بعد زمن من ترك مناصب وزارية "فارغة" في حكومة الرئيس محمود عباس، ومنها ما يقال بالعرف "وزارات سيادة"، علما بأن فعل السيادة الغائب هو الوحيد الذي يمكن للمواطن الفلسطيني أن يلمسه، سوى في ممارسة المطاردة لكل من لا يرى ما تراه.
حكومة الرئيس عباس، تبحث عن "تعبئة فراغ" لعدد من وزارتها بعد زمن وتغيير وجوه منها بعد ملل، ورغم أن جوهر أي تغيير يجب أن يكون وفق رؤية محددة، سواء منها ما يتعلق بعملية تقييم موسعة لكل مسار العمل، او لبعد سياسي ما يتطلب ذلك التغيير، خاصة وأن هناك مناصب وشخصيات يمثل وجودها ليس عبئا على الموازنة، التي هي أصلا مصابة بـ "كورونا متحورة" بات علاجها شبه مستحيل لأسباب غير مجهولة.
لا يمكن اعتبار "التغيير القادم" حلا للمشكلة الوطنية العامة، ولن يحدث تعديلا جوهريا في مسار المشهد العام وأيضا في الضفة والقدس، ما دام صاحب القرار يرفض تقديم رؤية شاملة حول استراتيجية المرحلة القادمة، فيما يتعلق بالمواجهة مع المشروع التهويدي – الاستيطاني، او ما يتصل بكيفية انهاء الانقسام، ورفع الحصار عن قطاع غزة، بعيدا عن الموقف من حركة حماس.
جوهريا، التعديل وفقا لما أعلنت مصادر الحركة الحاكمة لتشكيل الحكومة (فتح – م 7) ليس سوى تعبئة فراغ وتعديل "فني"، لبعض الوزارات، ولكن لا يوجد ما يشير الى أن التغيير سيمس الحالة االراهنة، ولن يكون هناك خروج عن المعادلة السياسية، التي تسير في قارب بلا هدف محدد.
المنطق السياسي، أن يذهب الرئيس عباس لإحداث تغيير جوهري في العلاقة مع دولة الكيان وسلطات الاحتلال، بعد أن داست بدباباتها العسكرية، وجرافات تهويديها واستيطانها، كل ما كان من اتفاق يذهب الى صناعة سلام وانهاء الاحتلال، وليس لـ "ديمومة" الفصل العنصري والتطهير العرقي.
التغيير الذي ينتظره شعب فلسطين، ليس إزاحة هذا واستبداله بذاك، وتصفية حسابات بعض من مراكز القوى المتحكمة في "مسبحة حكم المقاطعة"، فتلك معادلة لن تصيب العدو القومي بأي رذاذ يمكنه أن يربك مخططه السائر بقوة دون معطلات، سوى بعض نصح أمريكي كي لا يذهب التطرف الجنوني بالعصابة الحاكمة في تل أبيب بـ " ديمقراطية دولة اليهود"، وليس دفاعا عن حق شعب للخلاص من احتلال وبناء دولته الوطنية.
التعديل الوزاري "الفني"، يبدو وكأنها رسالة طمأنة لحكومة دولة الكيان، بأنه ورغم الاهانات السياسية المتلاحقة من رأسي الحكومة الإسرائيلية للرئيس عباس وسلطته، فلن تذهب الرئاسة الى رد فعل "عاطفي"، وأن "حكمتها النادرة" ستحمي الوضع الانتقالي القائم الى سنوات قادمة، ولذا لن تسمح بالذهاب الى "مواجهة شاملة" معها يزعج "حكومة ثنائي التغيير" التي ترعاها الولايات المتحدة.
ويبدو أن قرار حكومة الرئيس عباس، جاء بالتنسيق الكامل مع المخابرات المركزية الأمريكية، كونها "منسق ومهندس" العلاقة بين مقر المقاطعة في رام الله ومقر حكومة الكيان في تل أبيب، وعدم كسر أي "جدر" قائمة" تربك الخطة الأمريكية لتحسين مستوى المعيشة للفلسطينيين، خاصة بعد أن تمكنت كليا من نقل وظيفة الأونروا من إغاثي الى أمني، وكأنها عملية "تأديب عقابي" لكل من كان يوما جزء من حركة الكفاح ضد المحتلين والغزاة.
التعديل الحكومي في رام الله، رسالة سياسية كاملة الأركان، أن الانقسام ليس انتقاليا بل يذهب لأن يصبح مزمنا، وربما يتم لاحقا تعيين وزير فيها يسمى "وزير وحدة بقايا الوطن"، على الطريقة الكورية أو القبرصية، وسيكون أمره رهن بحل القضية الفلسطينية بكاملها وفق رؤية مقبولة للمشروع التهويدي.
بعد كل الأزمات الكبرى، كان الظن "ثورة غضب رسمية" تعيد صواب المشهد للفلسطيني المنتظر من 2005 تعديلا في العقلية والقرار لصالحه وليس لكل ما هو ضرر له ولقضيته...ولكن صار بعض الظن إثم سياسي!
ملاحظة: متحور كورونا بدأ هجومه المباشر على جناحي "بقايا الوطن"..الطريف ان مسؤولي الصحة في الجناحين يصرخون من عدم التزام الناس بالتعليمات...طيب قبل الصراخ وفروا حاجات الناس!
تنويه: أبو علي مصطفى أول عضو تنفيذية لمنظمة التحرير تقوم سلطات الاحتلال باغتياله في مقر عمله...اغتيال كان جزءا من حرب اغتيال السلطة الوطنية لتبقي منها مسمى ومناصب وفق الهوى الخاص..سلاما لروحك يا أبوعلي..كم كنت مختلفا في بدايتك ونهايتك!