ليس بالفرح وحده نحمي صانعي"العبور الكبير"!

1625121147-434-3.jpg
حجم الخط

كتب حسن عصفور

 يحق لفلسطين، وطنا وشتات، أن تعلن فرحها العام بكل اللغات والمظاهر، أن ترقص طربا، وهي غارقة في ظلام انقسام نهش من جسدها الكفاحي، ما لم يتمكن عدوها القومي منه، فما كان يوم "العبور الكبير"، أضاء كل حبة تراب فلسطينية، فيما تغرق دولة الكيان ارباكا فريدا، وهي التي تغطرست الى حد أن البعض "المجذوم" قيمة وطنية، بات يراها "الحامي الأمين".

خبر العبور الكبير، لم يكن نقلا لمعلومة ساخنة ضمن مجموعة "العواجل الحمراء"، بل تحول الى "حكاوي صحفية" وتحقيقات إخبارية بكل اللغات الحية، خبر كان الأبرز والأكثر تناولا من زاويا التنقيب والتدوير..وأسئلة لها بداية ويبدو أنها لن تجد لها نهاية قريبا.

ليس مفاجأة أبدا ان تبدأ حركة الفرح الشعبي للحدث الكبير، فتلك حالة فلسطينية مع كل فعل يربك عدونا القومي وأداته الاحتلالية، من بصقة على جندي محتل الى طعنة سكين، الى هتاف يرتبط روحيا بالقضية الأم، مرورا بعمليات مقاومة بكل المظاهر الممكنة، ولكن فرحة "الاثنين الكبير" يوم السادس من سبتمبر 2021، كان لها مذاق خاص، ارتبط بكم المرارة الشمولية التي أغرقت "طائر الفينيق".

ولكن، ومع كل قيم الفرح الإنساني، فالحدث الذي هز كيانا بكل منظوماته التي تباهى بها أمام البشرية، يستحق ما هو مختلف تماما في أشكال "الفرح الوطني"، لينتقل الى مظاهر "فرح اشتباكي" مع المحتلين في مختلف مناطق الضفة الغربية والقدس، كل بحسب قدرته، وأيضا استمرار فعل "الإرباك الليلي" على طول السياج الفاصل شرق قطاع غزة.

تحديث أشكال المواجهة الشعبية الوطنية بمختلف مظاهرها هو التعبير الأكثر فرحا لحماية من صنع مجدا وطنيا مختلفا، ولعل البعض لا زال لم يدرك جوهر الأمر كونه ليس معتادا على الفعل الكبير، وأن "العبور الكبير" لن يطيح بموظف أو مسؤول، بل سيفرض إعادة إعمار المنظومة الأمنية بكاملها، بعد الاختراق الأهم منذ منتصف الخمسينات، وفقا لأقوال إعلام عبري.

أن يخرج العشرات في شوارع الضفة والقطاع موزعين حلوى وهاتفين مجدا، فتلك حالة تعبيرية إنسانية، هامة للتنكيد على العدو، ولكنها ستنتهي مع لحظة انتهاء حركة التوزيع، ما يتطلب تطويرا جوهريا، في التعبير عن القيمة الحقيقية للحدث الكبير، بالخروج الممكن في حالة "اشتباك" متعدد المظاهر مع "الوجود الاحتلالي"، نقاطا وحواجزا وسياجا.

العبر التي يجب أن نتنج من يوم "الاثنين الكبير"، كيف للفلسطيني ان يتنقل، بلا مقدمات إنشائية من حالة الهتاف والوعيد الى فعل التنفيذ، وأيضا بالمتاح، سيكون أثره الإرباكي قيمة مضافة ليس لحماية صانعي العبور بل للانطلاقة لعبور أوسع كثيرا من عبور نفق سجن، لتبدأ رحلة كسر جدر المحتلين، وبناء جدر لترميم الحالة الكيانية الفلسطينية من "جذام الانقسام".

مجددا، لم يعد مسموحا لأي من فصائل العمل أن تختبئ خلف "جدار التنسيق الأمني"، وكأنها تبحث ما يستر عوارها السياسي أو عورتها في الفعل المقاوم، فالتحدي والرد لا يمكنه أن يكون وفق نظرية "الانتقاء" بين الجميل والأجمل، فتحت الاحتلال ليس لك سوى أن تختار بين اللاممكن والممكن، والممكن الفلسطيني مخزونه بلا نهاية.

"الذرائعية" الفصائلية لم يعد لها مكان ولا يمكنها ان تمر مرورا هادئا مع من استيقظ يوم "الاثنين الكبير" على فعل "العبور الكبير"، لردع عدو ومحتل.

ملاحظة: ربما أخطأت قوى قطاع غزة السياسية تأجيل فعاليات الإرباك في يوم "العبور الكبير"...ما كان لها أن تتوقف الا أذا كان ذلك "شرطا" للمنحة القطرية...ولهيك بنقول لهم "بولوا في سراويلكم"!

تنويه خاص: يمكن غالبية الفلسطينيين أصابتهم كآبة من تهاني الرئيس عباس لرئيس دولة الكيان ووزير جيشها..ومعهم كل الحق، بس كمان هو "انتقم" من تجاهل بينيت ولابيد له، فردها لهم وإن كان بضربة كتف مش ضربة في الوجه!