تغير مسار السياسة العالمية ما بعد ترامب والحفاظ على الثوابت

حجم الخط

 بقلم : د.اياد دلبح

 

منذ فتره طويلة اتجنب الكتابة حيث ان القارئ من جيل اليوم لا يحب ان يقرأ أكثر من سطر جراء تأثير “السوشال ميديا “. وإذا أردنا ان نكتب الى فئة محددة فإنها تسعي دوما لنقد وجلد الذات والتشكيك أحيانا انه من الاجدر ان نكتب ونشجع الجميع على الكتابة.
تأجيل الانتخابات الفلسطينية
لا انتخابات دون القدس ومن يوافق على اجرائها فهو مع صفقة القرن (تنازل عن القدس والأقصى وكنيسة القيامة) ولا سمح الله ان وافقت القيادة على الانتخابات دون القدس لقال قائل :”أبو مازن” باع القدس بثمن رخيص وهو الذي يقول دوما “لقد بلغت من العمر 83 عاما ولن انهي حياتي الا في قمة التاريخ فيا تاريخ اشهد “.
لقد تم ترشيح 38 قائمة انتخابية قدمت ترشحها الى لجنة الانتخابات المركزية في غزة ورام لله . وهناك قوائم مستقلة واخرى حزبية لا يوجد عندها برنامج سياسي من اجل انهاء الاحتلال الا “فتح” وفصائل (م ت ف) .
نحن نعيش الواقع وعلى اتصال مباشر مع الناس وفئات كثيرة من الشعب. وهناك من نظموا مظاهرات في رام لله من اجل اجراء الانتخابات بدون القدس وهناك من قال “نحن رشحنا أنفسنا ونحن نمثل الشعب”. وكان من الاجدر الالتفاف حول الشرعية الفلسطينية ودعم الرئيس محمود عباس في قرار التأجيل ما ان تكون القدس حاضره في الانتخابات ترشيحا ودعاية وانتخابا .
مما لا شك فيه انه بعد فشل قمة كامب دافيد عام 2000 بين الرئيس الراحل ياسر عرفات وايهود باراك رئيس الوزراء الإسرائيلي الأسبق، اخذت القدس تشهد حركة استيطانية نشطة وقمعا ومضايقات للدخول الى المدينة ومورست كل اشكال القهر بحق المواطنين ومنع المصلون من دخول الأقصى دون سن الأربعين وفرضت قيود اخرى على المسيحيين في اعيادهم . وتوقفت العملية السلمية في ظل شارون الذي قمع واحتل المدن الفلسطينية في الضفة وعمل على انسحاب من طرف واحد من مغتصبات غزة والبعض الاخر في الضفة الغربية عام 2005 . وجاء أيهود أولمرت في ظل ادارة أميركية جديدة “باراك أوباما “وتم عمل تفاهمات بين “أبو مازن” واولمرت لأنهاء الاحتلال وتم إعطاء وعد للرئيس انه في حال إتمام صفقة شاليط لتبادل الاسرى مع “حماس”، فان العدد من الاسرى سوف يكون الضعف ( اتفاق اوسلو الأخ أبو مازن ملتزم بعملية السلام ). وتم الاتفاق مع رئيس الوزراء نتنياهو على الافراج عن 4 دفعات من الاسرى ما قبل أوسلو تقول إسرائيل ان أيديهم ملطخه بدماء . وتم الافراج عن 3 دفعات وبقيت الرابعة الى يومنا هذا . وسجل التاريخ مرة اخرى ان الرئيس الفلسطيني غير قابل للابتزاز ويقول “لن نعاود كرة 48 ولا 67 أيضا “. ورفض سياسة النفي الى غزة وقال :”يعودوا الى بيوتهم والى بلدانهم في القدس و 48 ومنهم عضو اللجنة المركزية لحركة “فتح” المناضل كريم يونس الذي امضى نحو 40 عاما في الاعتقال .هذا الاتفاق تم بواسطة أميركية من وزير الخارجية جون كيري والمرحوم د.صائب عريقات وتم التوصل الى الاتفاق ولكن نتنياهو لا يريد السلام بل يريد اقصاء الشعب الفلسطيني من الخارطة. اذ قال خلال القاء كلمة المعارضة في الكنيست “الخطر هو من ايران وإقامة دوله فلسطينية .”
“إسرائيل على لسان إسحق شامير سوف أفاوض الفلسطينيين 100 عام ولن اعطيهم أي شيء.”
تعزيز الموقف الفلسطيني
القيادة واعية لهذا الطرح واخذت المواقف التي تعطي القضية الفلسطينية الحيوية دون التنازل عن الثوابت .رفع الرئيس “أبو مازن” شعار ( المقاومة الشعبية السلمية) وهي الحامي للمشروع الوطني الفلسطيني في عهد ترامب . قطعت العلاقة مع “م ت ف” مع أميركيا بكل الاشكال وتحالف نتنياهو وترامب على الرئيس “أبو مازن” الذي قال لا والف لا لترامب . كما قال “القدس ليست للبيع” وتسارع المطبعون الى إقامة علاقات ,تجارة طيران سفر مع دولة الاحتلال وحبا في نتنياهو سميت اتفاقيات “إبراهيم” ولأسباب تعود على تدخل البعض الفلسطيني في أمور داخلية لبعض الدول مثل سوريا وليبيا واليمن ومصر، في حين كان موقف “أبو مازن” عدم التدخل في الشأن الداخلي في كل دول العالم وتم انتخاب الرئيس الفلسطيني رئيسا لمجموعة 77 + الصين خلفا لمصر التي تضم 138 دولة من دول العالم ، فلماذا أبو مازن ؟ لأن العالم يرى بشخصه الشجاعة والاخلاص ولانتماء والحكمة والتصلب في الحق. أيضا لا يريدون أي مواجهة مع أميركيا بعهد ترامب فقال الرئيس بكل فخر “انا لها لم تعط شيئا” وانما كسبنا الكثير على مستوى العالم.
الصفقة تكون بين طرفين و بدون الطرف الاخر لا يوجد صفقه يبدا الرئيس أبو مازن خطابه يقول القدس ليست للبيع كطرف مورست عليه كافة اشكال الضغوط التي لم يشهد لها هذا العصر مثيل كان لا بد من صنع البديل الذي يوافق علي الصفقة باسم الشعب فتحركت الجموع وتحالف أعداء الامس للإقصاء الشرعية من فوق الطاولة وتحتها وجاءت الانتخابات لتفضح هذه التحالفات المشبوه التي تخدم اجندة الاحتلال وتم تأجيل الانتخابات وكشف المستور. أتذكر في عام 2011 قامت قناة الجزيرة بعمل مقابلة مع الدكتور صائب رحمه الله واتهمته انه تم تنازل وباع القدس من خلال وثائق مزورة ومفبركة ادعت انها حصلت عليها الجزيرة من احد الذين كانوا يعملوا في دائرة المفاوضات وتصدر المشهد بعد يومين اهتمامات احداث مصر التي نتج عنها تنحي مبارك عن الحكم وتسلم جماعة الاخوان المسلمين يقول المرحوم صائب عريقات لا تعرف من اين سوف يأتيك الخنجر
الشيخ جراح والحرب
أهالي الشيخ جراح وسلوان مطالبون بترحيل من بيوتهم ومنع المصلين من الصلاة في المسجد الأقصى .احتجاجات سلمية في القدس دعم بشري من أهالي 48 تضامن دولي من مختلف دول العالم وقوف واحتجاج سلمي كل يوم في رمضان 2021 ،انتصرنا بمعركة البوابات الالكترونية سلميا عام 2017 واحتار العالم والاعداء هل ممكن للفلسطيني ان يكون هكذا؟
القران والانجيل معا . النصر سوف يكون لنا واخذت نهج المقاومة السلمية التي تجزي دائما ودقت أجراس الكنائس وكان المشهد اسمى مما يتخيله العدو. ولم يعجب نتنياهو ما يحصل في القدس من مصلحة من كسر هذه الجدارية العملاقة؟ سؤال الكل يعرف اجابته مسبقا طبعا الاحتلال الإسرائيلي والاسباب كثيرة .
في الاقتصاد تلجأ الدول للحروب من اجل تغطية عجزها الاقتصادي علما ان الحروب مكلفة ولكن لأطماع اقتصادية تبرر عدوانها .هذا ما حصل في حرب الخليج الاولى والثانية من هنا كان نتنياهو يبحث عن ذريعة لتحويل البوصلة عما يجري في القدس وجد الذريعة في حرب مفتوحة على غزة تعاطف العالم على قتل الأطفال بدون سبب وتعاطف أهالي 48 لأسباب منها:1- إقرار قانون القومية اليهودية 2-عدم وجود قيادة فعالة في الوسط العربي 3- ازدياد الجريمة المنظمة في الوسط العربي 4- صعود اليمين المتطرف ينافس اليمين المتطرف 5- انهيار لليسار المعتدل الإسرائيلي
6- تهديدات المستوطنين 7- سياسة التميز العنصري التي تمارسها بشكل يومي
قامت الحرب لمدة 11 يوما ودمرت المباني والابراج وشرد الاف من الأهالي الى المدارس وقتل الأبرياء وتحصن الإسرائيليون في الملاجئ وتوقف الطيران وتعطل الاقتصاد وضربت المدن إسرائيلية كما ضربت غزة بعنف.
مجلس الامن والجمعية العامة للأمم المتحدة
الذي يعتقد ان مجلس الامن والجمعية العامة للأمم المتحدة تعقد بواسطة ريموت كونترول مخطئ . فلسطين عضو مراقب دائم في الجمعية العامة وعضو في تحالفات اقلمية ودول عدم الانحياز وكانت ترأس مجموعة 77+ الصين. يتكلم الأخ “أبو مازن” مع مندوب فلسطين ويقول له قدم طلبا لانعقاد جلسه الي مجلس الامن لا بد من وقف اطلاق النار فيقوم بدوره بالاتصال بالأعضاء الدائمين وغير الدائمين لعقد الجلسة التي بحاجة الى موافقة 9 اعضاء لانعقادها . ويتم التشاور والعمل والتأجيل والتهديد باللجوء الى الجمعية العامة التي لا يوجد فيها حق النقض الفيتو. هذا هو المجتمع الدولي الذي تمثله فلسطين في المحافل الدولية الذي فيه قرارات لصالح القضية الفلسطينية ويمثل ضغطا من العالم كافة لتوقف إسرائيل سياسة العدوان المفرط بحق أبناء الشعب الفلسطيني .
ان الجهود المصرية لوقف غير مشروط لأطلاق النار وموقف مصر من إعادة الاعمار والرئيس عبد الفتاح السيسي ،لا بد من العودة للمفوضات من اجل انهاء الاحتلال دليل على انه يوجد هناك ضغط دولي لإنهاء الاحتلال (مصر الاتحاد الأوروبي واميركا) .
رحم الله القائد ياسر عرفات الذي كان يقول “اريد هدوء” هناك استحقاقات وهناك انسحاب لإسرائيل من بعض المدن في الضفة ، لا اريد أي اعمال ممكن ان تؤثر على الانسحاب واحيانا يقول اين هم؟؟ اليوم لا يختلف عن الامس؟
تخلل هذه الاحداث لقاء جمع ما بين الرئيس “أبو مازن” ووزير الجيش الإسرائيلي بيني غانتس لمدة 4 ساعات ، حيث وعد الجانب الإسرائيلي بتقديم مساعدات إنسانية للشعب الفلسطيني (لم شمل 5 الاف اسرة فلسطينية ودعم مالي من المقاصة) أيضا تبع ذلك قمة ثلاثية بين فلسطين ومصر والأردن في القاهرة، أكدت على ثوابت لحل الدولتين وفي الأسبوع القادم سوف يتوجه الرئيس للأمم المتحدة لإلقاء خطاب هام وتاريخي لأنهاء الاحتلال ووضع قضية الاسرى في السجون على اوليات المجتمع الدولي ولقاء الرئيس الأميركي جو بادين . ومن دون شك ان هروب اسري نفق الحرية أعاد قضية الاسرى من جديد الى الأجندة المحلية والعالمية .
الخلاصة:
من يريد انهاء الاحتلال وإقامة الدولة الفلسطينية المستقلة على حدود 4 حزيران 67 وعاصمتها القدس الشرقية ان يلتف حول الشرعية والرئيس “أبو مازن” من خلال نهجة وصبره وعدم انجراره الى مغامرات خاسرة واحترام وتقدير العالم له لصلابة موقفه . ولتمسكه بالثوابت أصبح يشكل حالة وفلسفة في النضال الفلسطيني وحظي بدعم واحترام وتأييد من كافة دول العالم من الأصدقاء والاعداء . هذا الرئيس الذي يمثل الكل الفلسطيني لا يقل تأثيره عن أي قوة اقلمية في المنطقة .
وسياسة أيوب فلسطين سوف تنتصر بأذن الله تعالى