بالفيديو: هل تعتبر "المرأة المجهضه" قاتلة في الاسلام

بالفيديو: هل تعتبر "المرأة المجهضه" قتله في الاسلام
حجم الخط

رام الله - وكالة خبر

حكم الإجهاض قبل نفخ الروح من الأحكام الشرعية التي لا بُد من معرفتها، حتى لا يقع الإنسان بالحرام دون علم منه، وقد يكون الإجهاض لأسباب متعددة وعندها قد يختلف حكم ذلك؛ ولهذا سنتعرف في موقع المرجع على حكم الإجهاض قبل  وبعد نفخ الروح، وما حكم الإجهاض إن كان من الزنا، وما دية الجنين قبل نفخ الروح، وما هي كفارة إجهاض الجنين عمدًا .

حكم الإجهاض قبل نفخ الروح
اختلف الفقهاء في حكم الإجهاض قبل الأربعين، وقد ذهبوا إلى القول بجوازه؛ كلٌ من الحنفية والشافعية وهو القول الراجح عند الحنابلة،حيث قال ابن الهمام: “يباح ما لم يتخلق شيء منه، ثم في غير موضعٍ قالوا: ولا يكون ذلك إلا بعد مائة وعشرين يومًا، وهذا يقتضي أنهم أرادوا بالتخليق نفخ الروح وإلا فهو غلط؛ لأن التخليق يتحقق بالمشاهدة قبل هذه المدة”،
وقال المرداوي: “يجوز شرب دواء لإسقاط نطفة”، وكان قد ذكره في الوجيز، وعلى قول ابن عقيل في الفنون: “أنه يجوز إسقاطه قبل أن ينفخ فيه الروح”، ثم قال ابن رجب: “النُّطفة، فإنَّها لم تنعقد بعدُ، وقد لا تنعقدُ ولدًا”، أما المالكية فذهبوا إلى عدم الجواز مطلقًا بالإجهاض قبل نفخ الروح، وهو قول لبعض الحنفية وبعض الشافعية وبعض الحنابلة، وإن بعض من الفقهاء من قَيًّد الجواز بالعذر وعلى إجماع كبار العلماء فقالوا:

لا يجوز إسقاط الحمل في جميع مراحله؛ إلا لمبرر شرعي وفي حدود ضيقة محددة.
إذا كان قبل نفخ الروح وهي مدة الأربعين يومًا، وكان في إسقاطه مصلحة وضرورة شرعية جاز إسقاطه.
وعليه؛ فإنه لا حرج من إسقاط الحمل إذا كان لمسوغ أجمع عليه الشرع الطب للمرأة.[1]

حكم الإجهاض بعد نفخ الروح
أجمع فقهاء المذاهب الأربعة على حرمة قتل الجنين؛ أي إجهاضه بعد نفخ الروح، وهذا بعد مرور مائة وعشرين يومًا، منذ التلقيح، ويكون إجهاض الجنين بعد نفخ الروح بحكم القتل؛ وعلى أي حال من الأحوال إلا إذا كان استمرار الحمل يؤدي إلى وفاة الأم، وعليه فإن الخلاف بين الفقهاء على حكم الإجهاض قبل الأربعين، أما بعد نفخ الروح فكل الفقهاء مجمعون على أن الجنين قد أصبح نفسًا لها كرامتها، حيث قال تعالى: {وَلَقَد كَرَّمنا بَني آدَمَ}،[2] وقال سبحانه وتعالى: {مَن قَتَلَ نَفْسًا بِغَيْرِ نَفْسٍ أَوْ فَسَادٍ فِي الْأَرْضِ فَكَأَنَّمَا قَتَلَ النَّاسَ جَمِيعًا وَمَنْ أَحْيَاهَا فَكَأَنَّمَا أَحْيَا النَّاسَ جَمِيعًا}،[3] وقد ذكر ابن جزي في قوانينه الفقهية حيث قال: “وإذا قبض الرحم المني لم يجز التعرض له، وأشد من ذلك إذا تخلق، وأشد من ذلك إذا نفخ فيه الروح فإنه قتل نفس إجماعًا “، وهكذا يتبين أن الإجهاض بعد نفخ الروح، ما هو إلا جريمة لا يجوز الإقدام عليها إلا في حالة الضرورة القصوى مع التيقن منها.[4]

حكم الإجهاض من الزنا
إن الزنا كبيرة من الكبائر، وقد ينتج عنه حمل ويتسبب بمشكلة تجعل الإجهاض حلًا لها، فنقول إن وقع الزنا كرْهًا، وكان الحمل لم ينفخ فيه الروح -أي مدة أربعين يومًا، وكان بقاؤه يؤثر على صحة هذه المرأة بأمر لا يمكن تحمله، أو أنه سيجلب العار والخزي لها، أو أنه قد لا تكون هنالك رعاية اجتماعية للجنين، فنقول أنه يمكن للمرأة الإجهاض في هذه الحالة، وما دام الجنين لم تنفخ في الروح، أما إن أصبح الحمل لمدة بعد نفخ الروح، وقد بلغ الأشهر؛ فلا يجوز إسقاطه بإجماع أهل العلم، حيث يكون الإجهاض في هنا قتلًا للنفس.

وقد ذهب كثيرون من أهل العلم إلى عدم الجواز للحامل من الزنا في الإجهاض في حالة وقوع الزنا عن رضا منها؛ لأن ذلك من شأنه أن يفتح باب الرذيلة والفاحشة والفساد في المجتمع؛ وكان دليلهم بأن من قواعد الإسلام تحريم الفاحشة، وكل الطرق التي تؤدي إليها، ولأن في ذلك إعانة لتلك المرأة على معصيتها، والتيسير الطريق لها للخلاص من فعلتها الشنيعة، حيث قل الأستاذ الدكتور عبد الفتاح إدريس: “ولو كان يجوز إجهاضُ الجنين بِقَصْدِ التستُّر على فاحشةٍ اقْترفَتْها أمُّه لأمَرَ رسول الله صلى الله عليه وسلم الغامديَّةَ بإجهاضِ جنينِها، ولم يأمُرْها بالاهتمام به حتى تتوافر له أسبابُ الحياة مستقلاًّ عنها، أمَا وقد أمرها بالاهتمام به فهذا يدلّ على حرمة إجهاض الجنين للتستر على الفاحشة؛ لأن الأمر بالشيء نهيٌ عن ضده، ولا يُعَدُّ إجهاض الجنين في هذه الحالة من قبيل الإجهاض لعذر، ومن ثَمّ فإن إجهاضه في هذه الحالة يقتضي الإثم ويوجب الضمان”.[5]

كفارة إجهاض الجنين عمدًا
ذكرنا أن الإجهاض بعد نفخ الروح محرم بالإجماع؛ لأنه قتل للنفس البشرية التي حرم الله بغير حق، ومن الجدير بالذكر أن التحريم يزداد ويعظم الجرم إذا كان ذلك لدفع فاحشة الزنا، وأما ما يترتب على كفارة الإجهاض فقد أجمع الفقهاء على أن الجنين إذا انفصل ميتًا فإن في ذلك الغرة، ويقصد بها: عبد أو أمة يبلغ مقدار قيمتها عُشْر دية أمه، وأما إذا انفصل حيًا فمات ففيه الدية والكفارة معًا، ولا يرث الجاني من الدية والغرة في الحالتين؛ لأنه قاتل، وإنما تكون ورثته لبقية الورثة، ولكن الفقهاء اختلفوا بأنه هل يكون في انفصاله وهو ميتًا كفارة أم لا؟ وعليه فقد ذهب الشافعية والحنابلة إلى وجوب الكفارة وهو الأقرب، وذهب الحنفية والمالكية إلى عدم الوجوب، وعليه؛ وإن كان هنالك شريك في الإجهاض وكانت المساعدة مباشرة الإسقاط فيكون عندها شريك في الغرة، وتجب عليك الكفارة، وقد نص على ذلك الشافعية والحنابلة على أنه إذا اشترك اثنان فأكثر في الإسقاط فإن الغرة بينهم وعلى كل واحد منهم كفارة، وإن كانت هنالك مساعدة لكنها مقتصرة على مجرد إعطاء الدواء للمرأة من أجل الإسقاط، فإن الواجب في ذلك هو التوبة فقط من غير كفارة.[6]

دية الجنين قبل نفخ الروح
إن دية الجنين عشر دية أمه، ونقول أن الدية تجب إذا خرج الحمل عن طور النطفة، وذلك بعد مرور أربعين يومًا، ويكون قد دخل في الأربعين الثانية، فإذا تيقنت المرأة أن الجنين بلغ عمره عند الإجهاض ما ذكرناه ففيه الدية، وأما إن شككت في بلوغه ذلك لم تجب الدية؛ لأن الأصل براءة الذمة فلا تشغل بالشك، وقد نص الفقهاء: “لَوْ قَتَلَ حَامِلًا لَمْ يَسْقُطْ جَنِينُهَا، أَوْ ضَرَبَ مَنْ فِي جَوْفِهَا حَرَكَةٌ أَوْ انْتِفَاخٌ، فَسَكَّنَ الْحَرَكَةَ وَأَذْهَبَهَا، لَمْ يَضْمَنْ الْجَنِينَ لأنه لا ضمان بالشك”، والدية هنا يمكن أن تقدر بالذهب أو بالفضة، أو ببهيمة الأنعام من الإبل أو البقر أو الغنم، فإذا كانت أمه حرة مسلمة فدية الجنين تقدر بواحد مما يأتي:

الإبل: دية الجنين تساوي خمسًا من الإبل؛ لأن دية أمه خمسون من الإبل.
الذهب: دية الجنين تساوي خمسين مثقالًا من الذهب؛ لأن دية أمه خمسمائة مثقال.
الفضة: دية الجنين تساوي ستمائة درهمًا من الفضة؛ لأن دية أمه ستة آلآف درهم.
البقر: فإن دية الجنين عشر من البقر؛ لأن دية أمه مائة بقرة.
الغنم: فإن دية الجنين مائة من الغنم لأن دية أمه ألف شاة.
أما أذا كان الطبيب هو الذي تولى عملية الإجهاض بطلب من أبوي الجنين، فإن الطبيب هو المطالب بدفع  هذهالدية؛ لأنه هو المباشر، والأبوان متسببان في القتل، والدية إنما تجب على من باشر الإجهاض دون من تسبب فيه؛ لما تقرر عند الفقهاء أنه: إذا اجتمع التسبب والمباشرة اعتبرت المباشرة، وما دام الأبوان هما من تسببا في إسقاطه فإنهما لا يرثان من ديته، وتدفع الدية إلى ورثة الجنين دون الأب والأم.[7]

ومن هنا نكون قد وصلنا إلى ختام مقال حكم الإجهاض قبل نفخ الروح وتعرفنا على جواز الإجهاض قبل الأربعين يم إن كان هنالك حاجة ضررية، وتعرفنا على حرمة الإجهاض بعد نفخ الروح وعلى الكفارة وحكم الإجهاض بعد الزنا، وعليه فعلى المرأة أن تحذر بأن تكون سببًا في قتل نفسًا بشرية، عليها الحفاظ على نفسها وذريتها.

شاهدوا الفيديوهات: