايين الدولارات!

كارولين-جليك.jpg
حجم الخط

بقلم: كارولين غليك


ازداد جداً احتمال أن يشرع "حزب الله" في حرب ضد إسرائيل في أعقاب إطلاق الصواريخ، الأسبوع الماضي. وكي نفهم، ينبغي أن نستوضح ما الذي دفع "حزب الله" ليطلق الصواريخ وما الذي استنتجه من الحدث.
فتح "حزب الله" النار؛ لأنه استخلص الدروس من "حارس الأسوار". فقبل ثلاثة أشهر فتحت "حماس" هجوماً بالصواريخ ضدنا، وحرضت قسماً من "عرب إسرائيل" لتنفيذ أعمال ضد اليهود.
ردت إسرائيل بضرب البنى التحتية لـ "حماس" في غزة. وأثناء أيام الحرب وقفت دول العالم في الطابور، بقيادة الإدارة في واشنطن لتوفير مئات الملايين "لإعمار غزة". ومنذ وقف النار تلقت "حماس" وعوداً بنحو مليار دولار مساعدة من الولايات المتحدة، ومن اوروبا، ومن قطر، ومن مصر، ومن الامم المتحدة. وبدأت عشرات الملايين تتدفق منذ الآن.
مثلما هي "حماس" مسؤولة حصرياً عن انهيار البنى التحتية والفقر المدقع في غزة، هكذا "حزب الله" مسؤول عن انهيار لبنان وتدهوره الى فقر رهيب. لقد أقنعت "حارس الأسوار" نصر الله بأن الطريق السهل للخروج من أزمة اقتصادية في أيام نقص الاموال النقدية في طهران هو مهاجمة اليهود، وحتى مقابل صواريخ قليلة تلقى "حزب الله" الكثير. وكانت الصحافة اللبنانية أفادت منذ الثلاثاء الماضي بان الادارة الأميركية تعتزم تحويل 100 مليون دولار مساعدة لوزارة الصحة اللبنانية لمعالجة "كورونا". منذ العام 2019 ووزارة الصحة اللبنانية تحت سيطرة "حزب الله".
الجيش اللبناني هو الآخر سينال علاوة مساعدة أميركية في أعقاب هجمة الصواريخ. ففي شهادة أمام مجلس الشيوخ، هذا الأسبوع، أثنت ميرا روزنيك، مساعدة نائب وزير الخارجية للشؤون الاقليمية، على الجيش اللبناني، وادعت بأنه "احد افضل شركائنا في الشرق الأوسط".


استمرار المغازلة
ومن يؤيد هو الآخر تمويل لبنان؟ حكومة إسرائيل، بالطبع. ففي جولة على الحدود بعد هجمة الصواريخ و"احتوائها" كرر وزير الدفاع، بيني غانتس، موقفه بان لإسرائيل ايضا مصلحة في مساعدة لبنان اقتصادياً. وهكذا فان نصر الله يتعلم بضعة اشياء عن سياسة الولايات المتحدة في عهد ادارة بايدن، وكذا عن سياسة إسرائيل تحت حكومة بينيت – لبيد.
أولاً، ان السياسة التصالحية لدى ادارة بايدن تجاه إيران تؤدي الى وضع تحمي فيه واشنطن اليوم "حزب الله" من غضب إسرائيل. وهذا ليس مجرد اقتباس للصحافة العربية عن مصادر أميركية ادعت أن إدارة بايدن أجبرت إسرائيل على أن ترد فقط بشكل رمزي على نار الصواريخ. بل إن الأميركيين أرادوا ان يبثوا لـ"حزب الله"، وللشعب في لبنان، وللعرب السُنة، ودول الخليج ولا سيما لإيران بأن إدارة بايدن ودية تجاه إيران ورعاياها. في إطار سياسة المصالحة تجاه إيران، إدارة بايدن مستعدة لتجبر إسرائيل على الامتناع عن إطلاق النار.
افادت الخدمة الاخبارية "بلومبرغ"، هذا الاسبوع، بأنه في ضوء تنصيب ابراهيم رئيسي المتزمت، تبدأ الادارة في الولايات المتحدة بالفهم بأنه قد يصعب عليها العودة الى الاتفاق النووي للعام 2015. ولكن الادارة لا تيأس. فهي تفكر بان تقترح على الإيرانيين صفقة اصغر: الغاء قسم من العقوبات مقابل لجم جزء من النشاط النووي.

"لا مفاجآت – صفر مبادرة عسكرية"
بالنسبة لإسرائيل، تعلم "حزب الله" أمرين مهمين: أولاً – ان حكومة بينيت – لبيد لن تعمل بخلاف موقف ادارة بايدن. صحيح أن الإدارة تنفي أن ضغطاً أميركياً هو الذي تسبب بقرار رد الفعل الرمزي على "حزب الله"، ولكن في العالم العربي لا يشترون هذا، وليس صدفة. فبينيت يسير حتى الآن على الخط مع الإدارة في كل موضوع تقريباً. "صفر مفاجآت" حيال إيران معناه، في ضوء هوس الإدارة لعقد الصفقات مع آيات الله، الغاء الخيار العسكري حيال النووي الإيراني.
يؤيد بينيت مساعدة غزة، وحسب تقرير المراسل يوني بن مناحيم وافق ايضا على العمل مع الادارة كي يبني رواية قانونية تسمح للسلطة بمواصلة دفع الرواتب لـ "المخربين"، وبالتوازي السماح للادارة بتحويل مئات ملايين الدولارات كل سنة الى السلطة الفلسطينية. وستستأنف إسرائيل تحويل اموال الضرائب الى السلطة.
كما أن بينيت يسير على الخط مع الإدارة في موضوع القدس. فهو لا يزال يعارض رسمياً فتح قنصلية أميركية للفلسطينيين في العاصمة – الأمر الذي سيؤدي الى المس استراتيجياً بوحدة المدينة – ولكنه منذ الآن سار على الخط مع الإدارة في موضوع إلغاء حقوق الملكية للمالكين اليهود للبيوت موضع النزاع في حي شمعون الصدّيق/ الشيخ جراح. وحسب التقرير، طلب بينيت من الادارة العمل مع السكان الفلسطينيين غير القانونيين في المباني باقناعهم بقبول التسوية التي اقترحها قضاة محكمة العدل العليا.
وحسب التسوية يبقى المالكون اليهود منزوعي حقوق الملكية للمستقبل المنظور ويعترف الفلسطينيون بملكية عديمة المعنى لليهود. هذه حكومة مستعدة لتعمل حتى وان لم يكن بشكل رسمي، لتخفيف سيادة إسرائيل في القدس. من أجل إرضاء الولايات المتحدة مستعدة لتحيد الخيار العسكري حيال إيران وعلى أي حال لا تخرج ايضاً الى حرب ضد "حزب الله" دون ضوء أخضر (لن يأتي) من البيت الأبيض. ولعل هذه هي الظاهرة الأكثر إقلاقاً.
الامر الثاني الذي تعلمه "حزب الله" هو أن حكومة إسرائيل لا تفهم الواقع السياسي في لبنان، وعليه فان الاستراتيجية التي لديها للتصدي له غير ذات صلة. وقال مصدر رفيع المستوى في وزارة الدفاع لموقع "Breaking Defense" انه عندما تعمل إسرائيل ضد "حزب الله" فإنها ستضرب "بنى تحتية حيوية كي تضغط سياسياً على حزب الله". ولكن مثلما رأينا في نهاية "حارس الأسوار" فان ضرب البنى التحية تفتح الصنبور لمليارات الدولارات. فضلا عن ذلك، لا توجد جهة في لبنان تهدد "حزب الله"، لا سياسياً ولا عسكرياً.

فقدان الردع
في أعقاب نار الصواريخ نحو إسرائيل نشرت أشرطة مسجلة تظهر دروزا هاجموا طريقا لـ"حزب الله" أطلق الصواريخ من قريتهم. اعتقل جموع منهم رجال الفريق، واستولوا على جهاز إطلاق الصواريخ. ولكن بعد ثلاثة ايام من ذلك اطلق زعيم الدروز، وليد جنبلاط، وقوات الجيش اللبناني سراح رجال الفريق، وأعادوا وسيلة الاطلاق لـ"حزب الله". وقد فعلوا ذلك لسبب واحد بسيط وهو أن "حزب الله" هو الحاكم في لبنان سياسياً وأمنياً.
في بداية الأسبوع، استضافت إيران قادة "حماس" و"الجهاد الإسلامي" في طهران كي تزيد التنسيق الأمني بينهم وبين الحرس الثوري. وفرضية العمل لدى جهاز الأمن هي انه في الحرب القادمة ستهاجم "حماس" و"حزب الله" إسرائيل من جبهتي الجنوب والشمال بالتوازي.
يوجد طريق واحد قد يقلص احتمال الحرب، بل يزيد احتمال انه عندما تنشب حرب تكون يدنا هي العليا: إلغاء سياسة "لا مفاجآت" حيال واشنطن وعمل مبادرة، غير منسقة، من إسرائيل ضد إيران، و"حزب الله"، و"حماس" او ثلاثتهم؛ وبالتوازي عمل عنيد للحفاظ على حقوق الملكية لليهود في القدس الموحدة وفي "يهودا" و"السامرة" في ظل حظر فتح قنصلية أميركية في العاصمة. بكلمات أُخرى: كل شي معاكس لما تفعله الحكومة. حكومة بينيت – لبيد هي حكومة متصالحة داخليا تجاه "عرب إسرائيل" ومتصالحة تجاه الخارج، حيال الولايات المتحدة وإيران.

عن "إسرائيل اليوم"