انتصرت حركة طالبان بعد احتلال امريكي دام عشرين سنة ، شاء من شاء ، وأبى من أبى . وسينظر الآخرون الى هذا النصر من الزاوية التي يقف فيها كل واحد منهم ، وستتسم النظرات اجمالا رغم اختلافها ، بقدر وازن من الموضوعية.
البعض الاول سينظر الى هزيمة امريكا اكثر بكثير من نصر طالبان ، و سيرى في الهزيمة مسمارا آخر في نعش امريكا كقوة مهيمنة غاشمة ، و ربما نجد الصين و روسيا قد فتحت دفاترها عشية الهزيمة لتضعا دائرة حمراء حول الدولة التالية التي ستمنى فيها امريكا بهزيمة مماثلة.
الهزيمة الامريكية ، كانت ماحقة شملت الجوانب العسكرية والامنية والاقتصادية و الاعلامية و الاخلاقية ، حتى ان اسرائيل خرجت بخلاصة ان حلفاء امريكا في المنطقة ، يتساءلون : متى سيحين دورنا كي تتخلى أمريكا عنا ، وهذا يعيدنا الى ترامب الذي قالها بصراحة ان رفع الحماية عن السعودية يسقطها خلال ساعات او ايام.
البعض الثاني ، سينظر الى امكانية احداث تغييرات جوهرية في حركة طالبان ، لكنه يريدها ان تبقى “اسلامية” تنتمي الى الدين الاسلامي الذي تدين به و تتسمى باسمه ، فينجح بعد ذلك في خلق حالة من التحالف بين الكيانين؛ الجمهورية الاسلامية في ايران ، وحركة المقاومة الاسلامية في فلسطين ، صحيح ان اسلام ايران شيعي، واسلام حماس اخواني ، ولكن لا ايران ولا حماس تتصرفان وفق هذا الوفق ، فايران دولة تقيم علاقاتها مع كل من يناصب امريكا واسرائيل العداء ، بمن في ذلك فنزويلا الشيوعية ، وحماس تعكف على التحلل من عبء الاخوان والتحول الى حركة تحرر وطني ، معتقدة ان الدين هو الوطن . و بناء عليه فإن نصر طالبان مرحب به مقدمة لاقامة علاقات تعاون علنية او حتى سرية.
البعض الثالث ينظر الى طالبان ، عدا انها ارهابية رجعية متخلفة، بالكاد تقبل الجلوس على الكراسي بدلا من افتراش الارض ، وبالكاد تسمح للرجل باستخدام وسائل التواصل، فكيف للمرأة، فإن هذا البعض ينظر اليها انها حركة أمريكية بامتياز ، او على الاقل تدور في الفلك الامريكي، و قد تآمرت على تنظيم القاعدة الذي أسسته امريكا والسعودية لمحاربة السوفييت لدى دخولهم افغانستان في ظل حكمها الشيوعي ابان نور طراقي و محمد نجيب الله الذي اختطفته طالبان واعدمته ، كما اعدمت تمثال بوذا الشاهد على عظمة الحضارة الانسانية ، ما فعلته داعش والنصرة في سوريا والعراق على نحو يومي منهجي.
اما البعض الرابع ، فينظر الى طالبان باعتبار ما سيكون، وسيركز نظره الى اياديها اكثر بكثير من لسانها، فإذا كانت تحترم حقوق شعبها ، نساؤه قبل رجاله، في العيش الحر والكريم ، فإنها ستحظى بمحبته واحترامه ، دون ذلك، فان هذا الشعب سرعان ما سيتصدى لها.
في عام 2006 جرت انتخابات تشريعية في فلسطين تحت الاحتلال ، تنكر الشعب لقيادته التاريخية ممثلة في منظمة التحرير ، ومنح ثقته لحركة حماس المناهضة بأغلبية ساحقة ، ومنذ ذلك الوقت لم تجر أي انتخابات اخرى.