الأغوار والتعليم العالي

صلاح هنية.jpg
حجم الخط

بقلم: صلاح هنية

محزن جدا أن اطلق صرخة من الأغوار حيث قاطنو الخيام والتناكيات وعامل الصمود الأساسي، الى روح المرحوم الدكتور صائب عريقات تقول: اخبرهم يا دكتور صائب كيف كنت في حياتك لا تنسانا وتوفر المنح لنا، والأكثر إثارة للألم أننا لا نتحدث عن أعداد كبيرة من الطلاب خريجي الثانوية العامة بل نتحدث عن خمسة عشر طالبا قد يكون عدد منهم لا يريد ان يكمل تعليمه، فالأمر لا يحتاج ميزانية وبندا ماليا وغيره بل يحتاج إرادة كي يتم توزيعهم على الجامعات وتغطية تكاليفهم، ولا يحتاج الأمر الى مناشدات ودعوات.
قبل عامين، ذهبنا الى الأغوار لحظة تصاعد خطة الاحتلال ضم الأغوار ووجدنا أن الاحتياجات متواضعة لا تحتاج الى أخذ ورد وتقييم هم بحاجة الى وحدات طاقة شمسية، بركسات أو خيام مقواة، ويومها، أطلقنا عليهم قناديل الجبل، والتقينا نماذج من طلبة المدارس الذين أوصانا آباؤهم أن يكون هناك منح دراسية للأغوار، وتواصلنا وقتها مع عدة مؤسسات إلا أن ظروف الوباء لم تسعفنا.
اليوم، نعيد الكرة مرة أخرى ونطالب ونحث ونلح بخمس عشرة منحة للطلاب الناجحين في الأغوار، وعندما نحققها سنذهب صوب وحدات الطاقة الشمسية والخيام المقواة، والزراعة، والصمود، وتسويق المحاصيل الزراعية من الأغوار، حتى لحظة فرض حضور بشري مكثف في الأغوار، لا نريد ان يطوى هذا الملف ويقال: العام القادم سنضعه على الأولويات، لم يفت شيء، اليوم.
وحتى نكون أكثر إنصافا فإن المنح وليس مقاعد القبول حق للطلبة المتفوقين والطلبة الأقل قدرة ماليا حتى لا نظل نعيد ذات التمرين (تكريم أوائل الطلبة في الثانوية العامة) ومن ثم نتركهم وشأنهم، القضية ليست عبوة عصير وعبوة مياه، القصة قصة حياة جامعية قادمة من حق الطلبة المتفوقين والأقل قدرة ان يلتحقوا بها.
لم يكن التعليم العالي أبدا للمقتدرين ماليا فقط أو المتفوقين فقط، بل الأساس انه حق مكفول للجميع ويجب الالتزام بتطبيقه فما بالنا عندما نتحدث عن الأغوار وعن البلدات القديمة في الخليل ونابلس والقدس، حتى أن كليات الزراعة وفرت قبولا للبلدات القديمة المذكورة أعلاه فيها لمن معدلاتهم من 60 – 64.5% وهذه خطوة مهمة.
كان الشعار المركزي للحركة الطلابية في الجامعات الفلسطينية «التعليم حق للجميع» وكان العمل ينصب لتطبيق هذا الحق على ارض الواقع من خلال صندوق منح الطلبة إضافة للجمعيات التي كانت تقدم منحا أيضا وكان على رأسها سيدات مبدعات، واستطاعت الحركة الطلابية بدعم من إدارة الجامعات ان تحقق موارد لصندوق المنح الطلابية كوضع عبوات لزيت الزيتون فارغة في معاصر الزيتون لتعبئتها وبيعها لصالح الصندوق، كانت فرق الجامعات الفنية والتراثية تطوف البلاد لكي تحقق مصدرا ماليا لذات الصندوق، وكانت البلديات الرئيسة تساهم.
اليوم، مع تراكم هذا الزخم منذ سنوات طويلة نجد أننا بحاجة لإعادة تأكيد ما هو مؤكد بخصوص المنح المالية، والتركيز على المناطق الأقل حظا لكي تتلقى التعليم أسوة بغيرها، وهناك تصنيفات حكومية تعيننا في هذا الجهد، وبات ملحا تشكيل جمعيات في كل محافظة للقيام بهذه المهمة كقضية تخصصية.
أسبوعان مضيا على بدء العام الدراسي في المدارس ورغم ذلك ما زالت هناك مطالبات بحقائب مدرسية وقرطاسية للمحتاجين ودعوات للمساهمة في دفع بعض أقساط الطلبة غير المقتدرين، هذا واقع المدارس فما بالنا بخصوص الجامعات والكليات.
وأود ان اشكر كل من اعلن عن منح طلابية في فلسطين رغم ان بعضها حديث العهد تماما، ولكنهم سجلوا علامة فارقة كما سجلت بقية الجامعات القائمة تاريخيا هذا النمط المعطاء.