علِّموا العالم لغة الصمود والصبر

التقاط.PNG
حجم الخط

بقلم:امان السائح

 

‎16 عاما انتظرت خطيبها الى حين الافراج عنه من قبل الصهاينة ،تهمته حب الوطن والدفاع عن كرامة الشعب الفلسطيني، وقصتها أنها توسمت في ذاتها الوفاء والحب والعشق، وانتظرت ليس شهرا او عاما بل 16 عاما كل عام بـ 12 شهرا، واستجمعت قواها وحبها وصبرها وقصص وطن يحمل بين ثناياه شعبا لا يموت ولا يقهر، وواصلت الصبر والانتظار لتحمل راتبه الشهري الذي يحول لها، وفاجأته بشراء بيت الزوجية لهما، ليكون السند والمظلة والحب والأمان .

انتظرته تلك السنوات في حالة من عدم التصديق، بأنه لا يزال هنالك بشر بهذا الحجم من التضحيات ،ولا زال هنالك انتظار بحجم الوطن، وأن ابنة الـ 16 عاما والتي ارتبطت بهذا الانسان، بقيت تنتظر طيلة هذه السنوات، وتعيش حالة الحب خلف القضبان، وتقتات على الفرح، واحتساء القهوة، وتناول وجبة الغداء او العشاء مع خطيب غائب خلف القضبان، ينتظر فرحا من خطيبة تأتي ملفحة بحر الطقس والحواجز، وابراز الهوية، ومضايقات الاحتلال المتكررة ، لتقف تشاهد ملامحه المتعبة، خلف ثقوب صغيرة، لا تمكنها حتى من لمس اصابعه لتشعره بالأمان، وبأن الغد أجمل !

تلك الفتاة التي يجب أن تلهم الكون بأسره، كيف صبرت، وكيف انتظرت، وكيف عاشت اللحظة،وكيف امتهن اهلها، حرقة انتظار صبيتهم، وهم يرونها تكبر يوما بعد يوم، بانتظار مجهول، لأن البشر في حضرة الاحتلال مبهم مستقبلهم، لكنها صبرت وانتظرت وحملت لخطيبها المعتقل هدية البيت الذي سيسكنون فيه مدى الدهر بمشيئة الله .

انها الفلسطينية يا سادتي الكرام، انهم الشعب الذي لا يشبه احدا، انهم ركن القسوة والصبر والتمرد، انهم الذين يصيغون قصص الخيال، لتتحول الى حقيقة ملموسة، انهم من وزعوا على العالم تحديات ونضالا، وجهادا، ومقاومة، لا يمكن ان ترى بالعين المجردة، فهي بين جنبات قلوبهم، ومع سريان دمهم، وفي خلايا دماغهم، انهم الذين يرسمون حياتهم بريشة من نار، ونفَس من قهر، والأهم وهج من روح حياة لا يتوقف.

كيف بهم أن ينقلونا الى عالمهم ! كيف لنا أن نتعلم منهم، وكيف بنا أن نقرأ ملامحهم، لنقهر ترف الحياة فينا، وعدم الرضا عن تفاصيل صغيرة تافهة، وأن نؤمن أن ما نملكه هو عطاء الله، وعلينا أن نستمتع به، ونسعى دوما لزيادته بالعمل والإيمان والصبر .

انهم رسائل وطنية منحوها لنا دون ثمن، فهم يدفعون الباهظ، ونحن نتلقى الدروس والعبر، ونرفع ايدينا الى السماء ليحميهم ويثبتهم .

انك صابرة ايتها الصبية التي ارتبطت بعمر الـ 16 وتزوجت بعمر الـ 32 لأن هذا الحبيب، كان يدفع هنالك خلف القضبان ثمن الوطنية والمقاومة، والمبدأ ..

خرج وهدية الحياة تنتظره تلك التي يجب ان يمنحها كل الحياة ويمنحها الحب والدفء والامان، وهي كذلك، فقد فقَد داخل غياهب السجون كل مقومات حروف الحب، لكنه انهى فترة اعتقاله ليجدها أمامه ..

افلا نتعظ ، ونتعلم ، ونصبر، ونعلم أجيالنا معاني الثبات، والصبر، والايمان بالقدر، أيمكن ان نتصور ابناءنا بهذا القدْر من الصبر، وبناتنا وذووهم لا يصبرون أشهرا ليرتب العريس اموره، فكيف بانتظار 16 عاما!!

شعب يوزن بعظمته كل شعوب الدنيا، فما زال يواصل مقاومته، ولا زال يمنحنا قصص النضال، ولا يزال يثبت للعالم، بأنه أصل كل الحكايات، وأن ارادته لن تموت ما دام في قلبه نبض، وتلك حكاية صبية من أصل مئات القصص، فعلِّموا العالم حكايات الصبر والنضال .. عن “الدستور الاردنية”