يديعوت : السيسي لا يثق بشريكه الإسرائيلي

حجم الخط

بقلم: سمدار بيري

 

 



لن نعرف تفاصيل محادثات بينيت – السيسي، هذه المرة، والتي جرت، أول من أمس، في شرم الشيخ. منذ الآن صدرت رواية إسرائيلية تحدثت عن طلب بينيت ان تعيد «حماس» جثماني الجنديين والمواطنين الحيين. وكذا أن تستعد إسرائيل لنقل المساعدة إلى غزة، حتى بعد القصف في الأيام الأخيرة.
ماذا تحدثا عن إيران؟ عن نقل الغاز الإسرائيلي من إسرائيل إلى لبنان والذي سيتم عبر مصر؟ ما الذي يفكران به بشأن سورية؟ وبشأن مصادر مياه النيل التي تصب في سد أسوان وتوزيع مياه الشرب على المصريين؟ وبشأن مشاكل «الإرهاب»؟ وعن باقي المواضيع المركبة التي تشغل بال كل واحد من الزعيمين، أو كليهما؟ لن نعرف.
ينبغي التشديد على ان مواقف مصر وإسرائيل بشأن الخطر الإيراني والوضع غير البسيط حيال تركيا ليست بعيدة. اردوغان، كما كرر السيسي ما يعرفه بينيت، يوسع نفوذ تركيا في ليبيا، جارة مصر الغربية. العلاقات مع تركيا سيئة بالنسبة لمصر وإسرائيل أيضا. وبالنسبة لتجفيف مصادر النيل من قبل اثيوبيا طلب السيسي من بينيت، أول من امس، أغلب الظن أن يستغل علاقات إسرائيل الطيبة ويقنع أديس ابابا ألا تمس بضخ مياه النيل الأبيض والأزرق الى مصر.
وتوجد الرواية المصرية للقاء، وبموجبها كان الموضوع المركزي هو أننا ملزمون بالعمل فوراً لخلق اتصالات بين إسرائيل والفلسطينيين، ولا سيما بعد أن تغير الحكم عندنا، عندما يرفع أبو مازن الهاتف ليتحدث مع الرئيس هرتسوغ ويلتقي بيني غانتس، وتأخذ مصر مرة أخرى على عاتقها دور الوسيط الموثق والسيد لسكان قطاع غزة.
أُبقيت الزيارة طيّ السر حتى اللحظة الأخيرة تقريبا. فقد ولدت في 18 آب، عندما التقى وزير المخابرات المصري، عباس كامل، رجل سر السيسي، مع بينيت وسلمه دعوة رسمية. هذه زيارة مليئة بالرموز: رغم الضغوط من جانب بينيت، جرت الزيارة في شرم الشيخ وليس في العاصمة القاهرة، حيث يجري السيسي باقي لقاءاته مع زعماء العالم. ومؤخرا التقى هناك مع الملك الأردني، ومع رئيس السلطة الفلسطينية أيضا.
السيسي، مع خبراته كضابط استخبارات قديم، جمع آخر المعلومات والانطباعات عن بينيت من كل جهة ممكنة: من السفارة المصرية في تل أبيب، ومن السلطة الفلسطينية في رام الله، ومن مسؤولين أميركيين، ومن مبعوثين خاصين، ولم يتوصل بعد الى استنتاج قاطع حول أفكار رئيس وزراء إسرائيل. المعلومات التي وصلت إليه أشارت إلى رفض بينيت العنيد للجلوس مع أبو مازن. لو كان بينيت يبث شيئا آخر لكان السيسي استضافه على الفور في لقاء في القاهرة بمشاركة ملك الأردن، وأبو مازن، وبينيت وهو نفسه.
لقاء كهذا لم يشطب عن جدول أعمال السيسي. في غمزة حادة إلى الأميركيين أوضح، أول من امس، لبينيت انه ينوي عقد «لقاء سلام دولي»، وأضاف بأن «مصر ستجمع كل الأطراف وتقود خطوة ولكن ليس واضحا بعد متى».
ولما كان الحديث يدور عن تعارف أولي وجها لوجه، فان الطرفين يتصرفان بحذر. تصريح وزير الخارجية لبيد عشية اللقاء في موضوع بدء إعادة البناء في غزة استهدف تلطيف الإحساس المسبق، ولكن السيسي لا يزال غير واثق من الشريك الإسرائيلي الجديد. والدليل: لو كان هذا لقاء عاديا الى هذا الحد او ذاك، وليس اختبارا لسمح بوجود وسائل الإعلام. ولكن مستشاري الرئيس المصري قرروا عدم المراهنة. سيجمل السيسي مع بينيت ما سيفيدان به الصحافيين في ختام اللقاء، والباقي يبقى سرياً.
اللقاء، الثنائي (ومع ترجمين)، استمر أكثر من ثلاث ساعات بسبب الحاجة لترجمة أقوال الزعيمين من العبرية إلى العربية ومن العربية إلى الانجليزية. وهذه عملية غير بسيطة. ينظران الواحد إلى الآخر في العينين، وينتظران الترجمة. وأجمل بينيت: «خلقنا بنية تحتية لعلاقة عميقة لمواصلة الطريق».
وبعد كل شيء، هذه زيارة علنية، فيما كان علما مصر وإسرائيل منصوبين خلف الزعيمين. في كانون الثاني 2011، المرة الاخيرة التي التقى فيها رئيس وزراء إسرائيل (نتنياهو) مع الرئيس المصري، لم ينصب إلا العلم المصري. اشتكت إسرائيل، وبعد بضعة أيام من ذلك لم يكن مبارك في الحكم.
العلاقات المدنية بين مصر وإسرائيل، رغم 40 سنة السلام، توجد في المستوى الأدنى. هناك ما يمكن عمله في المجال الزراعي، ومن المجدي توسيع حجم التجارة، ولا ننسى كيف حاول رجال التكنولوجيا الإسرائيليون عشرات المرات الوصول الى «المدينة الذكية» في القاهرة، وعرض التعاون، ورفضوا. من المعقول الافتراض أن شيئا ما سيتغير قريبا. سيدخل السيسي التطبيع رويدا رويدا، سيغمز لكل من يتابع – ولا سيما في الامارات – منظومة العلاقات القديمة. رسالة اولى هي اعادة التعاون الاقتصادي وأربع رحلات جوية أسبوعية من القاهرة الى تل أبيب لشركة الطيران المصرية قريبا.

عن «يديعوت»