الهجر الأمريكي ، دروس افغانستان

حجم الخط

يديعوت – بقلم اللواء عاموس جلعاد

الخروج السريع للقوات الامريكية والناتو من افغانستان سيترك أثرا عميقا على التجربة الاستراتيجية العالمية لفترة طويلة – ويمكن لاسرائيل أن تتعلم من ذلك بشكل فوري.

المفهوم الاول هو ان الاسلام المتطرف، في شكل القاعدة داعش وطالبان، هو عدو خطير من الواجب الحاق الهزيمة به قبل أن يتطور ليصبح تهديدا. يمكن لجهاز الامن الاسرائيلي أن يسجل لنفسه انجازا هائلا في معالجة تهديد الارهاب من هذا النوع في نطاق اسرائيل والسلطة الفلسطينية، وخلق مساحة من التعاون الامني مع الدول العربية السُنية. فتهديد الارهاب المتطرف في معظم الدول العربية يوجد تحت السيطرة، وفي مناطق حساسة مثل سيناء تطوره الى حجوم تهديد استراتيجي توقف. والثمن، وهذا موضوع قابل للجدال – هو أن اسرائيل متهمة بين الحين والاخر بالتعاون مع انظمة عربية ليست ديمقراطية. الخيار، مع ذلك، هو ليس بين ديمقراطية غنية بالحريات وحقوق الانسان – ينبغي الاعتراف بالواقع والفهم بان الانظمة الديمقراطية لن تقوم في مدى عشرات السنين القريبة في الشرق الاوسط، في جملة واسعة من الاسباب. اسرائيل ملزمة – مثلما تفعل منذ الان وبنجاح – للتعاون مع انظمة يمكنها أن تضمن لها الاستقرار في الشرق الاوسط والقدرة على التصدي المحسن للتحدي الايراني بصفته التحدي المركزي. 

في هذا السياق، خير فعلت اسرائيل اذ غيرت سياسة الحكومة السابقة التي كان معناها مسا بالاردن في جملة مجالات حساسة. ليس للمملكة الاردنية الهاشمية بديل كذخر استراتيجي من المصاف الاول لامن اسرائيل. هكذا ايضا بالنسبة لدول مثل مصر والسعودية. حتى لو لم يتسع التطبيع الى ما بعد اتفاقات ابراهيم، من الحيوي مواصلة تطوير اوجه التعاون الامني المتنوعة. 

المفهوم الثاني هو ان لاسرائيل افغانستان خاصة بها. في بداية الثمانينيات ارتبطت اسرائيل بالقوى المسيحية في لبنان على قاعدة وهم عديم الاساس الواقعي او الاستخباري، وبموجبه فان هذه الخطوة – واحتلال بيروت كدرة التاج – ستؤدي الى قيام لبنان كدولة قوية ومستقرة تنضم الى مصر باتفاق سلام حار مع اسرائيل. غرقت اسرائيل في الوحل اللبناني على مدى عشرات السنين، نجت منه بعد أن فشلت كل الاوهام السياسية، وخرجت ناجية بروحها وذلك ايضا بانسحاب من طرف واحد، بدا في نظرة الى الوراء اشكاليا من ناحية تأثيره على صورة اسرائيل والارتباط المحتمل لاندلاع الانتفاضة الثانية. لهذا يوجد درس واضح يكرر نفسه: محظور الارتباط بقوى فاشلة يمكن الملاحظة بسهولة كافية ان التحالف معها مثله كمثل المبنى الذي بني على بنية تحتية متهالكة من رمال البحر. 

في كل قرار مستقبلي يجدر باسرائيل أن تتذكر النموذج اللبناني، الافغاني والفيتنامي: القسام المشترك في هذه النماذج هو السند المتهالك الذي يمكن بمعايير مهنية تشخيصه مسبقا بانه هكذا. قرار الرئيس بايدن هو نتيجة اعتراف متأخر بالفشل. والمشكلة تكمن في التنفيذ الفاشل للانسحاب الذي بدلا من أن يكون منظما ومرتبا اصبح، مثلما ينعكس في وسائل الاعلام، انسحابا مفزوعا، يبث سلبا على صورة قوة الولايات المتحدة في وجه جملة من الاعداء والخصوم. 

وكنتيجة لذلك، من المهم الاستعداد لامكانية ان تتوصل ايران الى الاستنتاج بان بوسعها ان تواصل مسار تطوير الخيار العسكري – النووي في ظل تخوف اقل من قدرات الرد او الانفاذ لدى الولايات المتحدة. يمكن التقدير بان ايران لن تضعف دعمها لبناء خيارات عنيفة في مواجهة اسرائيل والعالم العربي، واحتمال ان يتضمن اتفاق ما هذا المجال الخطير، الان بالذات، قريبا من الصفر. ايران، سواء وقعت أم لم توقع على اتفاق نووي، ستعزز طريقها الذي بموجبه هي جديرة بمكانة قوة عظمى اقليمية –وعدواناتها في الجوانب العسكرية مختلفة من شأنها ان ترتفع اكثر.

سؤال آخر يرتبط بالمكانة الدولية والقدرة الحقيقية للولايات المتحدة في بلورة زعامتها على العالم الديمقراطي في وجه خصوم مثل الصين وروسيا. كما انه يحتمل ألا يكون تأثير سيطرة طالبان مباشرا، ولكن اذا ما كان النظام هناك متطرفا فسيكون لذلك تأثير ايضا على دولة فاشلة كالباكستان التي تملك مئة رأس متفجر نووي. لهذا توجد آثار لا بد على اي حال من أن نعود لنتناولها. 

في السطر الاخير، اكثر من اي وقت مضى على اسرائيل أن تواصل تطوير وتنمية قدراتها العسكرية الاستراتيجية، مع اعطاء اولوية خاصة للعلاقات الاستراتيجية مع الدول العربية التي تتميز بالانظمة المستقرة.