الارهابي الكبير ينبش في حاوية القمامة

0A4A0983-323E-4040-98A0-60987A26316C-e1608481804606.jpeg
حجم الخط

هآرتس – بقلم جدعون ليفي

صورة الانتصار الكبير لاسرائيل تساوي ألف كلمة: “العقل المدبر” للهرب والكبير من الجهاد الاسلامي، ينقبون في حاوية القمامة بحثا عن الطعام. زكريا الزبيدي، المذعور، يقاد الى سيارة الشرطة ووجهه منتفخ من الضرب. “اخفض رأسك”، تأمره الشرطية بطلة الساعة. اثنان تم اعتقالهما بين حاويات القمامة واثنان بين الشاحنات. الهرب الذي هدد باشعال الشرق الاوسط، أو على الاقل الضفة والقطاع، انتهى بحاوية قمامة وشرطي يقوم بخلع حذاء وجوارب شخص مقيد كان يشكل خطر وجودي على دولة عظمى اقليمية. 

بمرة واحدة خرج الهواء من بالون التخويف: هم سينفذون عملية كبيرة، هم مسلحون، هم سيهربون الى الاردن أو لبنان وربما الى افغانستان، تنتظرهم مساعدة من الخارج، مسار هرب ومسار ارهاب. هم خطيرون جدا، ودقيقون جدا ومسلحون جدا. الاستوديوهات تفجرت من الرعب المستمر وممن يقرأون البيانات والرسائل الامنية، الذين نطلق عليهم اسم “مراسلون عسكريون”، ومن الجنرالات والمفتشون والمطلعون ومن يعرفون كل شيء. الرسالة الثابتة هي: التخويف، التخويف والتخويف. هذا جيد من اجل زيادة نسبة المشاهدة، وهو جيد لمن يعبدون الامن. أي تخويف هو المزيد من اعطاء الاهمية للذات. وأي تخويف هو ايضا زيادة في الميزانية. 

التخويف يحرر الاسرائيليين من أي شك ويعفيهم من أي سؤال. في ظل التخويف كل شيء مسموح. اذا كان الامر خطير جدا فنحن على حق. اذا كان فقط مسموح لطرف واحد أن يسفك دماء الطرف الثاني؛ اذا فقط كان هناك عقاب على سفك الدم اليهودي وسفك دم الفلسطيني تقريبا لا يعاقب عليه أي أحد،  لأن التخويف يعفي من أي تساؤل. التخويف يحررنا من الحاجة الى العدل والمساواة. واذا تم رفع الحصار عن قطاع غزة فاسرائيل ستدمر؛ واذا تم احترام حق العودة فان الكارثة ستعود، واذا لم يتم اعتقال السجناء فستأتي نهاية العالم.

الشياطين التي هربت من الزجاجة تمت اعادتها بسرعة من قبل الشباك والوحدة الخاصة في الشرطة ووحدة الدورية الخاصة في الشرطة وحرس الحدود. كان يجب اعتقال الفارين، رغم أنني أملت أن لا يتم ذلك. ولكن كان يمكن ايضا بدون حملة التخويف منهم ومن عرب اسرائيل الذين سيتعاونون معهم ومن جنين الموبوءة. هذه الطريقة تم اختبارها: قم بتهويل الخطر وأنت ستصبح بطل. سلاح الجو يقصف “قيادة الكوماندو البحري” في غزة – حسكة وجهاز تنفس – الجيدون للطيران. الدبابات تقصف “قيادة ارهاب حماس” – كوخ من الصفيح وكرسي بلاستيكي – ترنيمة التمجيد للمدرعات. “قوة دفدفان قامت بتصفية كبير في حماس – شاب ابن 17 – يتم توزيع اوسمة الشجاعة. العدو الذي يقف امامنا هو متطور جدا ومسلح وقاس، الذي فقط الابطال لدينا يمكنهم التغلب عليه.

لكن الصورة معكوسة. ففي الضفة والقطاع يقف احد الجيوش الاكثر تسلحا في العالم، مع سلاح جو من الخيال العلمي واستخبارات من الافلام، وامامه يقف جيش الحفاة. مئة سنة من داود وجوليات. داود فقط آخذ في الضعف وجوليات ينفجر من القوة. والاسرائيليون يروون لانفسهم قصة. احتياجات اسرائيل الامنية أنتم تعرفونها. ما هذا الحظ لاسرائيل، أن من يقفون أمامها هم الفلسطينيون. في افغانستان المجاهدون اسقطوا طائرات مروحية سوفييتية. في القدس طبيب يقوم بمهاجمة شرطي بسكين لتقطيع البندورة وتم قتله على الفور، رجال الشرطة يدوسون على جثته، في صورة انتصار اخرى.

في صورة واحدة تبدد أمس كل شيء. نظرات المطاردون الذين لم يكن بالامكان أن لا تشعر بالشفقة عليهم ازاء ما ينتظرهم في ما بقي من حياتهم، بالاساس في الايام القريبة القادمة، امام الاحتجاج الجماهيري والتحريض في وسائل الاعلام وشيطنتهم وكل قوات الامن التي تم تجنيدها ضدهم. الآن أصبح من الواضح أنهم هربوا من اجل هدف واحد يائس وهو أن يحظوا بالحرية، رغم أنه لم يكن هناك أي احتمال. أو على الاقل من اجل انقاذ كرامتهم. فقط امر واحد كان يقف الى جانب الفارين الضعفاء والمكبلين والمذعورين والمقموعين وهو العدل. ولكن كما هو معروف هو ليس سلعة تباع وتشترى في هذه الايام، وقيمتها مثل قشرة الثوم.

لذلك، يجب التصفيق لمن قاموا بالاعتقال، ويجب الانضمام لمن يتباكون على أن الزبيدي واصدقاءه لم تتم تصفيتهم. في نهاية المطاف الصورة الحقيقية هي صورة الفلسطيني الذي ينقب في حاوية القمامة بحثا عن الطعام. وهي صورة حزينة، حزينة جدا.