أعرف يوسف حاييم بن دافيد شخصيا. نحن لا ننتمي للجيل ذاته (هو أصغر مني)، ولا ننتمي للواقع الاجتماعي ذاته (هو مستوطن متدين من غيفع بنيامين وأنا علماني من المركز)، وبالطبع لا نتبنى الايديولوجيا ذاتها. لكن بن دافيد هو جزء لا يتجزأ من حياتي. بصفتي شخصا يهوديا وصهيونيا لا يمكنني التحرر للحظة من العمل الذي قام به في ليل 2 تموز 2014 مع اثنين من الفتيان، حيث خرج لصيد انسان. لقد اصطاد انساناً وأحرقه وهو على قيد الحياة. وحقيقة أن الفتى محمد أبو خضير كان صغيرا ويبلغ 16 سنة من عمره تزيد الامر صعوبة. لقد اصطاد وأحرق محمد أبو خضير فقط لكونه عربيا، وهذا يزيد من مسؤوليتي عن الجريمة. فمعرفة أن ابن شعبي ودولتي نفذ جريمة وعملا ارهابيا فاشيا ضد ضحية بريئة، لا تترك لي مجالا للراحة. لا أعرف من هم القتلة في دوما، وأفترض أننا لا ننتمي للجيل أو البيئة الاجتماعية ذاتها ولا نتبنى الايديولوجيا ذاتها، لكن القتلة في دوما هم جزء لا يتجزأ من حياتي. بصفتي يهوديا واسرائيليا وصهيونيا لا يمكنني التحرر للحظة من العمل الذي قاموا به في ليل 31 تموز 2015، حيث قاموا بإلقاء الزجاجات الحارقة إلى داخل منزل عائلة دوابشة. وحقيقة أن الزجاجة الحارقة أحرقت الرضيع علي ابن السنة والنصف ووالده سعد ووالدته رهام، فقط تزيد من فظاعة الجريمة. وحقيقة أن أحمد دوابشة ابن الاربع سنوات أصيب بحروق شديدة في تلك الليلة وهو يكبر الآن في عالم لا يرحم دون والديه، تُضاعف المسؤولية تجاه الجريمة الفظيعة، ومعرفة أن أبناء شعبي ودولتي نفذوا عملا ارهابيا فاشيا ضد أبرياء، تقلقني ولا تدعني أرتاح. الاسبوع الماضي كان اسبوع الارهاب اليهودي. في البداية صدر أم لم يصدر قرار الحكم في قضية قتل محمد أبو خضير (بن دافيد حظي بتمديد غريب)، بعد ذلك تم اصدار قرار الحكم حول إحراق المدرسة ثنائية اللغة في القدس (ثلاث سنوات سجن)، وفي النهاية – المفتش العام التارك بنتسي ساو عبر عن تفاؤله بخصوص امكانية حل لغز القتل في دوما. هذا تزامن صدفي مصيري وضعنا مجددا أمام الاحداث الاكثر ظلامية في السنتين الاخيرتين. وخلال ايام معدودة وجدنا أنفسنا وجها لوجه أمام القوات الاكثر تخويفا، التي خرجت من بين ظهرانينا وهاجمت جيراننا وشوهت وجوهنا. نحن نعلم الآن: قام من بين الشعب اليهودي في "ارض اسرائيل" عدد قليل من الاشخاص اخلاقهم مثل اخلاق "داعش" وافعالهم مثل افعال "ليلة البلور". يجب عدم التعميم بأي شكل من الاشكال. فدولة اسرائيل في نهاية المطاف هي دولة ديمقراطية واخلاقية وعادلة. حقيقة: خلافا للتشويهات فان الجهاز الرسمي يعمل بشدة ضد الارهابيين اليهود. ويجب عدم التفريق بأي شكل من الاشكال: ظواهر ردود الفعل الدموية توجد ايضا في الولايات المتحدة واوروبا (حرق الافارقة الأميركيين في كنيسة شمال كارولينا، القتل في عيادة الاجهاض في كولورادو والمذبحة الجماعية في جزيرة في النرويج). لكن في هذه الحالة لا يوجد عزاء عند قتل الآخرين. نحن كيهود، كاسرائيليين، وكصهاينة لا نستطيع التعايش مع تزايد البربرية من انتاج البلاد. وكيهود واسرائيليين وصهاينة علينا اقتلاع السيئين من اوساطنا. حان الوقت ليلقي رئيس الحكومة خطابا للأمة يكون كله عن الاخلاق. حان الوقت لتوضح الحكومة أن مصير المخربين اليهود هو كمصير "المخربين" الفلسطينيين. الفاشية هي فاشية هي فاشية. في هذه اللحظة المتدنية علينا الاتحاد من وراء مقولة واضحة: لن ينجح الارهاب حتى لو كان يهوديا.
عن "هآرتس"