عماد اطلقت النار عليه في مظاهرة ضد بؤرة استيطانية واصبح الضحية السادسة في بيتا خلال شهرين

حجم الخط

هآرتس – بقلم جدعون ليفي

علي تم ادخاله الى الغرفة، وهو محمول على ذراعي عمه بلال. في الغرفة ساد صمت، العيون بدأت بذرف الدموع امام الطفل الصغير. علي ولد يتيم، علي لم يكن عمره الشهرين عندما ققتل والده في يوم الجمعة الماضي على أيدي الجيش عندما اطلقوا على قلبه رصاصة واحدة من مسافة بضع مئات من الامتار.

عماد دويكات، العامل العادي، كان يقف بين مئات السكان من قريته الذين يخرجون كل يوم جمعة الى التلة المقابلة لبؤرة افيتار، التي بيوتها غير القانونية ما زالت قائمة. قرية بيتا تخرج كل يوم جمعة للتظاهر ضد افيتار ورؤساء القرية قالوا انهم لن يهدأوا الى حين يتم ازالة كل حجر من هناك وتعاد الاراضي الى اصحابها، التي هي لاربع قرى. 

عندما اطلق الجندي النار على دويكات كان يشرب كأس من المياه بسبب درجة الحرارة العالية. الكأس التي شرب منها ما زالت ملقاة على كومة الحجارة المرتجلة، وهي عدة حجارة على شكل دائرة وضعها اصدقاءه حول بقعة الدم الجافة في المكان الذي سقط فيه وقتل. ابنه علي لن يلتقي معه. وجده علي ضم حفيده الى صدره وقبله بفمه الذي لا يوجد فيه اسنان. هذا البيت البسيط الذي يوجد في وسط قرية بيتا، في الجزء العلوي فيها، يلفه حداد حزين. النساء يقمن بالحداد في الطابق السفلي والرجال في قاعة في القرية، ونحن نوجد في شقة الشهيد مع والده واخوته وابنائه وابناء عائلته. 

في الاسبوع الماضي كنا في بيتا، من اجل توثيق قتل سباك القرية شادي الشرفا (41 سنة)، الاب لاربعة اولاد، الذي اطلقت النار عليه وقتل على أيدي الجنود عندما شق طريقه في المساء الى محبس المياه الرئيسي في القرية وفي يده مفتاح سويدي.  في يوم الثلاثاء الماضي قال لنا المتحدث باسم الجيش الاسرائيلي بأن جثمان الشرفا اعيد الى عائلته بناء على قرار من المستوى السياسي. حبر المقال الذي نشر عن السباك في يوم الجمعة الماضي حتى قتل شخص آخر في بيتا. الدويكات هو القتيل السادس منذ بداية المظاهرات حول بؤرة افيتار. منذ شهر أيار قتل 40 فلسطيني في الضفة الغربية، معظمهم لم يعرضوا حياة أي أحد للخطر. 

الارملة سمر منغلقة في غرفتها. وثلاث بنات من بين الاربع بنات اللواتي اصبحن يتيمات يجلسن بصمت على الاريكة، الكبيرة عمرها 10 سنوات والصغيرة 4 سنوات. الجد علي (78 سنة) الثاكل يضحك بين حين وآخر من الحرج وهو يرتدي كوفية بيضاء وبدلة سوداء. 

منذ اقامة افيتار على جبل صبيح تقيم القرية صلاة الجمعة على تلة الزيتون المجاورة لافيتار. هذا تحول الى طقس شعبي اسبوعي، جميع القرية تخرج سيرا على الاقدام أو في السيارات نحو الجبل، سيارات تجارية تحضر الطعام والشراب، وهناك يقضون ساعات بعد الظهيرة بعد الصلاة امام افيتار التي غرست في عيونهم. بعد انتهاء الصلاة الشباب يقومون برشق الحجارة على الجنود البعيدين. وفي الوقت الذي كانت فيه افيتار ما تزال مأهولة كان السكان يشعلون الاطارات في الليل التي تصاعد منها الدخان الكثيف الذي كان يزعج سكان البؤرة. علم فلسطيني ضخم ما زال يرفرفر هناك حتى الآن، مكبرات صوت ومصابيح امام افيتار.

في يوم الجمعة الماضي كانت مظاهرة مثلما في كل يوم جمعة، ووصل الى المكان حسب تقدير السكان، 1000 – 1500 شخص لاجراء المظاهرة الاحتجاجية التي تعتبر ايضا نزهة جماعية مع الاولاد. هذه القرية توجد لها تجربة في النضال ضد المستوطنين العنيفين الذين يحاولون سلب اراضيها. قبل سنة ونصف كانت محاولة للمستوطنين للاستيطان في جبل عورما المجاور. وهي محاولة احبطت بعد نضال جبى حياة شخصين من القرية. في عيد الفصح في 1988 كانت في القرية نزهة استفزازية للمستوطنين تحولت الى حادثة عنيفة ودموية، في اعقابها هدم الجيش 16 بيت في القرية. في العام 1991 قتل مستوطن من الون موريه احد السكان وتم ارساله الى العلاج النفسي. وقبل اسبوعين قتل السباك وقبل اسبوع قتل عماد. هو استيقظ في الصباح وبقي في البيت مع زوجته واولاده.

في الساعة العاشرة والنصف صباحا خرج من البيت مع ابن اخيه ربيع (20 سنة). وسافرا نحو التلة المقابلة لافيتار. في الطريق مرا بمتنزه الالعاب الموجود هناك. السكان فرشوا السجاد على الارض وبدأوا بأداء صلاة الجمعة، بين اشجار الزيتون وتحت اشعة الشمس. بيوت افيتار الفارغة بقيت على التلة المقابلة، بما في ذلك الشمعدان الكبير، ابراج الحماية واعلام اسرائيل. مرت ساعتان قبل قتل دويكات. الساعة كانت تقريبا الثانية والنصف بعد الظهيرة عندما وجه جندي البندقية وأطلق رصالة على قلبه، رصاصة متفجرة حسب اقوال السكان، انفجرت في جسمه وعملت الفظائع فيه. الدماء نزلت من فمه والرصاصة لم تخرج من جسمه. 

دويكات وصل ميت الى مستشفى رفيديا في نابلس في سيارة اسعاف نقلته الى هناك. سيارة الاسعاف وقفت على بعد بضع خطوات من المكان الذي قتل فيه. وسيارة اسعاف اخرى كانت تقف ايضا في مكان غير بعيد. دائما يوجد على الاقل سيارتي اسعاف اثناء المظاهرات التي تنتهي دائما بالدماء. في المظاهرة في يوم الجمعة الماضي اصيب ستة اشخاص بالنار الحية واكثر من 100 شخص اصيبوا بالغاز المسيل للدموع والرصاص المطاطي. هذا ما يحدث كل اسبوع هناك. ولا احد يعرف كم هو عدد الجنود الذين كانوا ينتشرون هناك. المنطقة جبلية وعدد من الجنود مخفيين. السكان قالوا إنه تم اطلاق الغاز المسيل للدموع عليهم ايضا من طائرات مسيرة كانت تحلق في السماء. 

قرب مدخل بؤرة افيتار يقف جنود من حرس الحدود، المنطقة التي يتظاهر فيها السكان مزروعة ببقايا الاطارات المشتعلة ومظروفات الذخيرة العسكرية وبحر من الكؤوس والزجاجات البلاستيكية. صوت الصراصير في الظهيرة هو الصوت الوحيد الذي يسمع هنا حتى المظاهرة القادمة والقتل القادم. ومن الناطق باسم الجيش الاسرائيلي ورد: “الجيش الاسرائيلي يقوم بالتحقيق بهدف استخلاص الدروس التي ستمكن من مواجهة الاخطار الامنية أو تجنب بقدر الامكان المس بالابرياء. في 6 آب 2021 كان هناك اخلال عنيف بالنظام في منطقة تلة افيتار، بمشاركة مئات الفلسطينيين الذين رشقوا الحجارة واشعلوا الاطارات. وبسبب هذه الحادثة يجري تحقيق في الشرطة العسكرية. وعند انتهاء التحقيق سيتم نقل النتائج لفحصها من قبل النيابة العسكرية”.