تشتد الأزمات التي يشهدها لبنان يوما بعد يوم، حتى أصبح مشهد الطوابير الباحثة عن الخبز والوقود، جزءا من صباحات لبنان وأمسياته، في الوقت الذي تخلو فيه الطرق من السيارات، إلا تلك التي تقف بالطابور.
وكشف عضو نقابة أصحاب المحطات في لبنان، جوج براكس، أنه "بناء على طلب حاكم مصرف لبنان، بدأت 3 شركات بإفراغ حمولة 4 بواخر محملة بمئة ألف طن من مادتي البنزين والمازوت"، لافتا إلى أن كمية البنزين تشكل غالبية الحمولة، وأن الطوابير ستبدأ بالتراجع خلال أيام.
وقال ممثل موزعي المحروقات في لبنان، فادي أبو شقرا، لموقع "سكاي نيوز عربية": "بدأت المحطات في لبنان منذ الثلاثاء، باستلام المحروقات، ونتوقع أن تخف الطوابير خلال أيام، بعد وصول المحروقات إلى كل المحطات".
من هي الشركات الموزعة؟
وطالب أبو شقرا بعدم تشجيع "تجار الغالونات" وتوقيفهم، مشيرا إلى أن الازدحام سيخف، ومؤكدا أنه يتم التنسيق بين المحطات ونقابة الأطباء، لكي لا يقف الطبيب وفريقه الطبي في الطوابير.
وأوضح أن شركات خاصة هي التي وزعت المحروقات، وتشمل "كورال" و"ترمينال" و"المدكو" التابعة و"الهيبكو mpc ".
ومع إصدار وزارة الطاقة والمياه جدول أسعار المحروقات الجديد، نهاية الأسبوع المنصرم، وفق آلية الدعم على أساس الـ8 آلاف ليرة، غداة اجتماع بعبدا، تهافت المواطنون أمام المحطات.
وتعليقا على قرار اجتماع بعبدا ودعم المحروقات، استطلع موقع "سكاي نيوز عربية"، آراء خبراء، حول جدوى مثل تلك الخطوة.
وأبدى خبير المخاطر المصرفية، الدكتور محمد الفحيلي، استغرابه، قائلا: "من أين سيأتي مصرف لبنان بالمال لدعم المحروقات، في الوقت الذي تأتي فيه سياسة الدعم عبر السلطة السياسية".
وبيّن: "آلية الدعم تتم عبر توفير الأموال للدعم، ويتم ذلك بين وزارتي الاقتصاد والمال، لتأمين المبلغ".
وتابع: "توجيه السلطة السياسية أصابع الاتهام لمصرف لبنان وتحميله مسؤولية الأزمة الاقتصادية خطأ، بينما المسؤولة هي السلطة السياسية كونها تتمنع إدراج أية سياسات تهدف إلى إنقاذ البلد ووضعه على السكة الصحيحة باتجاه التعافي".
وردا على سؤال حول قانونية التدبير الرئاسي، أجاب الفحيلي: "قانونيا ما يتبقى في خزانة مصرف لبنان هي توظيفات إلزامية وديون للمصارف وللمودعين، ولا يحق لمصرف لبنان أن يتصرف بها لإنقاذ السلطة السياسية".
وأردف: "حوّل مصرف لبنان لسلطة نقدية هدفها عن قصد وعن غير قصد إنقاذ السلطة السياسية الفاشلة، ولا يمكن أن تسير الأمور كما يجب طالما ما زال السعر الذي تدعم فيه المشتريات يختلف عن السعر الحقيقي لليرة اللبنانية، وسيبقى المجال مباحا للمستوردين، خصوصا مستوردي المحروقات، للتخزين واحتكار المادة في السوق".
ورأى الخبير أن الطوابير أمام المحطات "ستبقى، لأن وزارة الطاقة ألزمت المحطات والمخزنين بيع المخزون الخاص بها على السعر القديم، قبل توزيع المخزون الحديث على السعر الجديد، والمحطات لن تلتزم طبعا، خصوصا في ظل غياب الرقابة من قبل السلطة".
حلول "ترقيعية"
وبدوره، رأى الكاتب والمحلل السياسي، الإعلامي منير الحافي، في حديثه، أن كل القرارات التي تتخذها السلطة اللبنانية في هذه الأثناء هي "قرارات غير مدروسة وترقيعية".
وأشار إلى أنه: "هناك غياب لخطة واضحة تسير عليها السلطة، سواء التنفيذية أو التشريعية، وينسحب ذلك على مصرف لبنان وحتى على القوى الأمنية.. الكل يعمل على قاعدة (كل يوم بيومه)".
ورأى الحافي أن "طوابير الذل ستبقى لأن كمية المحروقات التي ستدخل لن تكون كافية للسوق، وفي ظل عدم حل إشكالية تهريبها إلى الخارج، خصوصا سوريا، وطالما سعر صفيحة البنزين في سوريا حوالي 300 ألف ليرة لبنانية، فإن التهريب عبر المافيات المعروفة على الحدود سيبقى".
واسترسل قائلا: "المطلوب أن يتوقف حزب الله، الذي يجاهر بأنه نقل وينقل مقاتلين ومعدات نحو سوريا، عن التهريب، ويجب تسهيل مهمة الجيش والقوى الأمنية في ضبط الحدود. على رئيس الجمهورية دعم الجيش وتسهيل تأليف حكومة برئاسة نجيب ميقاتي، لتكون مهمتها وضع خطة طوارئ عاجلة لإنقاذ الشعب اللبناني، بالتنسيق مع الأخوة العرب ودول العالم، التي ما زالت تهتم بلبنان".
الجدير بالذكر أن مصرف لبنان المركزي قرر فتح حساب مؤقت "لتغطية دعم عاجل واستثنائي" لواردات الوقود، بحد أقصى يبلغ 225 مليون دولار حتى نهاية سبتمبر، في محاولة لتخفيف أزمة الوقود.
وصرح حاكم مصرف لبنان رياض سلامة، قبل أيام، بأن الحكومة تسعر الوقود بسعر 8 آلاف ليرة للدولار، مقابل 3900 ليرة للدولار سابقا، والفرق بين السعرين يُترجم إلى خسارة تتحملها الحكومة اللبنانية، بهدف تخفيف النقص في الوقود.
المصدر : سكاي نيوز عربية