الإعاقة في أماكن أخرى ..!!

7218D8F9-1971-4848-9320-6AB8804A375B-e1601472159399.jpeg
حجم الخط

بقلم نبيل عمرو

 

لو طُلب من الجانب الفلسطيني ان يكتب البيان الختامي للقاء الثلاثي الذي التئم في القاهرة لما كتب افضل مما اعلن.

كان بيانا تجددت فيه المواقف الأساسية من القضية الفلسطينية التي تسمى فلسطينيا بالثوابت ومصريا وأردنيا بالالتزام.

منذ زمن طويل لم يكن لدى الفلسطينيين مشكلة مع مصر والأردن في هذا الشأن، ذلك ان المشاورات اليومية بين الأطراف الثلاثة تجري دون توقف او فتور وحتى فيما يتصل بمخاطبة العالم فلا اختلاف لا في اللغة ولا في المضمون وسنلمس ذلك خلال انعقاد الجمعية العامة للأمم المتحدة قريبا، اذ سنسمع ثلاث خطب تظهر المشترك وهو تأكيد الدعوة الملحة الى حل القضية المركزية مع تحذير متجدد بأن الامن والاستقرار في هذا الجزء المضطرب من العالم لن يتحققا اذا لم تحل هذه القضية او بدأت مفاوضات مباشرة نحو هذا الحل.

غير ان ما يبدو الأهم في هذا اللقاء هو توقيته أي الظرف السياسي الذي تم فيه اذ جاء في سياق حملة دولية لمنع انهيار السلطة وتنفيس الاحتقان الذي وصفه المبعوث الأمريكي هادي عمرو.. كغابة جفت اشجارها وستشتعل مع اول عود ثقاب.

ومن اجدر من الأردن ومصر في توفير شبكة امان للسلطة كي تبقى على قيد الحياة. اما والرهان على اكثر من ذلك على المدى القريب والمتوسط، ليس واقعيا وذلك بفعل معيقات رئيسية ثلاث أولها الوضع في إسرائيل والنهج الذي تتعامل به مع الملف الفلسطيني، ففي الدولة العبرية حكومة ملفقة تقف على اغلبية صوت واحد، وكلما طولبت بمجرد قول كلمة إيجابية عن مفاوضات مع الفلسطينيين ترد بالرفض المطلق مسوقة مقولة اشتراها كثيرون في العالم بما في ذلك أوروبا وأمريكا بان كلمة مفاوضات تعجل في انهيارها.

ثانيها التغطية الامريكية والأوروبية لبقاء الجمود السياسي على حاله مع الذهاب الى ما تراه ممكنا وهو الحلول الجزئية ذات الطابع الاسعافي الذي يسمى تجاوزا بالحل الاقتصادي، في هذا السياق التقى جانتس مع عباس، بعد ان أُرغم بينيت على رفع الفيتو عنه مع تقديم رزمة تسهيلات ارتاح لها الرسميون الفلسطينيون ولكنها اثارت مخاوف حول الذهاب نحو ما تسعى إسرائيل اليه تاريخيا وهو استبدال الحل السياسي الذي يرضي الفلسطينيين بالحل الاقتصادي الذي يرضيها.

ثالثها الضلع الفلسطيني في مثلث الاعتدال السياسي الذي اجتمع في القاهرة ما يزال مكسورا فهو يعيش وضعا ذاتيا تتجاذبه اجندات متصارعة لا تقتصر على فتح وحماس او الضفة وغزة وذلك يتضافر مع ضعف متعدد الأسباب للإدارة والامن والاقتصاد والقضاء، ما يفتح ابوابا واسعة «للمتربص الإسرائيلي» للدخول الى الازمات المتوالدة وتوظيفها لمصلحة اجندته الأساسية التي مركزها السيطرة طويلة الأمد على الفلسطينيين.

هذه المعيقات الثلاثة وحولها معيقات اكثر في المحيط الإقليمي الذي ما يزال يشهد حروبا مباشرة او بالوكالة نتيجتها حتى الان تراجع القضية الفلسطينية عن مكانتها القديمة الى مكانة اقل بفعل الأولويات المستجدة لكل الأطراف المنخرطة في حروب الإقليم.

الا ان هنالك إيجابية تستحق التسجيل وهي ان مصر والأردن على وجه الخصوص تملكان قدرات نوعية لبقاء القضية الفلسطينية قيد التداول، والامر هنا ليس مجرد تضامن ودعم لشقيق بل انه اعمق من ذلك لأن الهم الفلسطيني هو هم داخلي في كلا البلدين النوعيين وحل القضية الفلسطينية بما يرضي شعبها ويوفر الامن والاستقرار للجميع هو ثابت استراتيجي للدولتين.

الخلاصة.. اللقاء الثلاثي الذي سيصبح دوريا لن يفضي بالتأكيد الى حل سحري للقضية المركزية، ولكن لا حل دون انخراط مثلث الاعتدال في محاولات الحل وهذا ما يتطلب جهدا مضاعفا بفعل المعيقات التي تكتظ بها ساحة العمل السياسي وبتفاؤل مفرط أقول حتى الان.