يديعوت – ما العمل بغزة ، الغباء كسياسية

حجم الخط

يديعوت– بقلم  بن – درور يميني 

 

الغباء، قال البرت آينشتاين، هو أن تكرر العمل ذاته وتتوقع نتيجة مختلفة. لا حاجة لاينشتاين كي  نتمعن في سياسة الحكومة تجاه قطاع غزة وحماس منذ أكثر من عقد:  يكررون بالضبط الاعمال ذاتها، ويحصلون على النتائج ذاتها. الخيال المتطور لدى اصحاب القرار  يتسبب لهم ان يفكروا بان هذه المرة، بالذات هذه المرة، النتيجة ستكون مختلفة. 

هذه ليست النار التي اصابت مقاتل حرس الحدود، العريف اول برئيل حدارية شموئيلي. الفشل  هو ليس  فشل الجنود والضباط الذين يتصدون للمخربين – المتظاهرين، وغدا تنتظرهم مظاهرة غضب اخرى. فهم مرة اخرى سيقفون امام جمهور مشحون بكراهية لاذعة بل واحيانا مسلح فيما هم انفسهم يغمرون بالحفاظ على ضبط النفس الاقصى منعا للمس بحياة الانسان. الفشل هو  في السياسة. منذ اكثر من عقد ومئات الاف المواطنين في الجنوب يعيشون في خوف. صاروخ؟ بالون؟ قذيفة هاون؟  هذه حياتهم الاعتيادية. وفي واقع الامر، يوجد تفاقم. الصواريخ تصبح اكثر دقة قليلا وذات مدى اوسع اكثر بكثير. وحتى البالونات اصبحت اكثر تطورا واكثر ضررا.

للحظة كان يخيل ان السياسة تتغير. رد على كل بالون. هذه السياسة صمدت اسابيع قليلة. موجة حرائق كانت امس في الجنوب، بسبب البالونات. وفي كل حال، فان الرد القتالي لا يداعب طرف اصبع اصحاب القرار في حماس. فهم يدخلون ويخرجون من القطاع كما يشاؤون. وهم دوما يوجدون في مرحلة ما من مفاوضات ما، على المفقودين، على الاسرى، على حقائب الدولارات، على تهدئة مؤقتة، على توريد المواد. وهذا فقط يجعلهم محصنين. كما أنهم يعرفون ان في نهاية المطاف اسرائيل ستخضع.  

من لنا ان لم يكن بنيامين نتنياهو، الذي سمو عدم الخضوع على لسانه، وتحرير جموع المخربين في افعاله. سبق ان منح شرعية، والان لا يتبقى الا تحديد الثمن الذي سيشجع المخربين على نيل المخطوف التالي. 

يأتي اليسار الاسرائيلي مع سياسة هي بين السذاجة والغرابة: فقط اذا ما كان للغزيين الفقراء وضعا افضل بقليل، فقط اذا كان لهم ما يخسرونه، عندها سينشأ اسفين بينهم وبين حماس. هذا نهج انساني على أنه يوجد معه مشكلة واحدة: فهو لم يكن ابدا جزءا من المنطق الفلسطيني ولم يكن ابدا ناجحا في المجال الاسلامي. في اعقاب المواجهة الاخيرة في ايار التأييد لحماس ارتفع فقط. وبهذا الشأن  لنفترض أن الاغلبية بالذات تريد حقا الرفاه والرزق. فهل مثل هذه الاغلبية قادرة على ان تتصدى لاقلية اسلامية مصممة؟  فحين يكون توريد منتظم لمواد البناء، كي يكون الحال افضل بقليل، فان هذه المواد تذهب في قسمها الاكبر لبناء انفاق الموت. وبالتالي هل نعطيهم اكثر؟ الجهاد بصفته هذه هو ناشر للدمار والخراب، ولم نرَ المسلمين بعد، الذين هم الضحايا الاساسيون الذين يثورون ضد من هو مسؤول عن الخراب. وبالتالي فانه بالذات بين اسرائيل التي تسمح بالازدهار وبين حماس التي تعرض مواجهة – هل الغزيون سيؤيدون اسرائيل؟ يا اصدقائي في اليسار، أأنتم جديون؟

إن الصراع مع حكم حماس سيستمر، رغم أن حماس هي الجهة الحصرية المسؤولة عن المعاناة المتواصلة لسكان القطاع، وبالضبط مثلما هو الجهاد مصيبتهم في كل مكان آخر في العالم، من نيجيريا والصومال حتى اليمن، ايران وافغانستان. السؤال هو كيف سيستمر هذا الصراع. يمكن لاسرائيل أن تهزم حماس. المشكلة هي أنها تدخل في  كل صراع كهذا مع ايادٍ مقيدة. ولماذا؟ لانه في اللحظة التي نبدأ فيها المواجهة  تبدأ ايضا حملة دعائية هائلة، عالمية، في الشوارع، في الجامعات، في وسائل الاعلام، تجعل اسرائيل عدوانا خطيرا يرتكب جرائم ضد الانسانية. الاسرائيليون ايضا، وبعضهم مع نية طيبة، يتجندون لهذا الصراع. ولا تكون سوى مسألة ايام الى أن ينضم السياسيون في الغرب للضغط على اسرائيل.

إذن ما العمل؟ اعود مثل كاتو العجوز لاكرر اقتراحا سبق أن طرحته: اسرائيل، بمشاركة الاسرة الدولية، ينبغي أن تنطلق بمبادرة علنية، دراماتيكية اساسها هو الاعمار، ولكن فقط مقابل التجريد. لا اغلاقا بعد ذلك، لا ضائقة ولا معاناة. فقط استثمارات كبرى لغرض الازدهار. من ناحية اسرائيل، هذا وضع يكسب فيه الطرفان. اذا قال الفلسطينيون نعم – كسبنا. قالوا لا – مثلما من المعقول أن يحصل – تكون ايادي اسرائيل اكثر حرية بقليل في المواجهة التالية. ولكن اسرائيل تصر على أن تتخذ المرة تلو الاخرى ذات السياسة، وبعد ذلك تقف مندهشة عندما تتلقى الضربة على الوجه بالضبط بالنتيجة ذاتها.