المشكلة ليست في كوخافي بل في سياسة الجيش

حجم الخط

هآرتس – بقلم افنر جفرياهو

 مقال هيئة التحرير في “هآرتس” في 11/8، الذي هو احد المقالات اللاذعة في السنوات الاخيرة، يطلب من رئيس الاركان، افيف كوخافي، أن يعزل قائد المنطقة الوسطى، تمير يدعي، من وظيفته. نعم، يدعي كان يجب عليه أن يدفع الثمن بوظيفته على قتل اربعين فلسطيني في ثلاثة اشهر، وعن التعاون الوثيق والمتعاطف بين الجنود والمستوطنين الاكثر تطرفا. ايضا يجب أن يكون هناك ثمن لـ “هذا الاستخفاف بحياة الناس”، كما كتب في المقال. ولكن محظور أن يتوقف الثمن عند المستويات الدنيا.

       لا شك أن الجنرال يدعي يتحمل المسؤولية المباشرة عما يحدث في المناطق. ولكن الاستخفاف بحياة الانسان كان مغروس في السياسة العسكرية قبل وقت طويل من تسلمه لمنصبه. يدعي لم يكن هو الذي قرر السماح باطلاق النار من بندقية الروجر على المتظاهرين. وحتى بعد أن اثبتت الجنازة تلو الاخرى كم كان من الخطأ اعتبارها “سلاح غير فتاك”، يدعي ليس هو الذي وضع السياسة الجبانة والمستخذية للجيش امام شبيبة التلال والكهانيين في الخليل أو امام قيادة المستوطنين. فقد سبقته سلسلة من الجنرالات والسياسيين الذين الكثير منهم يتولون الآن مناصب أعلى منه.

       لقد اختار رئيس الاركان ووزير الدفاع الصمت عندما تم توثيق مستوطن وهو يطلق النار على فلسطينيين بسلاح للجيش. لقد اختارا الصمت عندما وقف الجنود بجانب المستوطنين الملثمين الذين اطلقوا النار الحية على الفلسطينيين؛ أو عندما تم توثيق الجنود وهم يقفون بجانب مستوطنين قاموا باحراق الحقول ورشقوا الحجارة وضربوا بقضبان الحديد. ليس فقط الجنود الذين كانوا هناك وقفوا ضدهم، بل وقف ضدهم ايضا قادتهم وقادة قادتهم. ويدعي فقط هو آخر السلسلة.

       التفكير بأن غانتس وكوخافي غير قلقين حقا من حجم التعاون بين الجيش والملثمين من يتسهار وجفعات رونين، هو تفكير مخيف. ولكن المقلق اكثر من ذلك هو التفكير أنهم في الاساس يخافون. ومن المحزن الاعتقاد بأنهم يعرفون ايضا أنه يوجد ثمن سياسي للتعامل بصورة عميقة مع عنف المستوطنين، وبتقصير يسمح لهذا العنف بالازدهار؛ وأن اليمين في حملته من اجل اليئور ازاريا ربما لم يساعد حقا ازاريا الذي تمت ادانته وسجن. ولكنه نجح في التوضيح لقادته ثمن محاكمة اخرى من هذا النوع.

       لقد ادرك ذلك على الفور رئيس الاركان في حينه غادي آيزنكوت وقال: “اذا كان أي شخص يريد روح العصابة فيجب عليه قول ذلك”. الجواب كان نعم. لأنه بعد بضع سنوات ظهر أن ورثته مستعدون للعيش بسلام مع هذه الروح. ماذا يهم اذا كانوا اطلقوا النار الحية على فلسطينيين؟ لا يوجد لذلك ثمن سياسي. نعم، لا يوجد ثمن سياسي. لأنه خلافا لليمين لم نتمكن من جباية ثمن كهذا؛ لأن دماء الفلسطينيين ليست موضوع اعلامي، وبالتالي ايضا لا توجد على جدول الاعمال السياسي. لأنه في الوقت الذي فيه اعضاء كنيست يقفون في الطابور من اجل الشرح لشركة  “بن آند غريس” بأن المستوطنات هي “بلدات في اسرائيل”، معظمهم يفضلون أن يعرفوا بأقل قدر ممكن ما يحدث في اسرائيلهم الكبرى والجديدة.

       يدعي لم يتم عزله. وقد أنهى وظيفته. ودماء الفلسطينيين بقيت رخيصة مثلما كانت. ونحن نستمر في التعامل مع عشرات القتلى الفلسطينيين وكأنهم ليسوا اكثر من “خطر للتصعيد”. قائد المنطقة الوسطى الجديد، يهودا فوكس، سيتولى قيادة نفس المنطقة وبنفس الشروط. ايضا هو يعرف أن عنف المستوطنين لا يتم الابلاغ عنه، وأنه لا يخلق ازمة اعلامية أو سياسية. وهو يعرف ايضا أن اخلاء البؤر الاستيطانية واعتقال مستوطنين والحفاظ على القانون في المقابل، ستتحول الى ازمة ترافقه لاشهر.

       عندما كتب مئات الجنود لوزير الدفاع وطلبوا منه أن يوفر لهم أدوات للتعامل مع عنف المستوطنين، اجاب غانتس: “اغلبية المستوطنون في يهودا والسامرة هم اشخاص معياريين ويحافظون على القانون”. وقد أزعجه مفهوم “عنف المستوطنين” الذي يصف واقع قائم، والذي فقط بالقوة يمكن نفيه. هذا المفهوم ازعج ايضا نائب رئيس بلدية القدس، آريه كينغ، الذي عمل على انزال لافتة كبيرة قمنا بتعليقها في القدس. ربما هم محقون. المفهوم الاكثر دقة هو “جرائم الكراهية”. تقريبا لا يمر اسبوع لا يتم فيه توثيق جنود للجيش وهم يوفرون الحماية المسلحة لجرائم الكراهية. وتقريبا لا يمر اسبوع يصمت فيه وزير الدفاع ورئيس الاركان على هذه الجرائم مثلما يصمتون في معظم نشرات الاخبار وفي معظم الصحف. ليت أن قائد المنطقة الوسطى كان هو المشكلة. ليت أنه كان هناك شخص واحد يمكن أن نلقي عليه هذا الملف. جميعنا سمحنا بهذا الوضع، جميعنا ما زلنا نسمح به. وقد حان الوقت كي ننظر اليه مباشرة.