أيها العرب الاعزاء، لقد قمتم برفع الرؤوس اكثر من اللازم

حجم الخط

هآرتس – بقلم عودة بشارات

ذات يوم في احد معسكرات الجيش النائية طلب القائد من احد الجنود أن يبحث له عن علبة ثقاب كي يشعل السيجارة. وبعد مرور وقت عاد الجندي خالي الوفاض. الضابط الغبي قال بخيبة أمل: “ما العمل، قم باطفاء الشمعة واذهب للنوم”. في اسرائيل المؤسسة غير غبية، فهي تعرف جيدا أنه بواسطة الشمعة يمكن اشعال السيجارة واضاءة الطريق ايضا لمحاربة الجريمة في المجتمع العربي. ولكنها بدلا من ذلك تقوم باطفاء جميع الشموع التي توجد بكثيرة في جعبتها، وتحكم على العرب العيش في ظل الرعب والدم والدموع. 

الشمعة مشتعلة، صبح مساء، اثناء الاحداث في بداية شهر أيار، عندما اعتقل وسجن آلاف العرب، الذين في معظمهم لم يكونوا مشاركين فيما حدث. ويمكن أن نضيف الى ذلك التقارير عن التعذيب في مراكز الشرطة. ولا يقل عن ذلك اهمية هو أن الشمعة الامنية تعمل ساعات اضافية، الى درجة أن الناس من كل ارجاء العالم يأتون كي يتعلموا هنا كيف تتم محاربة الجريمة. ولكن بالضبط في المكان الذي يكون فيه مطلوب القيام بعمل صارم، الشمعة انطفأت. الشرطة مخصية وتتلعثم وعاجزة. يمكننا أن نفهم من ذلك أنه طالما أنك تستخدم العنف وتطلق النار وتأخذ الخاوة فأنت محصن. صحيح أنه من غير اللطيف أنك قتلت ببضع رصاصات جارك، لكن هذا غير فظيع. ولكن اذا شاركت في مظاهرة، والاسوأ من ذلك اذا رفعت فيها لافتة، فأنت يمكن أن تجد نفسك وراء القضبان. 

قبل فترة طلبت شخصيات رفيعة في المؤسسة الامنية أن يدخل الشباك الى خضم الامور، وأن يقوم بشن حرب ضروس ضد الجريمة في المجتمع العربي. بعد ذلك تم تدشين قسم “سيف” في الشرطة، الذي جميعه مخصص لمحاربة الجريمة. الآن يتحدثون عن وحدة مستعربين. ليس فقط يتحدثون، بل إن صور اعضاء الوحدة تملأ الشبكات الاجتماعية. جيمس بوند استوطن عندنا. العرب يقولون بخيبة أمل “من كثرة الطباخين احترقت الطبخة”. حسب الاستعداد والبرامج فقط ما ينقصنا هو أن يطلبوا من العرب اخلاء بيوتهم من اجل ضمان فضاء عمل مناسب للشرطة في حربها المقدسة هذه. بعد ذلك ربما يفرضون على العرب أن يهتفوا “اسمحوا للشرطة بأن تنتصر”.

عند الابتعاد عن الجبل نحن نراه بشكل اوضح، والصورة من بعيد تكون مخيفة جدا. مثلا، في مناطق ج اسرائيل تترك الفلسطينيين تحت رحمة المستوطنين، الذين من خلال التعاون الجريء بينهم وبين الجيش يهدمون البيوت ويطلقون النار ويقتلون الابرياء ويصادرون صهاريج المياه في حرارة الصحراء اللاهبة. في المقابل، في الجانب الاسرائيلي، جانب القانون والنظام، فان مهمة القتل والقتل ومرة اخرى القتل، دون حساب، ملقاة على منظمات الجريمة. المشاغبون يتغيرون ولكن المايسترو هو نفسه. والنتيجة ايضا هي نفس النتيجة، حياة العرب هنا في مناطق ج تحولت الى جحيم. هكذا يمكن أن يخرج الحلو من المر، وأخيرا يتحقق شعار “ارض بدون شعب”.

من المهم الانتباه الى أن تصعيد العنف في المجتمع العربي، فقط في الاسبوع الماضي قتل ثمانية اشخاص، يحدث في الوقت الذي ينفعل فيه الكثيرون من تحسن مكانة العرب في اروقة الحكم. من جهة نحن سنرفعكم درجة اخرى في السلطة ومن جهة اخرى سنهتم بأن تغرقوا في حمام الدماء. ألم يحن الوقت لنسأل لماذا بالتحديد بعد تشكيل حكومة بمشاركة حزب عربي ارتفع عدد القتلى الى هذا المستوى؟ كل سلطة يوجد لها جانب مظلم، مرة يضعف ومرة يتقوى. فهل الجانب المظلم رفع رأسه الآن؟.

في هذه الاثناء، بينما كان المجتمع العربي يقع في خضم القتل فانه يسجل انجازات رائعة في العلوم والفنون والتكنولوجيا المتقدمة والاقتصاد. وعندما تنظر الى المحيط تسأل من أين جاء كل هذا الشر. من المستحيل أن لا نستنتج بأن هناك يد موجهة تعمل على موازنة الصورة. أيها الاعزاء العرب، لقد رفعتم الرأس اكثر من اللزوم وقد حان الوقت لطأطأته حتى عن طريق الالاعيب. وقد حان الوقت كي تدركوا من هم اسياد البلاد.