في سيارتي حملت مريض مؤكد بدون كمامة

حجم الخط

هآرتس – بقلم جدعون ليفي

في يوم الاثنين الماضي سافرت أنا واليكس ليبيك الى شمال غور الاردن الفلسطيني من اجل اعداد مقال آخر عن تنكيل اسرائيل بالرعاة والعاملين الفلسطينيين في الارض. في هذه المرة رافقنا طاقم تصوير، يقوم باعداد فيلم وثائقي عن من تعرضوا لصدمة المعركة. في اطار الاعداد للفيلم انضموا لليبيك الذي يعلم التصوير كمتطوع في مركز الصحة النفسية “ليف هشارون”. كان يوم حار في الغور، المصور والمسؤول عن الصوت في الطاقم جلسا في سيارتنا، المخرج سافر بسيارته وراءنا. الصور التي تكشفت امام ناظرينا كانت كالعادة محزنة وتثير الغضب. رجل الصوت تقريبا لم ينبس ببنت شفة خلال اليوم؛ ظهر كشخص لطيف ومؤدب.

في المساء وصلت بشرى في الهاتف: رجل الصوت تبين أنه مريض مؤكد بالكورونا. خلال يوم كامل سافر معنا في السيارة المغلقة بدون كمامة (هذا ذنبنا)، ودون أن يكشف لنا بأنه تم فحصه في اليوم السابق وينتظر الجواب، بعد أن خالط مريض مؤكد. كان هناك احتمالية بأن يكون مصاب. وكان يمكن أن يعدي الطاقم ونحن وربما ايضا أن يحضر المرض الى القرى النائية في شمال الغور. ولكن أن يفقد يوم عمل، 1200 شيكل، هذا كان بالنسبة له ثمن باهظ جدا.

رجال السينما هم اشخاص مميزون، مثابرون وطموحون ويسعون الى الكمال، مع خبرتهم الخاصة. تقريبا جميعهم يرتدون احذية بلنستون الاسترالية وسراويل قصيرة. في الطاقم في هذه المرة لم يلبسوا احذية بلنستون، لكنهم استجابوا لجميع الصور النمطية الجيدة الاخرى لرجل السينما الاسرائيلي.

رجل الصوت لم يكن مختلف. فهو خريج كلية سبير في هندسة الصوت ومن سكان أحد الاحياء في شرق تل ابيب. “يأتي مع معدات مهنية، مقاربة جيدة وحب كبير للسينما”، شهد على نفسه في كتالوج لهذه الصناعة. هو متزوج وأب لطفلة عمرها 3 سنوات وقد ارانا صورتها. زوجته لا تعمل والعائلة تعتمد على ايام التصوير التي يجمعها. 

هؤلاء الاشخاص في هذه الصناعة حساسون لأي حركة في السوق. هم يعملون لحسابهم الخاص، وأي ازمة تتركهم وهم ينزفون ماليا على جانب الشارع. هم يعيشون على الكفاف، توجد ايام جيدة وايام اقل جودة. الاغلاق هو تهديد وجودي لهذه الصناعة. هو وامثاله الذين يمكنهم أن يفرضوا على اسرائيل الاغلاق. بعد ذلك هم يصرخون بمرارة ويطلبون التعويضات ويتهمون الحكومة. 

هو لم يقل لنا بأنه يمكن أن يكون مصاب بالكورونا، وحتى لم يفكر بأنه يجب علينا ارتداء الكمامة خلال اليوم الطويل. الحياة في جيل الثلاثين تبدو مختلفة. بعد ذلك كان هناك يومان متوتران وعصبيان من الفحوصات لنا جميعا. يومان من الغضب المكبوت عليه والخوف مما سيأتي. رجل الصوت اللطيف الذي تبين أنه قنبلة موقوتة كان يمكن أن يتسبب بكارثة لنا جميعنا. هو مرة اخرى اظهر الى أي درجة نحن انانيون وعديمو المسؤولية.

مثل من لا يستخدمون الغماز في السيارة. هناك خط مستقيم يمر بين من لا يكلف نفسه عناء استخدام الغماز في السيارة على الشارع وبين من لا يكلف نفسه عناء التحذير من خطر الكورونا الكامن فيه. هذا ليس موضوع انفاذ قانون، بل هو موضوع ثقافة. عندما لا يهمك الآخر، ولا يهمك سوى نفسك، فان أي انفاذ للقانون لن يجدي. عندما لا توجد مسؤولية اجتماعية والقليل جدا من الاهتمام والتضامن مقارنة مع ما يوصف به الاسرائيليون، عندها لا يكون بالامكان وقف الوباء. لا يمكن أن نلقي دائما كل شيء على الحكم. نحن الاسرائيليون لا نقوم بمهمتنا، نقوم بخيانتها بانعدام صارخ للمسؤولية، في هذه الحالة لا يجب علينا لوم الحكم.

الحكومة مذنبة بالنسبة لنا دائما في كل شيء. رجل الصوت غير مذنب بأي شيء. اصدقاؤه غير مذنبين بأي شيء. جميعنا غير مذنبين. كم هذا مريح. هناك دول تقريبا لا يجب فيها انفاذ القوانين والاجراءات. المسؤولية الاجتماعية هي في الـ دي.ان.ايه خاصتهم. الامر ليس هكذا في اسرائيل. فقد فكر فقط بنفسه وليذهب الباقون الى الجحيم. بعد يومين متوترين حصلنا على نتيجة سلبية للفحوصات. رجل الصوت تم فحصه مرة اخرى وتبين أنه سلبي. تبين أن الفحص الاول كان خاطيء. هو يعيش في فيلم.