أكّد المؤتمر العلمي "الخطاب الإسلامي السياسي في فلسطين" (الجذور-الواقع-المستقبل)، اليوم الثلاثاء، على ضرورة إبداء الاهتمام الأكبر لمثل هذه المواضيع لما لها من أهمية كبيرة على القضية الفلسطينية والمجتمع الفلسطيني.
وأوصى المؤتمر الذي نظمه معهد فلسطين لأبحاث الأمن القومي، بالشراكة مع وزارة الأوقاف والشؤون الدينية، برعاية رئيس الوزراء محمد اشتية، العاملين في الخطاب الديني بالتأكيد على احترام معتقدات الآخر، واعتماد التسامح والحرية كأساس لاحترام إنسانية الانسان أيا كانت معتقداته، وبضرورة توسيع دائرة الاهتمام لتشمل دراسة الخطاب المستند الى ديانات أخرى غير الإسلام، وخاصة اليهودية التي اتكأت الحركة الصهيونية على بعض التفسيرات من أجل إنجاح مشروعها في فلسطين.
وتحدّث عن الاهتمام بالدراسات التحليلية لموضوع الدين، وتأثير الفكر الديني على مختلف الجوانب السياسية والاقتصادية والاجتماعية والثقافية في المجتمع الفلسطيني، وتشجيع دراسة الأديان المقارنة، وتاريخ الأديان وسوسيولجيتها وفلسفتها، وعدم الاقتصار على دراسة الشريعة والثيولوجيا كما يجري في معظم المؤسسات التعليمية حاليا.
وشدد المؤتمر، على الاهتمام بالإعلام كأحد أهم الوسائل التي يصل بها الخطاب الديني الى المجتمع، والعمل على أن يكون إعلامًا منفتح الآفاق، متعدد المصادر الفكرية، بعيدًا عن الأحادية، يعطي الحرية حقها، ويعتمد المنهج العلمي، الذي يحد من الاستخدام "التعسفي" للمرجعيات الدينية.
وحثّ المؤتمر، الباحثين والعاملين بالخطاب الديني، على عدم الاستخدام اللاتاريخي والمجتزَأ لبعض النصوص الدينية للخروج بنتائج ليست واقعية ولا علمية وليست في صالح القضية الفلسطينية، والتي تؤدي إلى التعميم واعتماد صور نمطية معينة لأصحاب معتقدات واتباع ديانات أخرى.
واقترح اعتماد مفاهيم وقيم إنسانية مثل التسامح والسلام في الخطاب الديني، مؤكدًا على ارتباط هذه المفاهيم بالحقوق الفردية والجماعية للناس، خاصة أن هذه المفاهيم تستخدمها جهات معينة للالتفاف على حق الشعوب وخاصة حقوق شعبنا الفلسطيني، والذهاب إلى التطبيع والتحالف مع الاحتلال الإسرائيلي على حساب الحقوق الفلسطينية.
ولفت إلى أهمية العمل على تجديد الفكر الديني بما يتلاءم مع العصر، آخذًا بعين الاعتبار الانجازات الكبيرة التي حققتها البشرية.
ونوّه إلى ضرورة تطوير خطاب الإسلام السياسي في فلسطين عبر توطينه وفلسطنته ليعبر بشكل أكثر واقعية وموضوعية عن القضية الوطنية الفلسطينية، ويتمكن من إنتاج مفكريه ومنظِّريه، متجاوزًا الاعتماد الكلي على المفكرين والمنظرين الخارجيين والتفكير بعقل غيره من الخطابات السياسية الإسلامية في العالمين العربي والإسلامي، وحتى يستطيع هذا الخطاب الاقتراب من قضايا الشعب والانسان الفلسطيني وهمومه واحتياجاته، ويعمل على إيجاد الحلول وفق رؤى وتصورات فلسطينية، تستند إلى أسلوب الحوار الديمقراطي والوسطية والتسامح، وقبول الآخر، ورفض التطرف والتكفير والعنف، والحرص على السلم الأهلي، ورفض الانزياح إلى الاستنجاد بالآخر فكريًا ومعرفياً في إنتاج حلول لقضايانا، وخاصة ما يتعلق بالمرأة والآخر الديني (المسيحي والسامري)، والتأكيد أن الكفاح الوطني الفلسطيني هو ليس صراعا مع اليهود، بل صراعا مع الاحتلال الاستعماري الاستيطاني الصهيوني.
وتضمن المؤتمر أربعة محاور، على مدار أربع جلسات، تناولت سردية الاحتلال في الخطاب السياسي الإسلامي الفلسطيني، والتطرف والاعتدال في الخطاب السياسي الإسلامي الفلسطيني، والديمقراطية والمواطنة في الخطاب السياسي الإسلامي الفلسطيني، وقراءات في المرجعيات الفكرية للخطاب السياسي الإسلامي، شارك فيها (17) باحثا وباحثة من فلسطين والأردن والمغرب.
وشهد المؤتمر حضورًا ومشاركة واسعة ونقاشا معمقا من باحثين ومهتمين فلسطينيين وعربًا من داخل فلسطين ومن الأردن والسعودية والجزائر وهولندا والدنمارك والصين ولبنان وغيرها.