منذ سنوات والسياسة الاسرائيلية في حالة تساؤل وحراك، على مستوى النقاش فقط، حول فكرتين لحل الصراع الاسرائيلي الفلسطيني. الاولى، دولة واحدة ثنائية القومية. والثانية، دولتان لشعبين. لكل فكرة من الفكرتين يوجد مؤيدون متحمسون ومعارضون، ومن يخافون ويرتدعون. لكن لا تتقدم أي فكرة من الفكرتين بشكل فعلي على صعيد التطبيق. أنا ايضا كنت مقتنعا الى فترة قريبة بحل الدولتين للشعبين. لكن حينما أنظر من حولي لا أرى أي فرصة للانتقال الى مرحلة تنفيذ هذا الحل. لذلك أريد أن أدعو الى حل الدولة ثنائية القومية، هو حسب رأيي الحل الصائب للصراع الاسرائيلي- الفلسطيني. بدل الفصل الى دولتين، تُقام دولة واحدة بين النهر والبحر، تشمل كل «ارض اسرائيل» والضفة الغربية وقطاع غزة ايضا، يعيش فيها جميع السكان، العرب واليهود، ويتمتعون بالمواطنة والحقوق المتساوية تحت سلطة واحدة مختلطة. بين النهر والبحر يعيش اليوم 6.2 مليون يهودي و5.5 مليون فلسطيني، وأنا أعتقد أن الجميع قد فهموا أنه لا يمكن تقسيم الدولة، والقدس ايضا لا يمكن تقسيمها، خصوصا أن بنيامين نتنياهو لا يريد اقامة دولة فلسطينية بالفعل. اذا كان هذا هو الوضع فلماذا لا يتم الذهاب حتى النهاية. حسب رأيي هذا هو الاتجاه الذي يجب التقدم فيه. حيث إن 400 ألف مستوطن يحددون الأمر في هذه الدولة، ويستطيعون التأثير بشكل أكبر كثيرا من قوتهم الحقيقية. أفهم أنه بقي حل واحد، وهو لن يكون سهلا وليس مقبولا على الجميع. لكن لا ينبغي الصمت أكثر لأن الوضع الراهن لا يمكن احتماله. واللهب الذي يزداد باستمرار سينفجر في وجهنا. لذلك هذه هي مصلحة الجميع، يهودا وعربا، اسرائيليين وفلسطينيين – الاسراع لحل هذه المعضلة. دولة واحدة لشعبين. من البحر المتوسط حتى نهر الاردن، تسمى دولة اسرائيل – فلسطين ويكون لها نشيد وطني واحد، علم، برلمان جديد، ومساواة بين كل مواطنيها. مساواة اقتصادية ومساواة في الفرص. الجميع يستطيعون السكن في أي مكان يريدونه، والمؤسسات تقدم الخدمات للجميع، ويمكن أن يكون رئيس الحكومة اسرائيليا أو فلسطينيا. فهذا لا يهم طالما أن النظام قائم على المساواة. لا أوهم نفسي. فهذه القضية ليست مثالية. لأنه اذا نجح هذا، واذا تم حل جميع المشاكل في الطريق الى حل الدولتين، ستظهر أمور اخرى وأضرار أخرى. فالفوارق والانقسامات لا تنقص في دولة اسرائيل. لكن الامر المهم هو أن المساواة في الدولة ستكون «اجتماعية» وليس فقط قومية. هل يبدو هذا كحلم يقظة؟ هذا ممكن. لكني اؤمن أن هذا ممكن، الدولة الفلسطينية المستقلة لا يمكنها الصمود اقتصاديا. وفي رأيي لا حاجة لها أيضا. فأغلبية من يعملون في البناء والصناعة في اسرائيل هم فلسطينيون. لذلك أقول تعالوا نأخذ الموضوع خطوة اولى الى الأمام، ونحقق الحلم. ماذا سيعطينا هذا؟ الدولة المشتركة ستعطي المجال للحفاظ على طموح اليهود. «ارض اسرائيل الكاملة» والقدس الكاملة والموحدة. وستعطي اجابة لطموح الفلسطينيين – دولة في كل فلسطين وحق العودة. فعليا هذا يحدث اليوم باستثناء أن الفلسطينيين يوجدون تحت نظام الابرتهايد. لذلك فان الفلسطينيين ايضا سيوافقون على الدولة ثنائية القومية. يجب علينا أن نفهم أن العالم لن يسمح باستمرار هذا الوضع الى الأبد – في نهاية المطاف سيُفرض على الطرفين الموافقة على حل الدولة ثنائية القومية. لهذا تعالوا نفكر في الموضوع للحظة وبجدية، اذا اعتقد أحد أنه يمكن أن يغمض عينيه ويفتحهما فلن يرى اليهود أو الفلسطينيين – هذا هو الوقت لنصحو. فالجميع موجودون هنا، لكي يبقوا، ويجب أن نتعايش معا في هذا المكان المجنون. وفي ظل هذا الواقع يبدو لي أن هذه هي الطريقة العملية الوحيدة لفعل ذلك. أريد العيش في هذه الدولة وفي دولة كهذه. أعرف أنه في الماضي سادت فكرة أن الحل الصحيح هو حل الدولتين لشعبين. لكن هذا الحل تلاشى وهو غير ممكن. في «المناطق» التي تسيطر عليها اسرائيل هناك الكثيرين ممن هم غير ممثلين، وداخل دولة اسرائيل توجد أقلية آخذة في الازدياد، ومن المنطق القول إن أغلبيتهم سيؤيدون هذا الحل – الفلسطينيون مواطنو الدولة. في نهاية المطاف هناك الكثير من الامور المشتركة بين الشعبين: الجذور الدينية، الثقافة الشرقية حيث هناك الكثير من ملامح العالم العربي، الموسيقى والمطبخ والعادات. لذلك أعتقد أن هذا هو الحل العملي الذي يجب تبنيه. أريد أن أختم بشكل متفائل. هذا الحل ليس سهلا على الهضم أو التطبيق. لكن حان الوقت لنصرخ ونقول كفى الى هنا، يكفي الجلوس جانبا. حان الوقت لنُشمر عن أذرعنا ونبدأ بالعمل. من اجلنا ومن اجل أولادنا.
عن «هآرتس»