المستوطنات دمرت الحل السياسي ولسوف يتكرر نموذج جنوب افريقيا

حجم الخط

يقبم د ناصر اللحام

 

 

 حمّى الاستيطان التي تسري في أوصال الحكومات الإسرائيلية خرجت عن السيطرة السياسية والأمنية والأيديولوجية الصهيونية . وصارت مجرد دعاية انتخابية للمتسلقين من اليمين ومن اليسار . ويبدو أن الجمهور الإسرائيلي قد استسلم لها ولم يعد يحاربها باعتبارها أمرا واقعا يفرض عليه دون وعي ودون نقاش .

كان المطلب الأساسي للحركة الصهيونية العالمية قبل وبعد الحرب العالمية الثانية ، منح اليهود حكما ذاتيا في فلسطين يتواجد في منطقة يافا وحتى الخضيرة على شكل حرف ل باللغة الإنجليزية دون القدس ودون اية مناطق أخرى . لان الصهاينة المؤسسين أدركوا منذ البدايات ان مسألة حماية الحكم الذاتي اليهودي المذكور تحتاج الى ثلاثة عوامل :
أولا - حماية دولية
ثانيا - موافقة عربية
ثالثا - تسلح متفوق
وقد أعادت الصور القادمة من أفغانستان ، اعادت الكيان الى استراتيجيات النقاش والبحث في مستقبل الاستيطان من جديد . وبدأ المفكرون والجنرالات الصهاينة يعيدون طرح الأسئلة الأولى وكأننا نعيش فترة الكتاب الأبيض وفوزي القوقجي من جديد .
خرج الاستيطان الصهيوني عن رشده حين بنى حزب المعراخ مستوطنات يميت في سيناء وشرم الشيخ ، وانسحبوا منها .
وخرج الاستيطان عن رشده حين بنوا نتساريم وغوش قطيف وبدولح وغيرها من المستوطنات في قطاع غزة . وانسحبوا منها . كما انسحبوا من لبنان وغور الأردن .
ويخرج لاستيطان الان عن رشده في عمليات جارفة هستيرية في القدس وفي الضفة الغربية . وهم يعرفون أنهم سيخرجون منها ولو بعد حين .

في أصول المفاوضات ، وفي دهاء السياسة . ان الفلسطينيين لن يدفعوا أي ثمن لقاء الانسحاب من هذه المستوطنات أبدا . ولن تكون خاضعة لاي نوع من أنواع المساومة سلما أو حربا في المستقبل المنظور او المستقبل البعيد .
وان إسرائيل تربط نفسها بحبال شديدة سوف تصعب عليها الامر حين تنسحب منها . وهي مسألة وقت فقط .
في حال ترفض الحركة الصهيونية الانسحاب من الضفة الغربية ومن القدس .. لا يوجد حل اّخر سوى مفهوم الدولة الواحدة على النموذج الجنوب افريقي .
في بريتوريا وجوهانسبرغ وغيرها ، بنى العنصريون مدنا استيطانية كاملة تكلفتها مليارات المليارات من الدولارات . وفي لحظة سريعة من الزمن انهار النظام العنصري وأصبحت دولة واحدة تجمع الرجل الأبيض والرجل الافريقي على حد سواء .
القاضي غولدستون والذي ترأس التحقيق الدولي في حرب غزة عام 2008 كان يهوديا من أصل جنوب افريقيا . وأدان إسرائيل لارتكابها جرائم حرب .
ويبدو ان القاضي القادم الذي سيدين الاحتلال العنصري سيكون يهوديا ولكن هذه المرة من أصل امريكي . وهو ما يقلق تل ابيب منذ الاّن .