الانسحاب من 75% من الضفة بالتنسيق مع السلطة الفلسطينية

صحافة
حجم الخط

اليمين الاسرائيلي مقتنع بأنه انتصر في المعركة على صورة اسرائيل وعلى طابعها: منع تقسيم البلاد إلى دولتين من خلال مشروع الاستيطان المزدهر، «بلاد اسرائيل الكاملة» من البحر حتى النهر «مع جيوب» من الحكم الذاتي للرعايا الفلسطينيين، المواطنين من الصنف الثاني. ولكن اليمين مخطئ. لا احتمالا في أن تنجح اسرائيل في تخليد الاحتلال على نحو ثلاثة ملايين فلسطيني، ويقبل العالم بذلك. صحيح أننا في الطريق لنكون دولة أبرتهايد ثنائية القومية منبوذة من العالم – ولكن هذا فصل سيمر، بشع وغير أخلاقي. إن التخلي عن حل الدولتين لا ينبع فقط من عدد المستوطنين، نحو نصف مليون شرقي الخط الاخضر، إذ بتبادل الاراضي، نحو 80 الفا فقط سيضطرون الى الانتقال الى الكتل الاستيطانية التي ستضم الى اسرائيل. الاسباب للاحساس باليأس من امكانية التسوية تنبع من عدم استعداد كل حكومات نتنياهو، وسبق أن كانت أربع كهذه ولا تزال الامكانية مفتوحة للمزيد منها، لتتخذ القرارات التاريخية الضرورية للحفاظ على هويتنا الديمقراطية واليهودية، كما أن ضعف نظام ابو مازن يساعد على التسليم الحالي بواقع غياب الحل السياسي. تاريخيا، لا يوجد أي احتلال أو استعمار نجح في الصمود. يعرف الشعب اليهودي هذا من تجربة أولئك الذين حكموا هنا. يكاد لا يكون هناك نزاع حديث لم يجد حلا سياسيا، حتى لو استغرق هذا وقتا. انظروا حالات جنوب افريقيا، ايرلندا، ويوغسلافيا السابقة. لقد فهم رئيسا الوزراء الاسبقان اسحق رابين وشمعون بيريس ذلك، ما رفع اسرائيل الى السبيل القويم حتى 1996. اما اليوم، ونظرا للوضع السياسي في الطرفين، يحتمل الا يكون مفر غير العودة إلى حل الدولتين من خلال انسحاب من طرف واحد. في جهاز الامن تنطلق اصوات تؤيد ذلك انطلاقا من الفهم بأن مشكلة «الارهاب» غير قابلة للحل العسكري. وأمن الدولة يستوجب الانفصال عن الفلسطينيين. منذ أربعين سنة ونحن لا ننجح في التغلب على «الارهاب». انسحاب من طرف واحد في الضفة الغربية سيوجب الاستناد الى الاستنتاجات من الاخطاء التي ارتكبت اثناء فك الارتباط عن غزة. هذه المرة يتعين أن يكون الانسحاب من اجزاء واسعة من الضفة الغربية منسقاً مع السلطة الفلسطينية كي تحل أجهزتها الامنية (وليس «حماس») محل الجيش الاسرائيلي. من المرغوب فيه ان يكون الانسحاب من طرف واحد من نحو 75 في المئة من اراضي الضفة (شرق السور الامني وغرب الحزام الامني على طول نهر الاردن)؛ حيث توجد في هذه المنطقة دولة فلسطينية مؤقتة معترف بها كعضو كامل في الامم المتحدة، من قبل اسرائيل ايضا، وذلك في اعقاب ترتيبات امنية مشددة على طول الحدود والنهر، وتعاون اقليمي وثيق ضد «الارهاب» مع الفلسطينيين، الاردنيين، والمصريين. بعد هذه المرحلة، تجرى المفاوضات للتسوية الدائمة، وتطبيقها على مدى ثلاث سنوات (كما اتفق في «اوسلو») وهناك تحل المسائل الاصعب، على اساس متساو بين دولتين والحفاظ على طابع اسرائيل الديمقراطي واليهودي. هذا سيناريو مرغوب فيه، وافضل من حل مفروض من العالم، ينبغي لحكومة وحدة وطنية أن تقوم به. هذا انقاذ وطني من اجل الامن، الاقتصاد، والطابع الاخلاقي لاسرائيل. 

 

عن «معاريف»