التصعيد القادم يمرّ عبر بوابات السجون الإسرائيلية

يواف ليمور.jpeg
حجم الخط

بقلم: يوآف ليمور



يصبح الهروب من السجن، كما هو متوقع، حدثاً استراتيجياً. ما بدأ كخلل رهيب وغير معقول في مصلحة السجون، يهدد بإشعال عموم السجون الأمنية، بل يهز الاستقرار الأمني في الضفة، في غزة، وربما ايضا في المدن المختلطة. المسؤولية الكاملة عن القصور تقع على كتفي مصلحة السجون. قائمة مواضع الخلل لديها طويلة على نحو مخجل: حقيقة أنها لم تعرف عن المبنى الإشكالي للسجن؛ والموافقة التي اعطيت للسجناء في خطر عال ليسكنوا معاً، رغم ماضيهم المشترك في حفر النفق في السجن ذاته قبل بضع سنوات؛ وغياب المعلومات الاستخبارية عن الخطط، الحفر، والتنفيذ؛ وغفو السجانة؛ والتلبث منذ لحظة وصول المعلومة الاولى من الشرطة عن أشخاص مشبوهين ظهروا في مجال السجن، وبعد ذلك الصعوبة في العد الأولي للسجناء؛ والإذن الذي أعطي لزكريا الزبيدي بان ينتقل من الغرفة؛ وانزال السجناء في السجن الذي يوجد في منطقة سكنهم وعدم الحرص على تغييرات متواترة في تركيبة الغرف والاقسام؛ وانعدام التجربة الاولية لقادة وضباط الاستخبارات في عملهم؛ وفوق كل شيء، عدم تحمّل المسؤولية.
الموضوع الأخير يشهد على ثقافة تنظيمية فاسدة، وعلى فهم مشوه للواقع. أخطأت الفريق سجون المتقاعدة، اوريت اداتو، حين قالت في مقابلة تلفزيونية في العيد بأن المأمورة الحالية، كيتي بيري، لا ينبغي ان تستقيل، فالمرء لا يستقيل بسبب حدث عملياتي. هذا ليس حدثاً عملياتياً بل خلل مدوّ، وإهمال يدل على تعفن عميق في مصلحة السجون. عفن يستوجب نفضاً شاملاً للمنظومات. وفي صالح مصلحة السجون يجب أن يقال إنها جهاز يعاني النقص (وان كان ليس في ذلك ما يشرح سلسلة القصورات). السجون قديمة ومكتظة، والقوى البشرية فيها بعيدة عن ان تكون مناسبة للمهمة. والأسوأ من ذلك، من يسيطر في السجون الأمنية هم السجناء وليس الدولة. هذا خلل يستوجب إصلاحاً. والآن جاء موعد ذلك.
رغم الخوف من الاضطرابات (التي بدأت منذ الآن) في السجون، ورغم الخوف من التأثير على الوضع الأمني العام، حان الوقت لتنظيم الأمور في السجن واستعادة السيطرة الإسرائيلية. ان الحكم الذاتي الذي يحظى به السجناء الامنيون أمر هاذٍ: من الهواتف الخلوية التي يستخدمونها لتنسيق العمليات، عبر تحديد تركيبة الغرف والأقسام، وحتى اليد الحرة في اعداد الطعام وتوزيعه. السجن منتجع حقيقي، وسعى غير قليل من وزراء الأمن الداخلي لإصلاح ذلك وتراجعوا. هذه خطوة ينبغي أن تتم بقرار حكومي منذ الصباح، بالتوازي مع مطاردة "المخربين" الهاربين. ستة اشخاص يحتاجون الى المساعدين، الى الغذاء، والى اماكن الاختباء كي يبقوا على قيد الحياة، وكل هذا يخلق غير قليل من المعلومات. السيطرة العالية لقوات الامن في الميدان – مضافاً اليها قدرات تكنولوجية متطورة – يفترض أن تجعل فرصهم في الفرار لزمن طويل هزيلة. ومع ذلك، فان جهاز الأمن مطالب بأن يتأكد من أنهم لا ينجحون في التملص الى الأردن، حيث سيحظون بالحصانة. وبالذات الفرار الى "المناطق" سيسهل القبض عليهم، بل سيقلل الخطر (الذي يبدو هامشياً في هذه اللحظة) في ان يحاولوا المس بمواطنين إسرائيليين. ينبغي أن نأخذ بالحسبان بأن القبض عليهم سيثير قدراً معيناً من العنف في "المناطق" – ولا سيما في جنين – وبالتأكيد إذا قُتلوا اثناء الاعتقال.
في مثل هذه الوضعية من شأن "الجهاد الاسلامي"، الذي ينتمي خمسة من الهاربين الستة لصفوفه، ان يطلقوا الصواريخ من غزة على سبيل التضامن. وضعت أجهزة الدفاع الجوي منذ الآن تحت التأهب العالي، ولكن على إسرائيل أن توضح لـ "حماس" بأن إطلاق صواريخ كهذا سيُرد عليه بحدة. رسائل مشابهة عليها ان تنقلها ايضا الى السلطة الفلسطينية. صحيح أن السلطة لا يمكنها أن تعمل بحرية في الموضوع؛ لأن ملف السجناء يوجد عليه اجماع تام في الشارع الفلسطيني، ولكن مصلحتها هي الحفاظ على الهدوء خوفاً من عنف محتمل يوجه ضدها أيضاً، وبالتأكيد في جنين، حيث توجد، على اي حال، مؤشرات غير قليلة على الفوضى.
اذا ما نشب عنف حقاً – وفرضية العمل يجب أن تكون أنه سينشب – على إسرائيل ان تعمل على الفصل الفوري بين الساحات، والحفاظ على الهدوء في المدن المختلطة. هذا هو الدرس الأساس من حملة "حارس الاسوار"، ومصلحة أولى في سموها، وذلك ايضاً كي تتحول مهزلة الهروب من سجن جلبوع الى درس سلبي لكل من يتسلى بافكار مشابهة في المستقبل.

 عن "إسرائيل اليوم"