خارطة العنف على طول شارع 60

حجم الخط

هآرتس – بقلم شاؤول اريئيلي

في رده على طلب وصل اليه من مئة جندي في شهر تموز حول عنف المستوطنين، كتب وزير الدفاع بني غانتس: “اغلبية المستوطنين في يهودا والسامرة هم اشخاص معياريون ويحافظون على القانون” (“هآرتس”، 21/7). وفحص دقيق لـ 423 حادثة مختلفة لعنف المستوطنين، التي تم توثيقها من قبل “بتسيلم” بين 1 كانون الثاني 2020 و31 تموز 2021 يدل على أن غانتس كان على حق.

هذا الفحص يوضح أن تعليمات وزير الدفاع للجيش الاسرائيلي لا يتم تطبيقها، الذي كان موجود في معظم هذه الاحداث، “العمل بشكل فعال من اجل الحفاظ على الامن والنظام في يهودا والسامرة من خلال استخدام جميع الصلاحيات المعطاة لجنود الجيش في القانون وبالتعاون والتنسيق الكامل مع شرطة اسرائيل”. رئيس الحكومة ورئيس الكنيست والجمهور في اسرائيل يجب عليهم العمل ضد العنيفين وضمان النجاح في المواجهة معهم. جميع الاحداث الموثقة – اطلاق النار ومهاجمة بيوت واعتداء جسدي والاضرار بالاملاك والمزروعات – حدثت على سفح الجبل، على طول شارع 60، باستثناء احداث معدودة (في مشخيوت في شمال غور الاردن). شارع 60 يعتبر محور رئيسي في الضفة الغربية، وعلى طوله اقيمت في نقاط مختلفة مستوطنات للتيار الديني الوطني، “غوش ايمونيم” على مر اجيالها، بهدف قطع التواصل الجغرافي الفلسطيني ومنع اقامة دولة فلسطينية قابلة للحياة.

في قلب المناطق التي فيها حدثت اعمال العنف توجد 19 مستوطنة (التي تشكل 15 في المئة من اجمالي المستوطنات في يهودا والسامرة). هذه المستوطنات التي يرافق عدد منها بعض البؤر الاستيطانية غير القانونية، تنتشر من شفيه شومرون في شمال الضفة وحتى سوسيا في جنوب الضفة. المستوطنات الرائدة من بين هذه المستوطنات في مجال تزايد الاحداث في محيطها، بالاساس احداث اطلاق النار والاعتداء، هي مستوطنة يتسهار ومستوطنة براخا ومستوطنة عالي ومستوطنة شيلا والاستيطان اليهودي في الخليل ومستوطنة معون ومستوطنة سوسيا. في الـ 19 مستوطنة هذه كان يعيش في نهاية 2020، 57.400 اسرائيلي، الذين يشكلون 12.6 في المئة فقط من اجمالي السكان الاسرائيليين في يهودا والسامرة.

المعطى البارز والواضح بالنسبة لهذه المستوطنات الـ 19 هو حقيقة أنه في الانتخابات الاخيرة في آذار 2021، حزب “الصهيونية الدينية” برئاسة بتسلئيل سموتريتش وايتمار بن غبير واوريت ستروك، كان الحزب الاكبر في 16 مستوطنة منها (في معظمها حصل حتى على اكثر من 50 في المئة من الاصوات). حزب يمينا برئاسة نفتالي بينيت واييلت شكيد كان الحزب الثاني من حيث الحجم في هذه المستوطنات. وقد حصل على المكان الاول في مستوطنة واحدة. ميزة اخرى بارزة في هذه المستوطنات هي تصنيفها الاقتصادي – الاجتماعي المتدني. 37 في المئة مصنفة في الثلث الادنى في السلم (العناقيد 2 الى 3)، وجميعها باستثناء نفيه تسور (العنقود 6)، مصنفة في النصف الاسفل في السلم (العناقيد من 2 الى 5). 

اذا مكان هذه الاحداث يشير الى منفذيها فان عدد من المصوتين للصهيونية الدينية في هذه المستوطنات يحاولون تحقيق الاهداف الرئيسية للحزب، “ارض اسرائيل الكاملة، وضم يهودا والسامرة وضبط النفس القضائي”، خلافا للقانون. وبعد فشلهم في الحصول على اغلبية يهودية وهيمنة مكانية في اطار القانون الاسرائيلي، الذي هو “مرن” بشكل كبير لصالحهم، يحاولون تحقيق ذلك بطرق عنيفة وخاطئة وسيعملون كل ما في استطاعتهم لمنع أي تسوية مع الفلسطينيين. 

في المفاوضات مع الفلسطينيين لم تطلب اسرائيل في أي وقت ضم أي مستوطنة من المستوطنات الصغيرة والمعزولة هذه، التي اقيمت في عمق المناطق الفلسطينية المأهولة باكتظاظ. وقد أراد اريئيل شارون اخلاء عدد من هذه المستوطنات في اطار خطة الانفصال في 2005 من اجل خلق تواصل جغرافي فلسطيني يسهل على السلطة الفلسطينية السيطرة في الضفة الغربية حتى بدون تسوية دائمة.

إن مباديء سياسة الصهيونية الدينية تم عرضها في المقابلة التي اجراها سموتريتش في القناة 7 في ايلول 2017 والتي أكد فيها، ضمن امور اخرى، على أن خطته هي “الخطة الوحيدة التي هي غير مستعدة لابقاء تجمع عربي مع الرغبة في تحقيق تطلعات قومية هنا في ارض اسرائيل… لذلك، محظور أن يكون هنا أي تجمع عربي… ومن يعتقد أنه سيبقى هنا ويواصل السعي لتقويض وجودنا وتقويض هويتنا اليهودية فسيقابل جيش حازم. بعد الحسم الفكري سيأتي ايضا الحسم العسكري… أنا اريد أن أكرر ما حدث في العام 1948 على جانبي الخط الاخضر… الطريقة الوحيدة للدفاع عن الدولة اليهودية الوحيدة في العالم هي القضاء على الأمل في الطرف الثاني”.

يجب على رئيس الحكومة، نفتالي بينيت، أن يطلق مقولة واضحة ضد الاقلية العنيفة. وأن يوجه قوات الامن من اجل العمل وفقا لذلك، والاكثر اهمية هو ضمان أن يتم تطبيق التعليمات. يجب على وزير الدفاع، الذي كتب في رسالته أنه لا يجب علينا كمجتمع أن نسمح لاشخاص افراد يريدون نشر الكراهية بيننا وبين جيراننا، أن يعطي النغمة وأن يضمن بأن الجيش الاسرائيلي لن يسمح لاقلية عنيفة بأن تنجح في نشاطاتها. يجب ضمان أن يترجم وجود الجيش الاسرائيلي في هذه الاحداث الى تدخل ناجع من اجل منعها واعتقال المتورطين فيها، بالتعاون مع الشرطة والشباك. ويوجد تحد اكبر يواجه الكنيست والجمهور في اسرائيل وهو أنه يجب عليهم الاعتراف بالتداعيات الصعبة لاجندة حزب الصهيونية الدينية وتصريحات قادته، التي تخلق اجواء تشجع على العنف، وابعادهم عن النظام السياسي في اسرائيل.